﴿فَإِن تنازعتم فِي شَيْء فَردُّوهُ إِلَى الله وَالرَّسُول﴾
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
الْحَمد لله الْعَادِل فِي حكمه القَاضِي بَين عباده بِعَمَلِهِ أَحْمَده على مَا حكم وَقضى واشكره على مَا أبرم وأمضى وَأشْهد أَن لَا اله إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ الَّذِي من توكل عَلَيْهِ كَفاهُ وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الَّذِي اخْتَارَهُ على جَمِيع خلقه واصطفاه صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَأَصْحَابه الثِّقَات النقاه صَلَاة ينَال بهَا قَائِلهَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة جَمِيع مَا يتمناه
وَبعد فَلَمَّا ابْتليت بالقضا وَجرى الحكم وَمضى أَحْبَبْت أَن أجمع مُخْتَصرا فِي الْأَحْكَام منتخبا من كتب سَادَاتنَا الْعلمَاء الْأَعْلَام ذَاكِرًا فِيهِ مَا يكثر وُقُوعه بَين الْأَنَام على وَجه الإتقان والإحكام ليَكُون عونا للحكام على فصل القضايا وَالْأَحْكَام
ورتبته على ثَلَاثِينَ فصلا الْفَصْل الأول فِي آدَاب الْقَضَاء وَمَا يتَعَلَّق بِهِ الْفَصْل الثَّانِي فِي أَنْوَاع الدَّعَاوَى والبينات الْفَصْل الثَّالِث فِي الشَّهَادَات الْفَصْل الرَّابِع فِي الْوكَالَة وَالْكَفَالَة وَالْحوالَة الْفَصْل الْخَامِس فِي الصُّلْح الْفَصْل السَّادِس فِي الْإِقْرَار الْفَصْل السَّابِع فِي الْوَدِيعَة الْفَصْل الثَّامِن فِي الْعَارِية الْفَصْل التَّاسِع فِي أَنْوَاع الضمانات الْفَصْل الْعَاشِر فِي الْوَقْف الْفَصْل الْحَادِي عشر فِي الْغَصْب وَالشُّفْعَة وَالْقِسْمَة الْفَصْل الثَّانِي عشر فِي الإكراء وَالْحجر الْفَصْل الثَّالِث عشر فِي النِّكَاح الْفَصْل الرَّابِع عشر فِي الطَّلَاق الْفَصْل الْخَامِس عشر فِي الْعتاق الْفَصْل السَّادِس عشر فِي الْأَيْمَان الْفَصْل السَّابِع عشر فِي الْبيُوع الْفَصْل الثَّامِن عشر فِي الْإِجَارَات الْفَصْل التَّاسِع عشر فِي الْهِبَة الْفَصْل الْعشْرُونَ فِي الرَّهْن الْفَصْل الْحَادِي وَالْعشْرُونَ فِي الْكَرَاهِيَة الْفَصْل الثَّانِي وَالْعشْرُونَ فِي الصَّيْد والذبائح وَالْأُضْحِيَّة الْفَصْل الثَّالِث وَالْعشْرُونَ فِي الْجِنَايَات والديات وَالْحُدُود الْفَصْل الرَّابِع وَالْعشْرُونَ فِي الشّرْب والمزارعة وَالْمُسَاقَاة الْفَصْل الْخَامِس وَالْعشْرُونَ فِي الْحِيطَان وَمَا يتَعَلَّق بهَا الْفَصْل السَّادِس وَالْعشْرُونَ فِي السّير
1 / 217
الْفَصْل السَّابِع وَالْعشْرُونَ فِيمَا يكون إسلاما من الْكَافِر ومالا يكون وَمَا يكون كفرا من الْمُسلم ومالا يكون الْفَصْل الثَّامِن وَالْعشْرُونَ فِي الْوَصَايَا الْفَصْل التَّاسِع وَالْعشْرُونَ فِي الْفَرَائِض الْفَصْل الثَّلَاثُونَ فِي مسَائِل شَتَّى وَهُوَ الختام
وَقد شرعت فِيهِ مستعينا بالحي الَّذِي لَا ينَام وَهُوَ الْمُوفق بمنه وَكَرمه للإتمام
الْفَصْل الأول فِي آدَاب الْقَضَاء وَمَا يتَعَلَّق بِهِ
أَقُول وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق الْقَضَاء فِي اللُّغَة عبارَة عَن اللُّزُوم وَلِهَذَا سمي القَاضِي لِأَنَّهُ يلْزم النَّاس وَفِي الشَّرْع يُرَاد بِالْقضَاءِ فصل الْخُصُومَات وَقطع المنازعات وَيجوز تَقْلِيد الْقَضَاء من السُّلْطَان الْعَادِل والجائر أما الْعَادِل فَلِأَن النَّبِي ﷺ بعث معَاذًا إِلَى الْيمن قَاضِيا وَولى عُثْمَان بن اسيد على مَكَّة أَمِيرا وَأما الجائر فَلِأَن الصَّحَابَة ﵃ تقلدوا الْأَعْمَال من مُعَاوِيَة بعد أَن أظهر الْخلاف مَعَ عَليّ ﵁ وَكَانَ الْحق مَعَ عَليّ وَإِنَّمَا يجوز التَّقْلِيد من السُّلْطَان الجائر إِذا كَانَ يُمكنهُ من الْقَضَاء بِحَق وَأما إِذا كَانَ لَا يُمكنهُ فَلَا وَإِنَّمَا يتقلد الْقَضَاء من يكون عدلا فِي نَفسه عَالما بِالْكتاب وَالسّنة وَالِاجْتِهَاد وَشَرطه أَن يكون عَالما من الْكتاب وَالسّنة مَا يتَعَلَّق بِهِ الْأَحْكَام لَا المواعظ وَقيل إِنَّه إِذا كَانَ صَوَابه أَكثر من خطئه حل لَهُ الِاجْتِهَاد وَكَون القَاضِي مُجْتَهدا لَيْسَ بِشَرْط وَيَقْضِي بِمَا سَمعه أَو بفتوى غَيره وَأجْمع الْفُقَهَاء أَن الْمُفْتِي يجب أَن يكون من أهل الِاجْتِهَاد وَقَالَ الإِمَام أَبُو حنيفَة ﵀ لَا يحل لأحد أَن يُفْتِي بقولنَا حَتَّى يعلم من أَيْن قُلْنَا وَفِي الْمُلْتَقط إِذا كَانَ صَوَابه أَكثر من خطئه حل لَهُ الْإِفْتَاء وَإِن لم يكن مُجْتَهدا لَا يحل لَهُ الْفَتْوَى إِلَّا بطرِيق الْحِكَايَة فيحكي مَا يحفظه من أَقْوَال الْفُقَهَاء والمفتي بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أفتى بقول الإِمَام ﵀ أَو بقول صَاحِبيهِ رحمهمَا الله تَعَالَى وَعَن ابْن الْمُبَارك رَحمَه الله تَعَالَى يَأْخُذ بقول الإِمَام لَا غير وَإِن كَانَ مَعَه أحد صَاحِبيهِ أَخذ بقولهمَا لَا محَالة كَذَا ذكره الْبَزَّاز فِي جَامعه
