العموم لأنها تقع على صفة واحدة فإن عرفت تلك الصفة اختص الحكم بها وإن لم تعرف صار مجملا مما عرف صفته مثل ما روي أن النبي ﷺ جمع بين الصلاتين في السفر فهذا مقصور على ما روي فيه وهو السفر لا يحمل على العموم فيما لم يرد فيه وما لم يعرف مثلما روى أنه جمع بين الصلاتين في السفر فلا يعلم أنه كان في سفر طويل أو سفر قصير إلا أنه معلوم أنه لم يكن إلا في سفر واحد فإذا لم يعلم ذلك بعينه وجب التوقف فيه حتى يعرف ولا يدعى فيه العموم.
فصل
وكذلك القضايا في الأعيان لا يجوز دعوى العموم فيها وذلك مثل أن يروي أن النبي ﷺ قضى بالشفعة للجار وقضى في الإفطار بالكفارة وما أشبه ذلك فلا يجوز دعوى العموم فيها بل يجب التوقف فيه لأنه يجوز أن يكون قضى بالشفعة لجار لصفة يختص بها وقضى بكفارة بإفطار في جماع أو غيره مما يختص به المحكوم له وعليه فلا يجوز أن يحكم على غيره إلا أن يكون في الخبر لفظ يدل على العموم. ومن الناس من قال: إن كان قد روى أنه قضى بكفارة بالإفطار وبالشفعة للجار لم يدع فيه العموم وإن كان قد روى أنه قضى بأن الكفارة في الإفطار وبأن الشفعة للجار تعلق بعمومه لأن ذلك حكاية قول فكأنه قال: الكفارة في الإفطار والشفعة للجار وقال بعضهم: إن روى أنه كان يقضي تعلق بعمومه لأن ذلك للدوام ألا ترى أنه يقال: فلان كان يقري الضيف ويصنع المعروف وقال الله تعالى:
﴿وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ﴾ ١ وأراد التكرار والصحيح أنه لا فرق بين أن يكون بلفظ إن أو غيره لأنه قد يروى لفظة إن في القضاء بمعنى الحكم في القصة المقضي فيها ولا يقتضي الحكم في غيرها ولا فرق أيضا بين أن يقول كان وبين غيره لأنه وإن اقتضى الكرار إلا أنه يجوز أن يكون التكرار على صفة مخصوصة لا يشاركها فيه سائر الصفات.
_________
١ سورة مريم الآية: ٥٥.
1 / 29