باب الأمر بأشياء على جهة التخيير والترتيب
إذا خير الله تعالى بين أشياء مثل كفارة اليمين خير فيها بين العتق والإطعام والكسوة فالواجب منها واحد غير معين فأيها فعل فقد فعل الواجب وإن فعل الجميع سقط الفرض عنه بواحد منها والباقي تطوع، وقالت المعتزلة: الثلاثة كلها واجبة فإن أرادوا بوجوب الجميع تساوي الجميع في الخطاب فهو وفاق وإنما يحصل الخلاف في العبارة دون المعنى وإن أرادوا بوجوب الجميع أنه مخاطب بفعل الجميع فالدليل على فساده أنه إذا ترك الجميع لم يعاقب على الجميع ولو كان الجميع واجبا لعوقب على الجميع فلما لم يعاقب إلا على واحد دل على أنه هو الواجب.
فصل
فأما إذا أمر بأشياء على الترتيب كالمظاهر أمر بالعتق عند وجود الرقبة وبالصيام عند عدمها بالإطعام عند العجز عن الجميع فالواجب من ذلك واحد معين على حسب حاله فإن كان موسرا ففرضه العتق وإن كان معسرا ففرضه الصيام وإن كان عاجزا ففرضه الإطعام فإن جمع من فرضه العتق بين الجميع سقط الفرض عنه بالعتق وما عداه تطوع وإن جمع من فرضه الصيام بين الجميع ففرضه أحد الأمرين من العتق أو الصيام والإطعام تطوع وإن جمع من فرضه الإطعام بين الجميع ففرضه واحد من الثلاثة كالكفارة المخيرة.
مشروطا بذلك الغير كالاستطاعة في الحج والمال في الزكاة لم يكن الأمر بالحج والزكاة أمرا بتحصيل لأن الأمر بالحج لم يتناول من لا استطاعة له وفي الزكاة من لا مال له فلو ألزمناه تحصيل ذلك ليدخل في الأمر لأسقطنا شرط الأمر وهذا لا يجوز وإن كان الأمر مطلقا غير مشروط كان الأمر بالفعل أمرا به وبما لا يتم إلا به وذلك كالطهارة للصلاة الأمر بالصلاة أمر بالطهارة أو كغسل شيء من الرأس لاستيفاء الفرض عن الوجه، فلو لم يلزمه ما يتم به الفعل المأمور به أقسطنا الوجوب في المأمور ولهذا قلنا فيمن نسي صلاة من صلوات اليوم والليلة ولم يعرف عينها أنه يجب عليه قضاء خمس صلوات لتدخل المنسية فيها. فصل وأما إذا أمر بصفة عبادة فإن كانت الصفة واجبة كالطمأنينة في الركوع دل على وجوب الركوع لأنه لا يمكنه أن يأتي بالصفة الواجبة إلا بفعل الموصوف وإن كانت الصفة ندبا كرفع الصوت بالتلبية لم يدل ذلك على وجوب التلبية ومن الناس من قال: تدل على وجوب التلبية وهذا خطأ لأنه قد يندب إلى صفة ما هو واجب وما هو ندب فلم يكن في الندب دليل على وجوب الأصل. فصل وإذا أمر بشيء كان ذلك نهيا عن ضده من جهة المعنى فإن كان ذلك الأمر واجبا كان النهي عن ضده على سبيل الوجوب. وإن كان ندبا كان النهي عن ضده على سبيل الندب ومن أصحابنا من قال ليس بنهي عن ضده وهو قول المعتزلة والدليل على ما قلناه انه لا يتوصل إلى فعل المأمور إلا بترك الضد فهو كالطهارة في الصلاة. فصل فأما إذا أمر باجتناب شيء ولم يمكنه الاجتناب إلا باجتناب غيره فهذا على ضربين.
مشروطا بذلك الغير كالاستطاعة في الحج والمال في الزكاة لم يكن الأمر بالحج والزكاة أمرا بتحصيل لأن الأمر بالحج لم يتناول من لا استطاعة له وفي الزكاة من لا مال له فلو ألزمناه تحصيل ذلك ليدخل في الأمر لأسقطنا شرط الأمر وهذا لا يجوز وإن كان الأمر مطلقا غير مشروط كان الأمر بالفعل أمرا به وبما لا يتم إلا به وذلك كالطهارة للصلاة الأمر بالصلاة أمر بالطهارة أو كغسل شيء من الرأس لاستيفاء الفرض عن الوجه، فلو لم يلزمه ما يتم به الفعل المأمور به أقسطنا الوجوب في المأمور ولهذا قلنا فيمن نسي صلاة من صلوات اليوم والليلة ولم يعرف عينها أنه يجب عليه قضاء خمس صلوات لتدخل المنسية فيها. فصل وأما إذا أمر بصفة عبادة فإن كانت الصفة واجبة كالطمأنينة في الركوع دل على وجوب الركوع لأنه لا يمكنه أن يأتي بالصفة الواجبة إلا بفعل الموصوف وإن كانت الصفة ندبا كرفع الصوت بالتلبية لم يدل ذلك على وجوب التلبية ومن الناس من قال: تدل على وجوب التلبية وهذا خطأ لأنه قد يندب إلى صفة ما هو واجب وما هو ندب فلم يكن في الندب دليل على وجوب الأصل. فصل وإذا أمر بشيء كان ذلك نهيا عن ضده من جهة المعنى فإن كان ذلك الأمر واجبا كان النهي عن ضده على سبيل الوجوب. وإن كان ندبا كان النهي عن ضده على سبيل الندب ومن أصحابنا من قال ليس بنهي عن ضده وهو قول المعتزلة والدليل على ما قلناه انه لا يتوصل إلى فعل المأمور إلا بترك الضد فهو كالطهارة في الصلاة. فصل فأما إذا أمر باجتناب شيء ولم يمكنه الاجتناب إلا باجتناب غيره فهذا على ضربين.
1 / 18