ثمَّ اخْتلفُوا فِي الدُّخُول فِي الْقَضَاء مِنْهُم من قَالَ يجوز الدُّخُول فِيهِ مُخْتَارًا وَمِنْهُم من قَالَ لَا يجوز الدُّخُول فِيهِ إِلَّا مكْرها أَلا ترى أَن الإِمَام الْأَعْظَم رَحمَه الله تَعَالَى دعى إِلَى الْقَضَاء ثَلَاث مَرَّات فَأبى حَتَّى أَنه ضرب فِي كل مرّة ثَلَاثِينَ سَوْطًا وَمُحَمّد رَحمَه الله تَعَالَى امْتنع فقيد وَحبس فاضطر فتقلد
وَقَالَ ﷺ من جعل على الْقَضَاء فَكَأَنَّمَا ذبح بِغَيْر سكين إِنَّمَا شبه بِهَذَا لِأَن السكين تعْمل فِي الظَّاهِر وَالْبَاطِن أما الْقَتْل بِغَيْر سكين فَهُوَ الْقَتْل بطرِيق الخنق وَالْغَم وَأَنه يُؤثر فِي الْبَاطِن دون الظَّاهِر وَالْقَضَاء كَذَلِك لَا يُؤثر فِي الظَّاهِر لِأَن ظَاهره جاه وحشمة لَكِن يُؤثر فِي الْبَاطِن فَإِنَّهُ سَبَب الْهَلَاك فَشبه بِهِ لهَذَا كَذَا فِي الملحقات
وَقَالَ ﵊ من طلب الْولَايَة وكل إِلَيْهَا وَمن لم يطْلبهَا فَإِن الله تَعَالَى يُرْسل إِلَيْهِ ملكَيْنِ فيسد دانه وَقَالَ ﵇ الْقَضَاء ثَلَاثَة قاضيان فِي النَّار وقاض فِي الْجنَّة الحَدِيث وَمعنى ذَلِك كُله التحذير عَن طلب الْقَضَاء وَالدُّخُول فِيهِ إِلَّا أَنه قد دخل فِي الْقَضَاء قوم صَالِحُونَ واجتنبه قوم صَالِحُونَ هَذَا كُله إِذا كَانَ فِي الْبَلدة قوم يصلحون للْقَضَاء أما إِذا لم يكن من يصلح للْقَضَاء فَإِنَّهُ يدْخل وَإِذا كَانَ فِي الْبَلدة قوم يصلحون فَإِذا امْتنع وَاحِد مِنْهُم لَا يَأْثَم وَإِذا لم يكن وَامْتنع يَأْثَم وَلَو كَانَ فِي الْبَلدة
1 / 218
قوم يصلحون فامتنعوا جَمِيعًا وَكَانَ السُّلْطَان لَا يسمع الْخُصُومَات بِنَفسِهِ يأثمون لِأَنَّهُ تَضْييع لأحكام الله تَعَالَى
وَفِي التَّنْبِيه وَعند الشَّافِعِي ﵀ إِذا كَانَ القَاضِي فَقِيرا أَو قَصده اسْتِعْمَال الْأَحْكَام لحركة يجوز لَهُ أَن يطْلب الْقَضَاء
قَالَ أَبُو حنيفَة ﵀ لَا يتْرك القَاضِي على الْقَضَاء الا سنة وَاحِدَة لِأَنَّهُ مَتى اشْتغل بذلك نسي الْعلم فَيَقَع الْخلَل فِي الحكم فَيجوز للسُّلْطَان أَن يعْزل القَاضِي بريبة وَبِغير رِيبَة وَيَقُول السُّلْطَان للْقَاضِي مَا عزلتك للْفَسَاد فِيك وَلَكِن أخْشَى عَلَيْك أَن تنسى الْعلم فادرس الْعلم ثمَّ عد الينا حَتَّى نقدلك ثَانِيًا
وَلَا يسلم على القَاضِي فِي مجْلِس قَضَائِهِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا جلس لفصل الْخُصُومَات لَا لرد السَّلَام وَأما الْأُمَنَاء الَّذين هم فِي مَجْلِسه هَل يسلم عَلَيْهِم الصَّحِيح أَنه إِن سلمُوا على النَّاس يسلم عَلَيْهِم
وَيكرهُ للْقَاضِي أَن يُفْتِي فِيهِ فِي مجْلِس للْقَضَاء وَفِي غَيره اخْتلف الْمَشَايِخ قيل يكره لِأَن الْخُصُوم يدْخلُونَ عَلَيْهِ بالحيل الْبَاطِلَة وَهَذَا يَشْمَل الْمجْلس وَغَيره وَقيل يُفْتِي فِي الْعِبَادَات وَلَا يُفْتِي فِي الْمُعَامَلَات كَذَا فِي الْمُحِيط
وَفِي المحلقات وَإِذا اخْتصم إِلَى القَاضِي اخوة أَو بَنو أعمام يَنْبَغِي لَهُ أَن يدافعهم قَلِيلا وَلَا يعجل بِالْقضَاءِ بَينهم لَعَلَّهُم يصطلحون لِأَن الْقَضَاء إِن وَقع بِحَق فَرُبمَا يَقع سَببا للعداوة بَينهم كَذَا ذكر هُنَا وَهَذَا لَا يخْتَص بالأقارب بل يَنْبَغِي أَن يفعل ذَلِك أَيْضا إِذا وَقعت الْخُصُومَة بَين الْأَجَانِب لِأَن مر الْقَضَاء يُورث الضغينة فيحترز عَنهُ مَا أمكن انْتهى
قَالَ جلال الدّين أَبُو المحامد حَامِد بن مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى فِي كتاب السجلات يجوز للْقَاضِي أَخذ الْأُجْرَة على كتبه السجلات والمحاضر وَغَيرهَا من الوثائق بِمِقْدَار أُجْرَة الْمثل وَذَلِكَ لِأَن القَاضِي إِنَّمَا يجب عَلَيْهِ الْقَضَاء وإيصال الْحق إِلَى مُسْتَحقّه فَحسب أما الْكِتَابَة فَزِيَادَة عمل يعمله للمقضى لَهُ وعَلى هَذَا قَالُوا لَا بَأْس للمفتي أَن يَأْخُذ شَيْئا على كِتَابَة جَوَاب الْفَتْوَى وَذَلِكَ لِأَن الْوَاجِب على الْمُفْتى الْجَواب بِاللِّسَانِ دون الْكِتَابَة بالبنان وَمَعَ هَذَا الْكَفّ عَن ذَلِك أولى احْتِرَازًا من القيل والقال وصيانة لماء الْوَجْه عَن الابتذال
مَسْأَلَة لَا يصير الرجل أَهلا للْفَتْوَى مَا لم يكن صَوَابه أَكثر من خطئه وَذَلِكَ لِأَن صَوَابه مَتى كثر غلب والمغلوب فِي مُقَابلَة الْغَالِب سَاقِط كَذَا فِي الملتقطات
