234

ولم يبق عنده وعند محمد بن محمد إلا شرذمة قليلة، فأسرا، وأتي بهما إلى الحسن بن سهل، فهم بضرب عنق محمد، فنهاه بعض أصحابه، وأشار عليه بالإرسال به إلى المأمون.

وأما أبو السر ايا، فأمر بضرب عنقه، وصلب رأسه في الجانب الشرقي من بغداد، وبدنه في الجانب الغربي.

وحمل محمد بن محمد إلى المأمون إلى خراسان، فأقيم بين يدي المأمون، فجعل يتعجب من حداثة سنه، ثم أمر له بدار فأسكنها، فأقام على ذلك مدة يسيرة مقدارها أربعون يوما، ثم دست إليه شربة فمات، وهو ابن ثماني عشرة سنة، وقبره بمرو.

قالوا: ونظر في الديوان فوجد من قتل من أصحاب السلطان في وقائع أبي السرايا مائتي ألف.

ومما رثي به محمد بن إبراهيم وأبو السرايا، ومن معهما قول محمد بن علي الأنصاري -رحمه الله تعالى رحمة واسعة- :

أبت السكون فما تجف مدامعي

عبرا تفيض بدمعها المتتابع

لما تذكرت الحسين وبعده

زيدا تحرك حزن قلب جازع

صلى الإله على الحسين وصحبه

في كربلاء لما ثووا بمصارع

وعلى قتيل بالكناسة مفرد

نائي المحل عن الأحبة شاسع

وجزى ابن إبراهيم عن أشياعه

خيرا وأكرمه بصنع الصانع

نعم الخليفة والإمام المرتضى

ذي الدين كان ومستقر ودائع

وجزى الإله أبا السرايا خيرما

يجري وصولا من مطيع سامع

حاط الإمام بنفسه وبسيفه

ولسان ذي صدق وقلب خاشع

في فتية جعلوا السيوف حصونهم

مع كل سلهبة وطرف رايع

فتلقين يابن النبي فما لها

أحد سواك برغم أنف الطامع

ولقد رأيت بها عليك حلاوة

وضياء نور في جبينك. صادع نعم الظاهر أن الإمام محمد بن إبراهيم مات كما تقدم.

Halaman 335