وجدت قومي سوى قوم شرفت به ... في القطع حلفي يوم السبق أشباها
أعني ابن يحيى الذي أحيا بدولته ... الإقبال والنهج والتمكين والجاها
وارى الزياد جلال الدين من يده ... يزري بصوب الخبايا النجاح حدواها
عمر الردى إذا ما قست راحته ... بالبحر في وصفه استغفر اللاها
في نفسه شيمة قال عوه دائمة ... نحو العلى كلما زادته لباها
ومن منظومه قوله أيضًا:
أنت سلمى لنا إلا عتاباه ... وبحرًا هاج شوقًا واكتيابا
يضافيها الوداد فما يحارى ... على دودى لها إلا اجتنابا
فلم أنس الوداع وما دمعي ... من الأجفان ينسكب انسكابا
ولا وحياتها والدمع فيها ... كمثل الراح يعتصب الحبايا
تسارقها بأعيننا سلامًا ... وقد ردت بأعيننا جوابا
له شيم كأنفاس العوالي ... تعين المسك عرفًا مستطابا
وجود لا يساحله العوادي ... ولو كان النصار لها ذهابا
وعز علم النجم المعالي ... وعزم بكسر الصم الصلابا
سيد النقباء أبي محمد يحيى بن السيد الأجل الكبير أبو جعفر العزيز الأخ الكبير.
قال الإمام علي بن أبي صالح في تاريخ بيهق: السيد الأجل عماد الدين أبو محمد يحيى، سيد كريم فاضل دين شريف عفيف، علي القدر والهمة والرتبة من ذي الثروة والنعمة، وله زهد وافر، وكان معتكفًا في بيته سنين كثيرة من سنة ثلاث عشر وخمسمائة إلى وقت وفاته في يوم الإثنين الثاني عشر من ذي القعدة سنة اثنتا وثلاثين وخمسمائة.
قال الإمام علي بن أبي صالح: وقد ذكر الحاكم أبو عبد الله الحافظ في تاريخه تقديم أسلافه، وكان نقابة نيشابور فيهم، ووفور فضلهم وأفضالهم.
وقال الإمام عين الأئمة والخطباء أبو الحسن عبد الغافر خطيب الجامع المنيعي بنيشابور في تاريخه في مدح السيد الأجل يحيى: كان ﵀ من آيات الزمان آية، وبلغ من أنواع الفضائل غاية، هذا صفة أبي جعفر العزيز مذكور في التواريخ والكتب، وكان صاحب القرآن، صدر أبناء الزمان.
أما الإمام أبو الحسن عبد الغافر، فقد ذكر في كتب تاريخه أوراقًا في مناقبه وفضائله، وذكر طرفًا من أشعاره، ومدح تصانيفه فيه مدحًان وضرج أفدا الالتباس عن شرف مدائحه ضرجا.
وأما الإمام أبو الحسن علي بن صالح الصالحي، فقد ذكر في تاريخ بيهق، وكان حقًا أقول: لم يجمتع لأحد من كبار السادة ما اجتمع له من أسباب السيادة نسبًا وحسبًا وفضلًا وأدبًا وثروة ومروة وطلقًا عما بعض من مناصب الآباء والأجداد وقنوة.
أما النسب فهو في الشرف نبوي، وفي العنصر علوي، من آل زبارة الذين هم من أشراف الدوحة العلوية.
أولئك ساداتي الذين تمسكوا ... بعروة مجدلا يخاف انغضامها
نشؤوا بين جبرئيل وبين محمد ... وبين بتول كهلها وغلامها
وأما الحسب، فكما ذكره الحاكم أبو عبد الله في تاريخه: من كون النقابة فيهم، ووفور فضلهم وأفضالهم.
وأما الفضل وغزارته فقل في البحر إذا ماج، فكل ذي فضل في كل فن منه إليه احتاج، وله حسن نظم ونثر زيف الدر، ويستعبد المنطق الحر وقد قرأت عليه من رسائله التي وسمها بالالهيات جملة، لو عاش لسجد لها أبو حيان، والمناجات التي يصغى إليها ملائكة الرحمن، ورويت عنه من قصائده ما يسير به الركبان، وقد سمعت من مجموعاته في طرف طرد الصيد ووصف الجوارح ما لم يسمع في هذا القران، ثم إذا نشط للفارسية وغبو الدستان أبو علي من عد من فرسان الميدان.
وأما الثروة فهو الاستغناء بما آتاه الله من صنوف الأموال، من العقار الموروت، والمكتسب من الحلال، ومد النعمة والإفضال عند أفاضل الزمان والزوار والسؤال من لطف المعاشرة وكرم الصحبة، ومن مليح منظومه قصيدة مدح بها الصاحب نظام الملك وهي:
سكان سكين رص الفقار ... وشكر شكيمتي طي الفقار
وراحة راحي بجريد غضب ... صيقل المتن مشحود الشفاري
الأيام الصبر والأيام شبوس ... مداريها الكرام ولا مداري
أحقًا أريم في الليالي ... ولم يحترقوا بمها حباري
1 / 57