وَذكر فِي الْبُسْتَان قَالَ الْفَقِيه كَانَ بَعضهم يكره الْفَتْوَى لما روى عَن النَّبِي ﷺ أَنه قَالَ أجرأكم على النَّار أجرؤكم على الْفَتْوَى وَلَا يَنْبَغِي أَن يكون الْمُفْتِي جبارا فظا غليظا بل يكون متواضعا
مَسْأَلَة أجر الْمثل فِي أَخذ الْأُجْرَة على كِتَابَة المحاضر والسجلات والوثائق فِي كل ألف دِرْهَم خَمْسَة دَرَاهِم إِلَى الْعشْرَة وَالصَّحِيح أَنه يرجع فِي الْأُجْرَة إِلَى مِقْدَار طول الْكِتَابَة وقصرها وصعوبتها وسهولتها وَأما أَخذ القَاضِي الْأُجْرَة على الْأَنْكِحَة الَّتِي يُبَاشِرهَا مثل نِكَاح الصغار والأرامل اللَّاتِي لَا ولي لَهُنَّ لَا يحل لَهُ أَخذ شَيْء على ذَلِك كَذَا فِي كتاب السجلات
وَفِي الغنية وَيَنْبَغِي أَن ينصب انسانا حَتَّى يقْعد النَّاس بَين يَدي القَاضِي ويقيمهم وَيقْعد الشُّهُود ويقيمهم ويزجر من أَسَاءَ الْأَدَب وَيُسمى صَاحب الْمجْلس والجلواز أَيْضا وَأَنه يَأْخُذ من الْمُدَّعِي شَيْئا لِأَنَّهُ يعْمل لَهُ بإقعاد الشُّهُود على التَّرْتِيب وَغَيره لَكِن لَا يَأْخُذ أَكثر من دِرْهَمَيْنِ وللوكلاء أَن يَأْخُذُوا مِمَّن يعْملُونَ لَهُ من المدعين وَالْمُدَّعى عَلَيْهِم وَلَكِن لَا يَأْخُذُوا لكل مجْلِس أَكثر من دِرْهَمَيْنِ والرجالة يَأْخُذُونَ أُجُورهم مِمَّن يعْملُونَ لَهُ وهم المدعون لكِنهمْ يَأْخُذُونَ فِي الْمصر نصف دِرْهَم إِلَى دِرْهَم وَإِذا خَرجُوا إِلَى الرساتيق
1 / 219
لَا يَأْخُذُونَ لكل فَرسَخ أَكثر من ثَلَاثَة دَرَاهِم أَو أَرْبَعَة هَكَذَا وَضعه الْعلمَاء الأتقياء الْكِبَار وَهِي أجور أمثالهم وَأُجْرَة الْكَاتِب على من يكْتب لَهُ الْكَاتِب وَأُجْرَة البواب على القَاضِي وَإِذا بعث أَمينا للتعجيل فالجعل على الْمُدَّعِي كالصحيفة قَالَ مت مُؤنَة الرجالة على الْمُدَّعِي فِي الِابْتِدَاء فَإِذا امْتنع فعل الْمُدَّعِي عَلَيْهِ وَكَأن هَذَا اسْتِحْسَان مَال إِلَيْهِ للزجر فَإِن الْقيَاس أَن يكون على الْمُدَّعِي فِي الْحَالين المزكى يَأْخُذ الْأُجْرَة من الْمُدَّعِي وَكَذَا الْمَبْعُوث للتعديل قضى فِي ولَايَته ثمَّ اشْهَدْ على قَضَائِهِ فِي غير ولَايَته لَا يَصح الْإِشْهَاد انْتهى كَلَام الغنية
روى أَن دَاوُد ﵇ لما أَمر بفصل الْقَضَاء نزلت السلسلة من السَّمَاء فَإِذا تقدم إِلَيْهِ الخصمان فالمحق مِنْهُمَا تنزل السلسلة لَهُ والمبطل مِنْهُمَا تتقلص عَنهُ السلسلة فَرفعت وَكَانَ سَبَب ذَلِك أَنه احتال بعض النَّاس وَذَلِكَ أَن رجلا أودع عِنْد رجل دَنَانِير ثمَّ جحد الْمُودع الدَّنَانِير وَكَانَ شَيخنَا مَعَه الْعَصَا فاختصما إِلَى دَاوُد ﵇ فاحتال الْمُودع وفقر الْعَصَا وَجعل الدَّنَانِير فِيهَا فَلَمَّا اخْتَصمَا قَامَ الْمُدَّعِي فَقَالَ الْمُدَّعِي عَلَيْهِ للْمُدَّعِي خُذ عصاي حَتَّى أنال السلسلة فَأَخذهَا فَكَانَ محقا فِي الْإِنْكَار فتحير دَاوُد ﵇ فَأخْبرهُ جِبْرِيل ﵇ بذلك فَقطع دَاوُد الْعَصَا فَأمر الله ﷾ أَن يقْضِي بِبَيِّنَة الْمُدَّعِي وَيَمِين الْمُدَّعِي عَلَيْهِ
وَذكر فِي الْوَاقِعَات أَن القَاضِي إِذا ارْتَدَّ وَالْعِيَاذ بِاللَّه أَو فسق ثمَّ صلح فَهُوَ على حَاله إِلَّا أَن مَا قضى بِهِ فِي حَال الارتداد وَالْفِسْق بَاطِل وبنفس الْفسق لَا يَنْعَزِل وَلَو حكم بالرشوة كَانَ قَضَاؤُهُ بَاطِلا
وَفِي فُصُول الْعِمَاد القَاضِي إِذا أَخذ الرِّشْوَة ثمَّ بعث إِلَى شَافِعِيّ الْمَذْهَب أَو إِلَى رجل آخر ليسمع الْخُصُومَة بَين اثْنَيْنِ وَيحكم بَينهمَا لَا ينفذ قَضَاء الثَّانِي وَلَا حكمه لِأَن القَاضِي الأول عمل فِي هَذَا لنَفسِهِ حِين أَخذ الرِّشْوَة وَالْفَاسِق إِذا قلد الْقَضَاء يصير قَاضِيا وَمَا قضى بِهِ نفذ قَضَاؤُهُ إِلَّا أَن لقاض آخر أَن يُبطلهُ إِذا كَانَ من رَأْيه خلاف ذَلِك وَمَتى أبْطلهُ لَيْسَ لقاض آخر أَن ينفذهُ وَهَذَا قَول عُلَمَائِنَا
قَاضِي كرخ وقاضي سرخس التقيا فَقَالَ أَحدهمَا للْآخر إِن فلَانا أقرّ لفُلَان بِكَذَا لَا يجوز للْآخر أَن يقْضِي مَا لم يبْعَث إِلَيْهِ الرقعة يُرِيد بِهِ كتاب القَاضِي وَإِذا علم بِحَق الْإِنْسَان قبل تَقْلِيده الْقَضَاء فَإِنَّهُ لَا يقْضِي بِهِ عِنْد أبي حنيفَة ﵀ خلافًا لَهما وَأما إِذا علم بعد تَقْلِيده الْقَضَاء فِي الْمصر الَّذِي هُوَ قَاض فِيهِ أَو فِي مجْلِس الْقَضَاء فَإِنَّهُ يقْضِي فِي حُقُوق الْعباد وَلَا يقْضِي فِيمَا هُوَ خَالص حق الله تَعَالَى إِلَّا فِي السَّكْرَان إِذا وجد بِهِ أَمَارَات السكر فَإِنَّهُ يعزره لِأَن ذَلِك تَعْزِير لَيْسَ بِحَدّ وَأما إِذا علم فِي غير مجْلِس الْقَضَاء فَهُوَ على الْخلاف الَّذِي ذكرته فِي الْوَجْه الأول
