تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا﴾ ١ لأن هذا في قول الشافعي رحمة الله عليه يدل على الحكم بمعناه إلا أنه معنى جلي وعلى قوله يدل على الحكم بلفظه فهو كالنص.
وأما دليل الخطاب الذي هو مقتضى النطق فيجوز تخصيص العموم به وقال أبو العباس ابن سريج: لا يجوز التخصيص به وهو قول أهل العراق لأن عندهم أنه ليس بدليل والكلام معهم يجيء إن شاء الله تعالى وعندنا هو دليل كالنطق في أحد الوجهين وكالقياس في الوجه الآخر وأيهما كان في جاز التخصيص.
فصل في تعارض اللفظين
إذا تعارض لفظان فلا يخلو إما أن يكونا خاصين أو عامين أو أحدهما خاصا والآخر عاما أو كل واحد منهما عامًا من وجه خاصًا من وجه فإن كانا خاصين مثل أن يقول: لا تقتلوا المرتد واقتلوا المرتد وصلوا ما لها سبب عند طلوع الشمس ولا تصلوا ما لا سبب لها عند طلوع الشمس فهذا لا يجوز أن يرد إلا في وقتين ويكون أحدهما ناسخا للآخر، فإن عرف التاريخ نسخ الأول بالثاني وإن لم يعرف وجب التوقف وإن كانا عامين مثل أن يقول: من دينه فاقتلوه ومن بدل دينه فلا تقتلوه وصلوا عند طلوع الشمس ولا تصلوا عند طلوع الشمس فهذا إن أمكن استعمالهما في حالين استعملا كما قال ﷺ: "خير الشهود من شهد قبل أن يستشهد". وقال: "شر الشهود من شهد قبل أن يستشهد". فقال أصحابنا: الأول محمول عليه إذا شهد وصاحب الحق لا يعلم أن له شاهدا فإن الأولى أن يشهد وإن لم يستشهد ليصل المشهود له إلى حقه والثاني محمول عليه إذا علم من له الحق أن له شاهدا فلا يجوز للشاهد أن يبدأ بالشهادة قبل أن يستشهد وإن لم يمكن
_________
١ سورة الإسراء الآية: ٢٣.
1 / 34