Bersama Arab: Dalam Sejarah dan Mitos
مع العرب: في التاريخ والأسطورة
Genre-genre
ثم خرج قيس إلى مزرعة نخيله ونادى بقومه، فاجتمع إليه عدد كثير، فقال: من منكم يأخذ مزرعتي هذه فيأكل غلتها ويقوم على نفقة أمي في غيبتي، لأني ماض لشأن من شئوني، فإن رجعت سالما فملكي عائد إلي، وإن هلكت بقيت المزرعة لمتسلمها يعول منها أمي حتى تموت، فأجابه إلى ذلك رجل منهم، فاطمأن باله على أمه ومزرعته، وامتطى بعيرا له وانطلق في الفلاة.
ولم يطل به السير حتى اهتدى إلى مكان خداش بن زهير واسترشد إلى منزله فقصده، فقيل له أن ليس فيه إلا امرأته، وأن خداشا يعود بعد حين، فعمد إلى شجرة يقعد تحتها ضيوف خداش، واستلقى في ظلها يستريح من عناء السفر، ثم إنه نادى امرأة خداش وسألها شيئا من طعام، فأطلت من خبائها ورمقته بعينها وقالت: يعز علينا أن ليس لدينا طعام يليق إلا بعض التمر، فأجابها: ما أبالي، فهاتي ما لديك، فبعثت إليه بصحفة من التمر، فأخذ واحدة وفلقها فلقتين فأكل فلقة وأعاد الأخرى إلى الصحفة وردها إليها، وقام يبدد الوقت بركوب بعيره، فلما رأت منه ذلك اشتد تعجبها، ولم تمس الصحفة حتى يرجع زوجها.
ورجع خداش بعد لحظة، فأرته الصحفة وفلقة التمر، وأخبرته بما كان من عجيب أمر الضيف، فقال لها: ما أظنه إلا رجلا طالب شأن عظيم، وقد تحرم أكل طعام الغرباء حتى يدرك شأنه، وجلس معها يلتقمان ما في الصحفة.
وإذا بقيس يطلع على بعد مرمى العين من المنزل راكبا بعيره ، فلمحه خداش وقال لامرأته: لعل هذا هو ضيفك، فمدت بصرها وقالت: أي والله! فشرع خداش يتأمله كلما دنا من منزله، ورأى قدمه مدلاة من ظهر البعير فقال لها: كأني بهذه القدم قدم الخطيم، صديقي اليثربي القديم، ولم يلبث قيس أن وصل إليهما وقرع بسنان رمحه مستأذنا، ودخل فعرف نفسه إلى خداش وأخبره بما قدم من أجله، فبش له ورحب به، وذكر إحسان والده إليه، وأظهر رغبة في مساعفته، ثم قال له: إن مالكا قاتل جدك رجل من قومي، وإنه منا لقريب، فلنبدأ به منذ غد، وسأعينك عليه ما دمت تستوفي منه حقا من حقوقك.
ونهضا باكرا في غرة اليوم الثاني، وخرجا إلى قصدهما، وفي الطريق قال خداش لقيس: يا هذا! إني حين نلتقي الرجل سأجلس إليه فأشغله بالحديث، فتهيأ أنت لعملك، حتى إذا ضربت بيدي على فخذه، فاضرب أنت بسيفك على عنقه! فقال قيس: أفلا يكون ذلك غدرا؟ فأجابه خداش: إن العدو هو العدو، فخذه كيف قدرت.
وظلا على سيرهما حتى التقيا الرجل، فجلس إليه خداش وخاض معه في فنون شتى من الحديث، وبقي قيس واقفا وقد جعل إحدى عينيه على مقبض سيفه، وجعل الأخرى على يد خداش ينتظر منه الإشارة، وبغتة رفع خداش يده في حدة الحديث، فأهوى بها على فخذ جليسه، فرفع قيس سيفه وأهوى به على عنق الرجل، وإذا برأس يتدحرج على الأرض!
وكان على مقربة منهم ناس رأوا المشهد المنكر، فاجتمعوا على قيس يريدون البطش به، فهب خداش واعترضهم قائلا: دعوه، فوالله ما قتل إلا قاتل جده، ولقد استوفى حقا من حقوقه، فخلوا عنه.
وعاد قيس وخداش يفكران بالسفر إلى البحرين، حيث يثأران من العدو الآخر، فلم يلبثا إلا قليلا حتى أكملا عدتهما وسافرا، فلما انتهيا إلى قرية هجر، وفيها مسكن العدو، قال خداش لقيس: انطلق فتشمم خبره، فإذا عرفته فاقصده وازعم له أنك عابر سبيل، وأن لصوصا من قومه نهبوا لك متاعا، وأنك قصدته دون غيره ليرده لك، فإذا تبعك وحده نلت منه مأربك، وإذا دعا بأصحابه معه فأظهر الضحك والسخرية، فلا بد من أن يسألك عن السبب، فقل له: إن رئيس القوم عندنا لا يخرج إلى اللصوص بأصحابه، حتى ولا بسلاحه، بل بسوطه، فيرد اللصوص ما كانوا قد نهبوه خشية له وتهيبا، فما أرى الرجل عندئذ إلا آمرا أصحابه بالرجوع، فإن لم يفعل فقدهم جميعا إلى هذا المكان فنبتدع لنا حيلة للظفر بهم.
فانطلق قيس، ولم يزل حتى اهتدى إلى منزل عدوه، فبدأه بما لقنه خداش، فأثارت الحمية الرجل، وبادر إلى دعوة أصحابه، فلم يشعر إلا بقيس يقهقه ملء شدقيه، فلما سأله عن السبب زاده شيئا مما لقنه خداش أيضا، فشرق وجه الرجل بدم الغضب وأمر أصحابه بالمكوث، وخرج معه وحده، فقاده قيس إلى موضع خداش، وهناك حقت الواقعة: طعن قيس عدوه بحربة في خاصرة فأنفذها من خاصرة! فلفظ روحه وسقط يتصبب جرحه فينقع الرمل ...
وأرادا أن يقفلا راجعين، ولكنهما خافا أن يفتقد قوم القتيل صاحبهم ويطلبوه فيدركوهما في الطريق، ورأيا الأفضل أن يختبئا حيث هما، حتى إذا جاء القوم لم يطرأ على بالهم أنهما قتلاه وأقاما في الموضع نفسه، فراحوا يطلبونهما في موضع آخر.
Halaman tidak diketahui