وَحكى عَن أبي بكر الْأَعْمَش أَن القَاضِي يَنْعَزِل بِالْفِسْقِ الْأَمِير لَا يَنْعَزِل لِأَن مبْنى الْقَضَاء على الْعدْل والإمارة على الْقَهْر وَالْغَلَبَة انْتهى
رجل جَاءَ إِلَى القَاضِي وَقَالَ إِن لي على فلَان حَقًا فَإِذا كَانَ الْمَطْلُوب خَارج الْمصر وَكَانَ بِحَيْثُ لَو ابتكر من أَهله أمكنه أَن يحضر مجْلِس الْحَاكِم ويبيت فِي منزله فَإِنَّهُ يعديه اسْتِحْسَانًا فَإِنَّهُ كَمَا عَلَيْهِ الصَّلَاة السَّلَام أعدى ذَلِك الْأَعرَابِي فِي قَضِيَّة أبي جهل وَقَامَ ﵊ بِنَفسِهِ وَفِي الْقيَاس لَا يعديه حَتَّى يُقيم بَيِّنَة بِالْحَقِّ فِي جِهَته وَهَذِه الْبَيِّنَة لَيست للْحكم بل لكشف الْحَال فَإِذا حضر أعَاد الْبَيِّنَة وَقيل يحلف أَنه محق فِي الدَّعْوَى كَذَا فِي الْمُحِيط
وَفِي الرَّوْضَة يجوز للْقَاضِي قبُول صلَة وَإِلَى بَلَده وإخوانه إِذا لم يكن ذَلِك لأجل الْقَضَاء
1 / 220
رجل جَاءَ بخصمه إِلَى القَاضِي فَقَالَ أحضر غَدا شهودي بذلك فَخذ كَفِيلا مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يفعل ذَلِك فِي قَول أبي حنيفَة وَزفر رحمهمَا الله
وَفِي أدب القَاضِي للخصاف لَا يمشي القَاضِي فِي السُّوق وَحده ويتخذ أعوانا بَين يَدَيْهِ وَلَا يَنْبَغِي للْقَاضِي أَن يَبِيع وَيَشْتَرِي فِي غير مجْلِس الْقَضَاء مَا دَامَ قَاضِيا بل يولي غَيره مِمَّن يَثِق بِهِ ويروى عَن مُحَمَّد ﵀ أَنه يَبِيع وَيَشْتَرِي فِي غير مجْلِس الْقَضَاء وَلَو كَانَت على الْخصم بَيِّنَة واختفى فَإِنَّهُ لَا يقْضى عَلَيْهِ كَذَا فِي واقعات عمر وَفِي البزازي وَلم يجوزوا الهجوم على بَيته ووسع فِي ذَلِك بعض أَصْحَابنَا وَفعل ذَلِك وَقت قَضَائِهِ وَصورته قَالَ الْخصم إِنَّه توارى وَطلب الهجوم بعث أمينين مَعَهُمَا أعوانه وَنسَاء فَيقوم الأعوان من جَانب السِّكَّة والسطح وَتدْخل النِّسَاء حرمه ثمَّ أعوان القَاضِي فيفتشون الغرف وَتَحْت السرير وَعَامة أَصْحَابنَا لم يجوزوا الهجوم اه
وَلَو قضى القَاضِي بقول مرجوع عَنهُ جَازَ قَضَاؤُهُ وَكَذَا لَو قضى بقول يُخَالف قَول عُلَمَائِنَا وَهُوَ من أهل الرَّأْي وَالِاجْتِهَاد وَلَو قضى بِشَاهِد وَيَمِين ثمَّ رفع إِلَى حَاكم لَا يرَاهُ جَازَ لَهُ إِبْطَاله فَإِن رفع قبل إِبْطَاله إِلَى حَاكم يرى جَوَازه فنفذه لَيْسَ لحَاكم آخر لَا يرَاهُ جَائِزا إِبْطَاله وعَلى هَذَا الِاعْتِبَار جَمِيع الْأَحْكَام الْمُخْتَلفَة وَإِن حكم بِخِلَاف مذْهبه وَلم يعلم بِهِ جَازَ فِي قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا يجوز وَإِن كَانَ هَذَا غَلطا مِنْهُ
وَفِي شرح أدب القَاضِي للخصاف قَاض قضى بِإِبْطَال حق رجل فِي دَار وَذَلِكَ أَنه أَقَامَ سِنِين لَا يبطل حَقه فَأبْطل القَاضِي حَقه من أجل ذَلِك ثمَّ رفع إِلَى قَاض آخر فَإِنَّهُ يبطل قَضَاء القَاضِي بذلك وَيجْعَل الرجل على حَقه فِي الدَّار لِأَن بعض الْعلمَاء وَإِن قَالَ من لَهُ دَعْوَى فِي دَار فِي يَد رجل فَلم يُطَالب ثَلَاث سِنِين وَهُوَ فِي الْمصر فقد بَطل حَقه لَكِن هَذَا القَوْل قَول مَجْهُول مهجور مُخَالف لقَوْل جُمْهُور من الْعلمَاء وَالْفُقَهَاء فَكَانَ خلافًا لَا اخْتِلَافا وَالْقَضَاء فِي مَوضِع الْخلاف لَا ينفذ فَإِذا رفع إِلَى قَاض آخر كَانَ لَهُ أَن يُبطلهُ وَالْفرق بَين الْخلاف وَالِاخْتِلَاف أَن الِاخْتِلَاف مَا كَانَ طريقهم وَاحِدًا وَالْمَقْصُود مُخْتَلف وَالْخلاف مَا كَانَ طريقهم مُخْتَلفا
وَقعت لرجل مَسْأَلَة ثمَّ حكم الْحَاكِم بِغَيْر مَا أفتوا بِهِ فَإِنَّهُ يتْرك فَتْوَى الْفُقَهَاء إِلَى مَا يرَاهُ الْحَاكِم إِذا كَانَت الْمَسْأَلَة خلافية لِأَن الْفَتْوَى لَا تنفذ وَالْحكم ينفذ كَذَا فِي تَكْمِلَة التكملة
وَذكر فِي الْمُحِيط إِذا زنى رجل بِأم امْرَأَته وَلم يدْخل بهَا فَرَأى القَاضِي أَن لَا يحرمها عَلَيْهِ فأقرها مَعَه وَقضى بذلك نفذ قَضَاؤُهُ لِأَنَّهُ قَضَاء فِي مَحل مُجْتَهد فِيهِ ثمَّ نَفاذ هَذَا الْقَضَاء فِي حق الْمَحْكُوم عَلَيْهِ مُتَّفق عَلَيْهِ وَفِي حق المقضى لَهُ إِن كَانَ عَالما فَكَذَلِك عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد رحمهمَا الله وَعند أبي يُوسُف ﵀ إِن كَانَ الْمَحْكُوم لَهُ يعْتَقد الْحُرْمَة وَقضى القَاضِي بِالْحلِّ لَا يتْرك رَأْي نَفسه بِإِبَاحَة القَاضِي كَذَا فِي الْعِمَادِيّ
