الكلام إلا به وذلك مثل قوله ﷿: ﴿اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ﴾ ١ ومعناه: فضرب فانفجرت ومن ذلك أيضا حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه كقوله ﷿: ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ﴾ ٢
ومعناه أهل القرية ولا خلاف إن هذا كالمنطوق به في الإفادة والبيان ولا يجوز أن يضمر فيمثل هذا إلا ما تدعو الحاجة إليه فإن استقل الكلام بإضمار واحد لم يجز أن يضاف إليه غيره إلا بدليل فإن تعارض فيه إضماران أضمر ما دل عليه الدليل منهما وقد حكينا في مثل هذا الخلاف عمن يقول أنه يضمر فيه ما هو أعم فائدة أو موضع الخلاف وبينا فساد ذلك.
فصل
والثالث دليل الخطاب وهو أن يعلق الحكم على إحدى صفتي الشيء فيدل على أن ما عداها بخلافه كقوله تعالى: ﴿إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا﴾ ٣ فيدل على أنه إن جاء عدل لم يتبين وكقوله ﷺ: "في سائمة الغنم زكاة". فيدل على أن المعلوفة لا زكاة، فيها وقال عامة أصحاب أبي حنيفة ﵀ وأكثر المتكلمين: لا يدل على أن ما عداه بخلافه بل حكم ما عداه موقوف على الدليل، وقال أبو العباس بن سريج: إن كان بلفظ الشرط كقوله تعالى: ﴿إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا﴾ دل على أن ما عداه بخلافه وإن لم يكن بلفظ الشرط لم يدل وهو قول بعض أصحاب أبي حنيفة ﵀، والدليل على ما قلناه أن الصحابة اختلفت في إيجاب الغسل من الجماع من غير إنزال فقال بعضهم لا يجب واحتجوا بدليل الخطاب في قول النبي ﷺ: "الماء من الماء" وأنه لما أوجب من الماء دل على أنه لا يجب من غير ماء ومن أوجب ذكر أن "الماء من الماء" منسوخ فدل على ذكرناه ولأن تقييد الحكم بالصفة يوجب تخصيص الخطاب فاقتضى بإطلاقه النفي والإثبات كالاستثناء.
_________
١ سورة البقرة الآية: ٦٠.
٢ سورة يوسف جزء من الآية: ٨٢.
٣ سورة الحجرات الآية: ٦.
1 / 45