363

============================================================

نفير سورة البقرة297 يتحقق التضاد بين العالمين.

ولله تعالى بإزاء العالمين المتضادين عالم في الوسط، ودار هي دار الابتلاء والامتحان ، فيها آخيار وأشرار وأبرار وفجار، وعلوم وجهالات، ومحاسن أخلاق ومقابح أخلاق، قد بعت إليهم الرسل مبشرين ومنذرين، ووجه عليهم التكاليف ليتميز الطيب من الخبيث بها، ويتباين الخير عن الشرير بسببها (ليفلك من هلك عن بئتة ويخيا من حي عن بينة).

فالدار التي كان آدم أبوالبشر فيها هي دار البشرية، وهي ممزوجة من العالمين، والدار التي للملائكة هي خالصة في جانب الخير، والدار التي لابليس هي خالصة من جانب الشر: فذلك قوله: "اهبطوا بغضكم لبغض عدو) وفي موضع آخر: (افبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى )، فالمحبة والعداوة حاصلتان في دار الابتلاء والامتحان، ثم العداوة مع الأعداء دين، كما أن المحبة للأولياء دين؛ فإن الدين هو التبري والتولي، والدين هو الحب في الله والبغض في الله، ولذلك قال تعالى في صفة المؤمنين: (أشداء على الكقار رحماء ينهم).

م قوله: (بغضكم ليغض عدو) إشارة إلى الحكم المفروغ: فإن العداوة بين ذرية آدم و ذرية إبليس ليس تنقطع، وذلك أمر بالجوهر والطبع، وقوله: (ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين) إشارة إلى الحكم المستآنف؛ فإن المشابهات والمشاركات بين الذريتين ليتهنل في المستقر والمتاع لاتنقطع أيضا إلى يوم الفصل، وذلك أمر بالشكل والصورة، ولذلك قال- عزمن قائل -: (وشاركهم في الأقوال والأولاد) وكماكان بين آدم وحواء محبة وازدواج كذلك كان بين إبليس والحية صحبة وازدواج، وكان في التوراة اسم إبليس الحكيم والحية سمى حكيم الوادي، وكان اللعين يشابه الاسمين العزيز الحكيم في العز والحكمة، كان اسمه عزازيل في الأول والحكيم في الوسط وإبليس في الآخر، والله أعلم. قوله -جل وعز-: 21 فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم() النظم لما صدرت الزلة من آدم - عليه اللام -وندم على ذلك متحيرا في الأرض زمانا طويلا فتح

Halaman 363