نوع فِيمَا يكون حكما من القَاضِي وَمَا لَا يكون إِذا قَالَ القَاضِي ثَبت عِنْدِي أَن لهَذَا على هَذَا كَذَا هَل يكون ذَلِك حكما مِنْهُ قَالَ بَعضهم يكون حكما وَكَانَ شمس الْأَئِمَّة مَحْمُود الأوزجندي يَقُول لَا بُد أَن يَقُول حكمت أَو قضيت أَو أنفذت عَلَيْك الْقَضَاء وَهَكَذَا ذكر الناطفي رَحمَه الله تَعَالَى فِي واقعاته وَالصَّحِيح أَن قَوْله حكمت أَو قضيت لَيْسَ بِشَرْط وَأَن قَوْله ثَبت عِنْدِي كَذَا يَكْفِي وَكَذَا إِذا قَالَ ظهر عِنْدِي أَو صَحَّ عِنْدِي أَو علمت فَهَذَا كُله حكم وَكَذَا قَوْله أشهد عَلَيْهِ يكون حكما مِنْهُ
قَالَ شمس الْأَئِمَّة الْحلْوانِي قَول القَاضِي ثَبت عِنْدِي يكون حكما وَبِه نَأْخُذ لَكِن الأولى أَن يبين أَن
1 / 221
الثُّبُوت بِالْبَيِّنَةِ أَو بِالْإِقْرَارِ لِأَن حكم القَاضِي بِالْبَيِّنَةِ يُخَالف الحكم بِالْإِقْرَارِ وَفِي الْعدة إِذا قَالَ القَاضِي للْمُدَّعِي عَلَيْهِ لَا أرى لَك حَقًا فِي هَذَا الْمُدَّعِي لَا يكون هَذَا حكما مِنْهُ وَكَذَا لَو قَالَ بعد الشَّهَادَة وَطلب الحكم سلم الْمَحْدُود إِلَى الْمُدَّعِي لَا يكون هَذَا حكما مِنْهُ وَقيل انه يكون حكما مِنْهُ لِأَن أمره إِلْزَام وَحكم
إِذا كَانَ فِي الْمصر قاضيان كل وَاحِد مِنْهُمَا فِي محلّة على حِدة فَوَقَعت خُصُومَة بَين رجلَيْنِ أَحدهمَا فِي محلّة وَالْآخر فِي محلّة أُخْرَى وَالْمُدَّعِي يُرِيد أَن يخاصمه إِلَى قَاضِي محلته وَالْآخر يأباه قَالَ أَبُو يُوسُف ﵀ الْعبْرَة للْمُدَّعِي وَقَالَ مُحَمَّد لَا بل الْعبْرَة للْمُدَّعِي عَلَيْهِ وَعَلِيهِ الْفَتْوَى وَكَذَا لَو كَانَ أَحدهمَا من أهل الْعَسْكَر وَالْآخر من أهل الْبَلَد فَإِن أَرَادَ العسكري أَن يخاصمه إِلَى قَاضِي الْعَسْكَر فَهُوَ على هَذَا وَلَا ولَايَة لقَاضِي الْعَسْكَر على غير الجندي وَمن كَانَ محترفا فِي سوق الْعَسْكَر فَهُوَ جندي أَيْضا
وَفِي جَامع الْفَتَاوَى عَن أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى قُضَاة أَمِير الْمُؤمنِينَ إِذا خَرجُوا مَعَ أَمِير الْمُؤمنِينَ لَهُم أَن يحكموا فِي أَي بَلْدَة نزل فِيهَا الْخَلِيفَة لأَنهم لَيْسُوا قُضَاة أَرض إِنَّمَا هم قُضَاة الْخَلِيفَة وَإِن خَرجُوا بِدُونِ الْخَلِيفَة لَيْسَ لَهُم الْقَضَاء
وَذكر الْعَلامَة الشَّيْخ قَاسم بن قطلوا بغى الجمالي فِي مُؤَلفه مَا نَصه اعْلَم أَنه قد اخْتلف الْعَمَل فِي التَّنْفِيذ فتنفيذهم الْآن هُوَ أَن يشْهد شُهُود الْحَاكِم عِنْد قَاض آخر بِمَا نسب إِلَى الْحَاكِم فِي أسجاله وَهَذَا يُسمى فِي الْحَقِيقَة إِثْبَاتًا وَلَيْسَ فِيهِ حكم وَلَا مَا يساعد على الحكم فَلَا اثر لَهُ فِي الْقَضَاء الْمُخْتَلف فِيهِ كالقضاء على الْغَائِب وَنَحْوه لخلوه عَن الدَّعْوَى من الْخصم على الْخصم وَالْحكم وَلِهَذَا قَالَ فِي كتاب الْأَحْكَام تنفيذات الْأَحْكَام الصادرة عَن الْحُكَّام فِيمَا تقدم الحكم فِيهِ من غير المنفذ بِأَن يَقُول ثَبت عِنْدِي أَنه ثَبت عِنْد فلَان لحَاكم من الْحُكَّام كَذَا وَكَذَا وَهَذَا لَيْسَ حكما من المنفذ الْبَتَّةَ وَكَذَلِكَ فَيجب إِذا قَالَ ثَبت عِنْدِي أَن فلَانا حكم بِكَذَا وَهَذَا لَيْسَ حكما من هَذَا الْمُثبت بل لَو اعْتقد أَن ذَلِك الحكم على خلاف الْإِجْمَاع صَحَّ أم يَقُول ثَبت عِنْدِي أَنه ثَبت عِنْد فلَان كَذَا وَكَذَا لِأَن التَّصَرُّف الْفَاسِد وَالْحرَام قد يثبت عِنْد الْحَاكِم ليرتب عَلَيْهِ تَأْدِيب ذَلِك الْحَاكِم أَو نَحوه
وَبِالْجُمْلَةِ لَيْسَ فِي التَّنْفِيذ حكم الْبَتَّةَ وَلَا يعْتَبر بِكَثْرَة الْإِثْبَات عِنْد الْحُكَّام فَهُوَ حكم وَاحِد وَهُوَ الأول إِلَّا أَن يَقُول الثَّانِي حكمت بِمَا حكم بِهِ الأول اه
قلت وَلَا يَتَأَتَّى لَهُ أَن يَقُول حكمت بِمَا حكم بِهِ الأول إِلَّا بعد أَن يجْرِي بَين يَدَيْهِ خُصُومَة صَحِيحَة من خصم على خصم
القَاضِي إِذا نصب وَصِيّا فِي تَرِكَة أَيْتَام وهم فِي ولَايَته والتركة لَيست فِي ولَايَته أَو كَانَت التَّرِكَة فِي ولَايَته والأيتام لم يَكُونُوا فِي ولَايَته أَو كَانَ بعض التَّرِكَة فِي ولَايَته وَالْبَعْض الآخر لم يكن فِي ولَايَته قَالَ شمس الْأَئِمَّة الْحلْوانِي يَصح النصب على كل حَال وَيعْتَبر التظالم والاستعداء وَيصير الْوَصِيّ وَصِيّا فِي جَمِيع التَّرِكَة أَيْنَمَا كَانَت التَّرِكَة وَكَانَ ركن الْإِسْلَام على السغدي يَقُول مَا كَانَ من التَّرِكَة فِي ولَايَته يصير وَصِيّا فِيهِ ومالا يكون فَلَا وَقيل يشْتَرط لصِحَّة النصب كَون الْيَتِيم فِي ولَايَته وَلَا يشْتَرط كَون التَّرِكَة فِي ولَايَته
