138

Makani al-Akhbar

مcاني الأخبار

Penyiasat

محمد حسن محمد حسن إسماعيل - أحمد فريد المزيدي

Penerbit

دار الكتب العلمية

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٢٠هـ - ١٩٩٩م

Lokasi Penerbit

بيروت / لبنان

قَالَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حِزَامٍ، حَيْثُ قَالَ لِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: «مَا كَلَّمَ اللَّهُ تَعَالَى أَحَدًا إِلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، وَأَنَّهُ أَحْيَا أَبَاكَ، فَكَلَّمَهُ كِفَاحًا» وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الضَّحِكِ مِنَ اللَّهِ ﷿ إِدْرَارَ الرَّحْمَةِ عَلَى عَبْدِهِ، كَمَا تَدُرُّ السَّمَاءُ الْمَطَرَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، فَقَدْ يُقَالُ: ضَحِكَ السَّحَابُ إِذَا صَبَّ مَاءَهُ، وَأَمْطَرَ لِأَنَّ الْمَاءَ فِي السَّحَابِ كَامِنٌ فَإِذَا صَبَّهُ ظَهَرَ وَبَدَا، وَقَدْ يُقَالُ: السَّحَابُ إِذَا مَطَرَ بَكَتِ السَّمَاءُ، وَقَدْ يُقَالُ: ضَحِكَ وَبَكَى إِذَا أُمْطِرَ، قَالَ الشَّاعِرُ: [البحر الرجز] سَحَابَةُ صَادِقَةُ الْأَنْوَاءِ ... تُعَقِّبُ بَيْنَ الضَّحِكِ وَالْبُكَاءِ
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ح مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَبُو الْفَضْلِ قَالَ: ح أَبُو ثَابِتٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْمَدَنِيُّ قَالَ: ح إِبْرَاهِيمُ هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَيْنَا أَنَا جَالِسٌ مَعَ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِذْ عَرَضَ شَيْخٌ جَلِيلٌ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ، فِي بَصَرِهِ بَعْضُ الضَّعْفِ، مِنْ بَنِي غِفَارٍ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ حُمَيْدٌ، فَلَمَّا قَالَ لِي: يَا ابْنَ أَخِي، أَوْسَعَ لَهُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ، فَإِنَّهُ قَدْ صَحِبَ النَّبِيَّ ﷺ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، ثُمَّ قَالَ الْحَدِيثَ الَّذِي سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي السَّحَابِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُنْشِئُ السَّحَابَ، فَيَضْحَكُ أَحْسَنَ الضَّحِكِ، وَيَنْطِقُ أَحْسَنَ النُّطْقِ» قَالَ الشَّيْخُ ﵀: فَضَحِكُ السَّمَاءِ صَبَّةُ الْمَاءِ، فَقَدْ عَبَّرَ عَنْ صَبِّ الْمَاءِ بِالضَّحِكِ، وَعَنِ اسْتِبْشَارِ الْعَبْدِ وَسُرُورِهِ بِنِعْمَةِ اللَّهِ، وَإِدْرَارِهَا عَلَيْهِ، وَفَرَحِهِ بِهَا بِالضَّحِكِ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ الضَّحِكُ الْمَفْهُومُ فِيمَا بَيَّنَّا صِفَةً لِلْعَبْدِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ صِفَةً لِلَّهِ ﷿ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ صِفَاتِ الْمُحَدَثِينَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الضَّحِكِ مِنَ اللَّهِ ﷿ قَبُولَ عَمَلِ عَبْدِهِ، وَرِضَاهُ بِهِ، وَضَحِكُ الْعَبْدِ إِلَيْهِ فَرْحَهُ بِثَوَابِ رَبِّهِ، وَسُرُورَهُ بِهِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً﴾ [الفجر: ٢٨]، أَيْ: رَاضِيَةً بِثَوَابِ اللَّهِ، مَرْضِيَّةً أَفْعَالُكِ عِنْدَ اللَّهِ ⦗١٩٨⦘. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الضَّحِكِ الْحُسْنَ، وَالْبَهَاءَ، وَالنَّضْرَةَ، كَمَا يُقَالُ: ضَحِكَتِ الشَّمْسُ إِذَا شَرُقَ ضَوْءُهَا، وَضَحِكَ النَّهَارُ إِذَا أَضَاءَ، وَضَحِكَتِ الْأَرْضُ إِذَا اهْتَزَّتْ بِالنَّوْرِ وَالنَّبَاتِ. قَالَ الْأَعْشَى: [البحر البسيط] يُضَاحِكُ الشَّمْسَ مِنْهَا كَوْكَبٌ شَرِقٌ ... مُؤَزَّرٌ بِعَمِيمِ النَّبْتِ مُكْتَهِلُ فَيَكُونُ الْمَعْنَى فِيهِ حُسْنَ الثَّوَابِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَنُصْرَتَهُ كَأَنَّهُ يَضْحَكُ إِلَى الْعَبْدِ، وَحُسْنَ عَمَلِ الْعَبْدِ، وَإِخْلَاصَهُ، وَطَهَارَتَهُ عَمَّا يُدَنِّسُهُ، كَأَنَّهُ يَضْحَكُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، ثُمَّ اللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِمَا أَرَادَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، أَمْنًا بمَا قَالَهُ ﷺ عَلَى مَا أَرَادَهُ، وَاللَّهُ ﷿ يَتَعَالَى عَنْ شَبَهِ الْمَخْلُوقِينَ، وَأَوْصَافِ الْمُحْدَثِينَ عُلُوًّا كَبِيرًا. وَقَدْ يَكُونُ الضَّحِكُ بَيْنَ الْمُحِبِّينَ إِذَا طَالَ الْعَهْدُ بَيْنَهُمَا، وَتَقَادَمَ، وَأَضْمَرَ الْمُحِبُّ مَحْبُوبَهُ، وَكَتَمَ مَحَبَّتَهُ لَهُ، وَشَوْقَهُ إِلَيْهِ، وَصَبَابَتَهُ لَهُ، وَلَمْ يَبُثَّ حُزْنَهُ، وَلَا أَفْشَى سِرَّهُ إِلَى غَيْرِهِ، وَمَحْبُوبُهُ يَعْلَمُ ذَلِكَ مِنْهُ، وَيَجِلُّ لِذَلِكَ قَدْرُهُ عِنْدَهُ، وَيَعْظُمُ مَوْقِعُهُ مِنْهُ، وَكَأَنَّهُ يُحَدِّثُ إِلَى حَبِيبِهِ مَا يَزِيدُهُ شَوْقًا إِلَيْهِ، وَصَبَابَةً بِهِ، وَمَحَبَّةً لَهُ، فَإِذَا الْتَقَيَا نَظَرَ الْمَحْبُوبُ إِلَيْهِ، وَقَدْ عَرَفَ لَهُ مَا كَانَ يُضْمِرُهُ لَهُ، وَيُجِنُّ ضُلُوعَهُ عَلَيْهِ، فَيَضْحَكُ إِلَيْهِ قَبُولًا لَهُ، وَتَعْظِيمًا لِقَدْرِهِ، وَلَا يَزِيدُهُ عَلَى ذَلِكَ، وَيَضْحَكُ الْمُحِبُّ سُرُورًا بِرُؤْيَةِ مَحْبُوبِهِ، فَيُفشِي بِذَلِكَ سِرَّهُ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُمَا، وَيُظْهِرُ الشَّوْقَ الَّذِي كَانَ مُجِنًّا عَلَيْهِ ضُلُوعَهُ، وَقَدْ بَدَا لَهُ سُرُورُ مَحْبُوبِهِ بِهِ كَسُرُورِهِ بِهِ، وَقَبُولِهِ لَهُ، وَرِضَاهُ عَنْهُ، فَلَا يَزِيدُ عَلَى الضَّحِكِ إِلَى مَحْبُوبِهِ إِجْلَالًا لَهُ، وَهَيْبَةً مِنْهُ، وَتَعْظِيمًا لَهُ. فَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: «اللَّهُمَّ الْقَ طَلْحَةَ يَضْحَكُ إِلَيْكَ»، أَيْ: يُظْهِرُ لَكَ مَا كَانَ يُجِنُّهُ مِنَ الْمَحَبَّةِ لَكَ، وَالشَّوْقِ إِلَيْكَ، وَتَضْحَكُ إِلَيْهِ تُعْلِمُهُ قَبُولَكَ لَهُ، وَرِضَاكَ بِهِ، وَعِظَمَ مَوْقِعِ مَا قَاسَى فِيكَ، وَكَتَمَهُ مِنَ الشَّوْقِ إِلَيْكَ، وَالْمَحَبَّةِ لَكَ فِي خَفَاءٍ، وَسِتْرٍ عَنِ الْأَغْيَارِ غَيْرَةً عَلَى الْحَالِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيَنٍ﴾ [السجدة: ١٧] وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِمَّا أُخْفِيَ لَهُمْ عَنِ الْأَغْيَارِ النَّاظِرَةِ وَالْأَشْخَاصِ الشَّاهِدَةِ

1 / 197