والكتاب طويل، وعلى كل لمحة من هذه اللمحات شرح مسهب فاجتزأنا بما تقدم.
هوامش
الفصل الخامس
فلسفته وآدابه وآراؤه الدينية
اشتهر الفيلسوف تولستوي ببسط فلسفته في روايات يؤلفها، وهي تقسم إلى ثلاثة أقسام: من حيث الدين، ومن حيث الاجتماع، ومن حيث الفنون؛ أي الفلسفة الدينية والاجتماعية والفنية، على أنها كلها فروع لشجرة واحدة مبنية على قاعدتين؛ الأولى: أحبوا بعضكم بعضا في كل شئونكم، والثانية: لا تقاوموا الشر بالشر فإن الشر لا يقتله إلا الخير.
وقد أوصلته فلسفته الدينية إلى النتيجة الآتية:
إن التعاليم المسيحية التي تستحق أن تكون قاعدة للضمير البشري إنما هي الأناجيل الأربعة فقط: متى، ومرقص، ولوقا، ويوحنا، وما سواها فخارج عن الديانة المسيحية الحقيقية، فعلى من أراد أن يكون مسيحيا حقيقيا أن لا يتمسك بشيء يناقضها، وأن يعيش كما عاش المسيحيون الأولون من حيث البساطة، والقناعة، والاشتراك، والحرية.
هذه هي فلسفته الدينية، أما فلسفته الاجتماعية فهي هذه: يقولون إن الهيئة الاجتماعية فاسدة رديئة. نعم، ولكن الذنب ذنبنا واللوم علينا؛ لأننا نتكاسل فتسوء حالتنا، ونقاوم الشر بالشر فيزيد الفساد فسادا، ذاهلين عن قول المسيح: «من أخذ بالسيف فبالسيف يؤخذ.» فإذا لم نعود أنفسنا مقاومة الشر بالخير؛ أي باللطف والمجاملة والإحسان والمحبة، فإننا لا نتغلب على الشر في العالم، وتزداد الإنسانية فسادا على فساد. فإذا كنا نطلب إصلاح الهيئة الاجتماعية فلنعمل أولا على إصلاح أنفسنا بغرس المحبة والمسالمة والاعتدال وحب العمل في قلوبنا، فإن في ذلك إصلاح الهيئة الاجتماعية.
وأما فلسفته الفنية: فمقتضاها أن كل فن وعلم وصناعة يجب أن تكون غايتها نبيلة، وهي ترقية شأن البشر وراحة النوع الإنساني والمساعدة على رفع راية السلام في العالم أجمع، وإذا خرجت العلوم عن دائرة هذا الغرض، وانصرفت إلى اختراع الآلات الحرب والدمار وأسباب القصف والخلاعة واللهو، فإنها تسبب الفساد وتجلب الشقاء والضرر والعناء، وتصبح عبثا في عبث.
أما مبادئه الدينية: فإنه يعتقد في الأربعة الأناجيل فقط كما سبق القول، ولكنه لا يعتقد بكل ما ورد فيها ، بل يعتقد بالقسم التعليمي اعتقادا شديدا، ويقول: إن تعاليم الإنجيل سامية جدا، إذا سار الناس بموجبها ينتشر ملكوت الله في الأرض ويصبح الناس في إخاء، وقد أورد في روايته «البعث» بعض المبادئ الدينية، نقتطف منها المبادئ الخمسة الآتية كما عربتها مجلة الجامعة البهية:
Halaman tidak diketahui