وَلَو نصب القَاضِي مُتَوَلِّيًا فِي وقف وَلم يكن الْوَقْف وَالْمَوْقُوف عَلَيْهِ فِي ولَايَته قَالَ شمس الْأَئِمَّة إِذا وَقعت الْمُطَالبَة فِي مجْلِس صَحَّ النصب وَقَالَ ركن الْإِسْلَام لَا يَصح وَإِن كَانَ الْمَوْقُوف عَلَيْهِ فِي ولَايَته وَلم تكن ضَيْعَة الْوَقْف فِي ولَايَته فَإِن كَانَت لطلبة الْعلم أَو رِبَاطًا أَو مَسْجِدا فِي مصره وَلم تكن ضَيْعَة الْوَقْف
1 / 222
فِي ولَايَته قَالَ شمس الْأَئِمَّة الْحلْوانِي رَحمَه الله تَعَالَى يعْتَبر التظالم والاستعداء وَقَالَ ركن الْإِسْلَام إِذا كَانَ الْمَوْقُوف عَلَيْهِ حَاضرا يجوز
وَذكر فِي مَجْمُوع النَّوَازِل قَاضِي سَمَرْقَنْد نصب قيمًا فِي مَحْدُود وقف ببخارى وَالْمُدَّعِي عَلَيْهِ بسمرقند صحت الدَّعْوَى والسجل
وروى عَن بعض الْمَشَايِخ القَاضِي إِذا نصب وَصِيّا فِي تَرِكَة لَيست فِي ولَايَته لَا يجوز وَهُوَ فَتْوَى صَاحب الْفُصُول وفتوى مَشَايِخ مرو وَقَالَ الإِمَام شمس الْأَئِمَّة الْحلْوانِي يجوز وَالْعبْرَة للخصومة وَذكر رشيد الدّين فِي فَتَاوَاهُ الْيَتِيم إِذا كَانَ من بُخَارى لَا يجوز نصب الْوَصِيّ من قَاضِي سَمَرْقَنْد وَلَو كَانَ الْمَوْقُوف عَلَيْهِ بسمرقند وَالْمُتوَلِّيّ وَالْمُدَّعِي عَلَيْهِ ببخارى صَحَّ حكم قَاضِي بُخَارى بِأَنَّهُ وقف على فلَان وَيكون الْمُتَوَلِي قَائِما مقَام الْمَوْقُوف عَلَيْهِ وَيكْتب إِلَى قَاضِي سَمَرْقَنْد ليسلم إِلَى الْمُتَوَلِي اه
وَفِي الْوَلْوَالجيّ وَيقبل كتاب القَاضِي إِلَى القَاضِي فِي كل حق يسْقط بِشُبْهَة لِأَن كِتَابه كالخطاب فِي مجْلِس قَضَائِهِ بِخِلَاف رِسَالَة القَاضِي إِلَى القَاضِي فِي الْحُقُوق فَإِنَّهَا لَا تقبل لِأَن الرَّسُول ينْقل خطاب الْمُرْسل وَالنَّقْل اقْتصر على هَذَا الْموضع والمرسل فِي هَذَا الْموضع لَيْسَ بقاض وَقَول القَاضِي فِي غير مَوضِع قَضَائِهِ كَقَوْل وَاحِد من الرّعية
وَفِي المنبع وَإِذا مَاتَ الْكَاتِب أَو عزل أَو خرج عَن أَهْلِيَّة الْقَضَاء بِأَن ارْتَدَّ أَو عمى أَو جن أَو فسق هَل يعْمل القَاضِي الْمَكْتُوب إِلَيْهِ بكتابه ينظر إِن كَانَ ذَلِك عرض لِلْكَاتِبِ قبل الْوُصُول إِلَى الْمَكْتُوب إِلَيْهِ أَو بعد الْوُصُول وَقبل الْقِرَاءَة لم يقْض بِهِ الثَّانِي عِنْدهمَا وَقَالَ أَبُو يُوسُف فِي الأمالي يقْضِي بِهِ وَلَو وصل إِلَيْهِ ثمَّ عرضت لَهُ هَذِه الْأَشْيَاء يقْضِي بِهِ بِالْإِجْمَاع وَكَذَا لَو مَاتَ الْمَكْتُوب إِلَيْهِ أَو عزل قبل وُصُول الْكتاب إِلَيْهِ ثمَّ وصل إِلَى القَاضِي الَّذِي ولى مَكَانَهُ لم يعْمل بِهِ لِأَنَّهُ لم يكْتب إِلَيْهِ الا إِذا كتب إِلَى فلَان قَاضِي بلد كَذَا أَو إِلَى كل من يصل إِلَيْهِ من قُضَاة الْمُسلمين فَإِنَّهُ يجوز أَن يقْضِي بِهِ من قَامَ مقَام الْمَكْتُوب إِلَيْهِ لِأَن الْكَاتِب إِذا عرف الأول صحت كِتَابَة القَاضِي إِلَيْهِ وَلَو كتب ابْتِدَاء من فلَان قَاضِي بلد كَذَا إِلَى كل من يصل إِلَيْهِ من قُضَاة الْمُسلمين لَا يجوز عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد رحمهمَا الله تَعَالَى وَقَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى يجوز تسهيلا لِلْأَمْرِ على النَّاس
نوع فِي الْعَزْل تَعْلِيق عزل القَاضِي بِالشّرطِ جَائِز وَقَالَ ظهير الدّين المرغيناني وَنحن لَا نفتي بِصِحَّة تَعْلِيق الْعَزْل بِالشّرطِ
أَرْبَعَة خِصَال إِذا حلت بِالْقَاضِي صَار معزولا ذهَاب الْبَصَر وَذَهَاب السّمع وَذَهَاب الْعقل وَالرِّدَّة وَإِذا عزل السُّلْطَان القَاضِي لَا يَنْعَزِل مَا لم يصر الْخَبَر إِلَيْهِ كَالْوَكِيلِ حَتَّى لَو قضى بقضايا قبل وُصُول الْخَبَر إِلَيْهِ تنفذ وَعَن أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى إِنَّه لَا يَنْعَزِل وَإِن علم بعزله مَا لم يُقَلّد غَيره مَكَانَهُ وَيقدم صِيَانة لحقوق النَّاس ونعتبره بِإِمَام الْجُمُعَة إِذا عزل وَهَذَا إِذا حصل الْعَزْل مُطلقًا أما إِذا حصل مُعَلّقا بِشَرْط وُصُول الْكتاب إِلَيْهِ لَا يَنْعَزِل مَا لم يصل إِلَيْهِ الْكتاب علم بِالْعَزْلِ قبل وُصُول الْكتاب إِلَيْهِ أَو لم يعلم وَرِوَايَة أبي يُوسُف تتأتى هُنَا أَيْضا
موت السُّلْطَان لَا يُوجب عزل القَاضِي حَتَّى لَو مَاتَ الْخَلِيفَة وَله أُمَرَاء وقضاة فهم على حَالهم وَلَيْسَ هَذَا كَالْوكَالَةِ وَكَذَا موت القَاضِي لَا يُوجب عزل النَّائِب وَلَو عزل السُّلْطَان القَاضِي يَنْعَزِل نَائِبه بِخِلَاف
1 / 223
