وَأقَام الْمُدَّعِي عَلَيْهِ بَيِّنَة بِأَنَّهُ كَانَ طَائِعا فَبَيِّنَة الطواعية أولى وَلَو قضى القَاضِي بِبَيِّنَة الْإِكْرَاه ينفذ قَضَاؤُهُ إِن عرف الْخلاف وَقضى بِنَاء على الْفَتْوَى
أَقَامَ المُشْتَرِي بَيِّنَة أَنه بَاعهَا مِنْهُ هَذَا الشَّيْء بيعا صَحِيحا واقام البَائِع بَيِّنَة أَنه بَاعه مكْرها فَبَيِّنَة الصِّحَّة أولى وَقَالَ أَبُو حَامِد رَحمَه الله تَعَالَى بَيِّنَة الْإِكْرَاه أولى
وَفِي الْمُحِيط ادّعى أَحدهمَا البيع أَو الصُّلْح عَن طوع وَادّعى الآخر عَن كره فَبَيِّنَة مدعي الكره أولى وَكَذَا لَو ادّعى الْإِقْرَار عَن طوع وَالْآخر عَن كره فَبَيِّنَة مدعي الكره أولى اه
الشَّهَادَة على الشَّهَادَة جَائِزَة فِي الأقارير والحقوق وأقضية الْقُضَاة وكتبهم وكل شَيْء إِلَّا فِي الْحُدُود وَالْقصاص
وَذكر الناطفي فِي واقعاته أَن الشَّهَادَة على الشَّهَادَة فِي الْوَقْف لَا تجوز وَالصَّحِيح أَنَّهَا تجوز لما فِيهِ من إحْيَاء الْحُقُوق وَلَا تجوز على شَهَادَة رجل أقَال من شَهَادَة رجلَيْنِ أَو رجل وَامْرَأَتَيْنِ وَأما كَيْفيَّة الْإِشْهَاد من الأَصْل أَن يَقُول شَاهد الأَصْل لشاهد الْفَرْع أشهد أَن لزيد على عَمْرو كَذَا فاشهد أَنْت على شهادتي بذلك أَو يَقُول أشهد أَنى أشهد أَن فلَان بن فلَان أقرّ عندى بِكَذَا أَو يَقُول أشهد أَنى سَمِعت فلَانا يقر لفُلَان بِكَذَا فاشهد أَنْت على شهادتي وَإِنَّمَا شَرط الْإِشْهَاد حَتَّى لَا يَصح تحمل الْفَرْع بِنَفس السماع بِدُونِ الاشهاد
وَفِي الْمُحِيط والتحمل لَا يَصح الا بِالْأَمر وَلِهَذَا لَو نهى الْأُصُول وَالْفُرُوع عَن الشَّهَادَة وَبعد الْأَمر عمل بِالنَّهْي
وَفِي التَّتِمَّة إِذا حكى الرجل شَهَادَة نَفسه عِنْد غَيره فِي حَادِثَة لرجل على رجل وَقَالَ لذَلِك الْغَيْر اشْهَدْ أَو قَالَ فاشهد وَلم يقل على شهادتي لم تجز وَقَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى تجوز لِأَن مَعْنَاهُ فاشهد على شهادتي
وَلَا تقبل شَهَادَة شُهُود الْفَرْع إِلَّا أَن يَمُوت شُهُود الأَصْل أَو يمرضوا مَرضا لَا يَسْتَطِيعُونَ حُضُور مجْلِس القَاضِي أَو يغيبوا مسيرَة ثَلَاثَة أَيَّام ولياليها فَصَاعِدا
وَعَن أبي يُوسُف أَنه لم يَجْعَل السّفر شرطا وَلكنه قَالَ إِن كَانَ غَائِبا عَن الْمصر فِي مَسَافَة لَو غَدا إِلَى القَاضِي لأَدَاء الشَّهَادَة لم يسْتَطع أَن يبيت بأَهْله صَحَّ الاشهاد لِأَن إحْيَاء الْحُقُوق وَاجِب مَا أمكن
وَذكر القَاضِي إِمَام الدّين على السغدي وشمس الْأَئِمَّة السَّرخسِيّ أَن عِنْد أبي يُوسُف وَمُحَمّد رحمهمَا الله تَعَالَى يَنْبَغِي أَن يجوز الاشهاد من غير عذر وَعند أبي حنيفَة ﵀ لَا يجوز بِنَاء على أَن التَّوْكِيل من غير رضَا الْخصم لَا يجوز عِنْده إِلَّا بِعُذْر السّفر أَو الْمَرَض وَعِنْدَهُمَا يجوز إِلَّا أَن هَذَا غير ظَاهر فَلَا يُفْتى بِهِ
وَفِي آخر شَهَادَات الْمُنْتَقى قَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى أقبل الشَّهَادَة على الشَّهَادَة والمشهود على شَهَادَته فِي الْمصر من غير مرض بِهِ وَلَا عِلّة
إِذا شهد الرّجلَانِ عِنْد القَاضِي على شَهَادَة رجل وصححا الشَّهَادَة فَإِن كَانَ القَاضِي يعرف الْأُصُول وَالْفُرُوع بِالْعَدَالَةِ قضى بِشَهَادَتِهِم وَإِن عرف الْأُصُول بِالْعَدَالَةِ وَلم يعرف الْفُرُوع يسْأَل عَن الْفُرُوع وَإِن عرف الْفُرُوع بِالْعَدَالَةِ وَلم يعرف الْأُصُول بِالْعَدَالَةِ ذكر الْخصاف رَحمَه الله تَعَالَى أَن القَاضِي يسْأَل الْفُرُوع عَن الْأُصُول وَلَا يقْضِي قبل السُّؤَال فَإِن عدلوا أصولهم تثبت عَدَالَة الْأُصُول بِشَهَادَتِهِم فِي ظَاهر الرِّوَايَة
1 / 248