مَا إِذا مَاتَ القَاضِي حَيْثُ لَا يَنْعَزِل نَائِبه هَكَذَا قيل وَيَنْبَغِي أَن لَا يَنْعَزِل النَّائِب بعزله القَاضِي لِأَنَّهُ نَائِب السُّلْطَان أَو نَائِب الْعَامَّة أَلا ترى أَنه لَا يَنْعَزِل بِمَوْت القَاضِي وَعَلِيهِ كثير من مَشَايِخنَا وَإِذا عزل السُّلْطَان نَائِب القَاضِي لَا يَنْعَزِل القَاضِي
القَاضِي إِذا قَالَ عزلت نَفسِي أَو أخرجت نَفسِي عَن الْقَضَاء وَسمع السُّلْطَان يَنْعَزِل كَمَا فِي الْوَكِيل أما بِدُونِ سَماع السُّلْطَان فَلَا وَقيل لَا يَنْعَزِل القَاضِي بعزله نَفسه أصلا لِأَنَّهُ نَائِب عَن الْعَامَّة وَحقّ الْعَامَّة مُتَعَلق بِقَضَائِهِ فَلَا يملك عزل نَفسه كَذَا فِي الْفُصُول
وَفِي جَامع الفتاوي كَانَ الْفَقِيه أَبُو جَعْفَر يَقُول كَانَ الْفَقِيه أَبُو بكر الاسكاف يَقُول تَوْلِيَة الْحُكَّام الْقُضَاة فِي دِيَارنَا غير صَحِيح لِأَن الْمولى لَا يواجههم بالتقليد
وَفِي شرح الْوِقَايَة وَصَحَّ قَضَاء الْمَرْأَة فِي غير حد وقود اعْتِبَارا بشهادتها قلت الْجِهَة الجامعة بَينهمَا كَون كل وَاحِد مِنْهُمَا تَنْفِيذ القَوْل على الْغَيْر
السُّلْطَان إِذا حكم بَين اثْنَيْنِ لَا ينفذ وَقيل ينفذ وَعَلِيهِ الْفَتْوَى
بَاعَ الْمُدبر وَأم الْوَلَد ثمَّ ارتفعا إِلَى القَاضِي فَأجَاز بيعهمَا ثمَّ ارتفعا إِلَى قَاض آخر يمْضِي الْقَضَاء إِلَّا فِي أم الْوَلَد لِأَنَّهُ روى أَن عليا ﵁ رَجَعَ عَنهُ
نوع فِي الْحَبْس يحبس بدانق وَفِي كل دين مَا خلا دين الْوَالِدين أَو الأجداد أَو الْجدَّات لوَلَده وَيحبس الْمُسلم بدين الذِّمِّيّ والمستأمن وَعَكسه وَإِذا حبس الْكَفِيل يحبس الْمَكْفُول عَنهُ مَعَه وَإِذا لوزم يلازمه لَو كَانَت الْكفَالَة بأَمْره وَإِلَّا لَا وَلَا يَأْخُذ المَال قبل الْأَدَاء
دلّت الْمَسْأَلَة على جَوَاب الْوَقْعَة وَهُوَ أَن الْمَكْفُول لَهُ يتَمَكَّن من حبس الْأَصِيل وَالْكَفِيل وكفيل الْكَفِيل وَإِن كَثُرُوا وَإِذا خَافَ فراره قَيده وَلَا يخرج لجمعة وَلَا عيد وَلَا جَنَازَة وَلَا عِيَادَة مَرِيض وَيحبس فِي مَوضِع وَحش وَلَا يفرش لَهُ فرَاش وَلَا وطاء وَلَا يدْخل عَلَيْهِ من يسْتَأْنس بِهِ وَفِي الْأَقْضِيَة وَلَا يمْنَع من دُخُول الْجِيرَان عَلَيْهِ وَأَهله لاحتياجه إِلَى الشورى فِي الْقَضَاء وَلَا يمكنون من الْمكْث عِنْده طَويلا وَعَن مُحَمَّد أَنه يخرج فِي موت وَالِده وَولده لَا فِي غَيرهمَا إِذا لم يكن من يقوم عَلَيْهِمَا وَإِلَّا لَا
وَذكر القَاضِي أَن الْكَفِيل يخرج لجنازة الْوَالِدين والأجداد والجدات وَالْأَوْلَاد وَفِي غَيرهم لَا وَعَلِيهِ الْفَتْوَى وَقَالَ أَبُو بكر الاسكاف إِذا جن لَا يخرج وَلَو مرض فِي الْحَبْس واضناه وَلم يجد من يقوم عَلَيْهِ أخرجه كَذَا عَن مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى وَهَذَا إِذا غلب عَلَيْهِ الْهَلَاك وَعَن أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى أَنه لَا يُخرجهُ والهلاك فِي الْحَبْس وَغَيره سَوَاء وَالْفَتْوَى على رِوَايَة مُحَمَّد وَإِنَّمَا يُطلقهُ إِذا أطلقهُ بكفيل وَإِن لم يجد كَفِيلا لَا يُطلقهُ وحضرة الْخصم بعد التكفيل للإطلاق لَيْسَ بِشَرْط وَلَا يخرج إِلَى الْحمام
وَعَن الإِمَام رَحمَه الله تَعَالَى أَنه يمْنَع عَن الْوَطْء بِخِلَاف الْأكل لِأَنَّهُ ضَرُورِيّ وَالظَّاهِر عدم الْمَنْع لَكِن تدخل عَلَيْهِ زَوجته أَو أمته حَتَّى يَطَأهَا فِي مَوضِع خَال قَالَ وَيمْنَع من الْكسْب فِي الْأَصَح وَإِن خَافَ أَن يفر من الْحَبْس حول إِلَى سجن اللُّصُوص وَإِذا حبس الْمَحْبُوس فِي السجْن مُتَعَنتًا لَا يُوفى المَال قَالَ الإِمَام الأرسابيدي يطين عَلَيْهِ الْبَاب وَيتْرك لَهُ ثقبة يلقى لَهُ مِنْهَا المَاء وَالْخبْز وَقَالَ القَاضِي الرَّأْي فِيهِ إِلَى القَاضِي وَيتْرك لَهُ دست من الثِّيَاب وَيُبَاع الْبَاقِي وَإِن كَانَت لَهُ ثِيَاب حَسَنَة بَاعهَا القَاضِي وَاشْترى لَهُ الْكِفَايَة وَصرف
1 / 224
الْفضل إِلَى الدّين وَيُبَاع مَالا يحْتَاج إِلَيْهِ فِي الْحَال حَتَّى اللبد فِي الصَّيف والنطع فِي الشتَاء وَلَو كَانَ لَهُ كانون من حَدِيد يُبَاع ويشترى لَهُ من الطين وَعَن شُرَيْح رَحمَه الله تَعَالَى أَنه بَاعَ الْعِمَامَة
وَلَو أفلس المُشْتَرِي إِن كَانَ قبل الْقَبْض يَبِيع القَاضِي الْمَبِيع للثّمن وَعند الامام رَحمَه الله تَعَالَى لَا يَبِيع الْعقار وَلَا الْعرُوض وَقَالَ عِصَام لَا يَبِيع الْعقار إِجْمَاعًا وَالْخلاف فِي الْمَنْقُول وَقيل يَبِيع الْعقار عِنْدهمَا وَهُوَ الْأَصَح
وَفِي شرح الْقَدُورِيّ فِي المَال الْحَاضِر وَفِي الْغَائِب لَا يَبِيع الْعقار وَلَا الْعرُوض وَإِن ظفر بِالدَّنَانِيرِ وَله عَلَيْهِ دَرَاهِم فَفِيهِ رِوَايَتَانِ وَفِي شرح الطَّحَاوِيّ أَنه لَا يَأْخُذ وَفِي الصُّغْرَى أَنه يَأْخُذ قَالَ الْمَدْيُون أبيع عرضي وأوفي ديني أَجله القَاضِي ثَلَاثَة أَيَّام وَلَا يحْبسهُ وَلَو كَانَ لَهُ عقار يحْبسهُ ليَبِيعهُ وَيَقْضِي الدّين وَلَو كَانَ بِثمن قَلِيل وَإِذا وجد الْمَدْيُون من يقْرضهُ ليقضي بِهِ دينه فَلم يفعل فَهُوَ ظَالِم وَإِن أَرَادَ الدَّائِن إِطْلَاقه بِلَا حُضُور القَاضِي لَهُ ذَلِك فَإِن كَانَ أَمر الْمَدْيُون ظَاهرا عِنْد النَّاس فَالْقَاضِي يقبل بَيِّنَة الْإِعْسَار ويخليه قبل الْمدَّة الَّتِي نذكرها وَإِن كَانَ أمره مُشكلا هَل تقبل الْبَيِّنَة قبل الْحَبْس فِيهِ رِوَايَتَانِ اخْتَار الإِمَام الفضلى الْقبُول وَعَامة الْمَشَايِخ عدم الْقبُول
وَاخْتلفت الرِّوَايَات فِي تِلْكَ الْمدَّة الَّتِي يسْأَل القَاضِي عَنْهَا بعد الْحَبْس فقدردها الفضلى فِي كتاب الْكفَالَة بشهرين أَو ثَلَاثَة وَفِي رِوَايَة الْحسن بأَرْبعَة وَفِي رِوَايَة الطَّحَاوِيّ بِنصْف الْحول وَالصَّحِيح تفويضه إِلَى رَأْي القَاضِي لِأَنَّهُ للضجر والتسارع إِلَى قَضَاء الدّين وأحوال النَّاس فِي ذَلِك مُتَفَاوِتَة وَلَا يشْتَرك فِي بَيِّنَة الْإِعْسَار حَضْرَة الْمُدَّعِي فَإِن برهن الْمَطْلُوب على الْإِعْسَار والطالب على الْيَسَار فَبَيِّنَة الطَّالِب أولى كبينة الْإِبْرَاء مَعَ بَيِّنَة الْإِقْرَار انْتهى وَلَا يشْتَرط بَيَان مَا بِهِ يثبت الْيَسَار
وَذكر القَاضِي يسْأَل القَاضِي عَن الْمَحْبُوس بعد مُدَّة فَإِن أخبر بالإعسار أَخذ مِنْهُ كَفِيلا وخلاه إِن كَانَ صَاحب الدّين غَائِبا وَلَو كَانَ لمَيت على رجل دين وَله وَرَثَة صغَار وكبار لَا يُطلقهُ من الْحَبْس قبل الاستيثاق بكفيل الصغار وَقَالَ الْخصاف رَحمَه الله تَعَالَى يثبت الإفلاس بقول الشُّهُود هُوَ فقر لَا نعلم لَهُ مَالا وَلَا عرضا وَلَا مَا يخرج بِهِ عَن الْفقر وَعَن الصفار يشْهدُونَ أَنه مُفلس معدم لَا نعلم لَهُ مَالا سوى كسوته واختبرناه سرا وعلنا فَإِن لم يخبر أحد عَن حَاله لَكِن ادّعى الْمَدْيُون الْإِعْسَار والدائن الْيَسَار قَالَ فِي التَّجْرِيد لَا يصدق فِي كل دين لَهُ بدل كَثمن أَو قرض أَو حصل بِعقد أَو الْتِزَام كصداق أَو كَفَالَة وَفِي جَامع الصَّدْر ﵀ لَا يصدق فِي الْمهْر الْمُعَجل وَيصدق فِي الْمُؤَجل وَعَلِيهِ الْفَتْوَى وَفِي الأَصْل لَا يصدق فِي الصَدَاق بِلَا فصل بَين مؤجله ومعجله وَفِي الْأَقْضِيَة وَكَذَا لَا يصدق فِي نفقات الْأَقَارِب والزوجات وارش الْجِنَايَات
رب الدّين إِذا ادّعى أَن لَهُ مَالا بعد مَا برهن على الافلاس يحلف عِنْد الامام ﵀ قَالَ الامام الْحلْوانِي لَو طلب الْمَحْبُوس يَمِين الطَّالِب أَنه لَا يعرف أَنه معدم يحلفهُ فَإِن نكل أطلقهُ وَإِن حلف أَبَد حَبسه
وَيجوز الْجُلُوس فِي الْمَسْجِد لغير الصَّلَاة لملازمة الْغَرِيم وَقَالَ القَاضِي الْمَذْهَب عندنَا أَنه لَا يلازمه فِي الْمَسْجِد لِأَنَّهُ بني لذكر الله تَعَالَى وَبِه يُفْتى
قَالَ هِشَام سَأَلت مُحَمَّدًا ﵀ عَمَّن أخرج من السجْن عَن تفليس قَالَ يلازمه لِأَنَّهُ لَا علم لنا بِحَالهِ لَعَلَّه أخْفى مَاله فتخرجه الْمُلَازمَة ذكر الْمُلَازمَة واراد بِهِ الْحَبْس بِدَلِيل التفاريع قَالَ قلت لَهُ فَإِن كَانَت
1 / 225
الْمُلَازمَة أضرّ بالعيال لكَونه مِمَّن يتكسب بالسعي فِي الطرقات قَالَ آمُر رب الدّين أَن يُوكل غُلَاما لَهُ يكون مَعَه وَلَا أمْنَعهُ عَن طلب مَا يقوته وَعِيَاله يَوْمه وَإِن شَاءَ تَركه أَيَّامًا ثمَّ لَازمه على قدر ذَلِك قَالَ قلت لَهُ إِن كَانَ عَاملا يعْمل بِيَدِهِ قَالَ إِن كَانَ عملا يقدر أَن يعمله حَيْثُ يلازمه لَازمه وَإِن كَانَ عملا لَا يقدر مَعَه على الطّلب خرج وَطلب وَإِن كَانَ فِي ملازمته ذهَاب قوته وَعِيَاله أكلفه أَن يُقيم كَفِيلا بِنَفسِهِ ثمَّ نخلي سَبيله
إِذا قَالَ الْمُدَّعِي لي بَيِّنَة وَطلب يَمِين خَصمه لَا يستحلفه القَاضِي لِأَنَّهُ يُرِيد أَن يُقيم عَلَيْهِ الْبَيِّنَة بعد الْحلف ويفضحه بذلك وَقد أمرنَا بالستر وَقَالا لَهُ أَن يحلفهُ قَالَ الامام الْحلْوانِي رَحمَه الله تَعَالَى إِن شَاءَ القَاضِي مَال إِلَى قَوْله وَإِن شَاءَ مَال إِلَى قَوْلهمَا كَمَا قَالُوا فِي التَّوْكِيل بِلَا رضَا الْخصم يَأْخُذ بِأَيّ الْقَوْلَيْنِ شَاءَ
نقد الْمَحْبُوس الدّين والدائن غَائِب إِن شَاءَ القَاضِي أَخذ الدّين وَوَضعه عِنْد عدل وَأطْلقهُ وَإِن شَاءَ أطلقهُ بكفيل ثِقَة بِنَفسِهِ وبالمال وَفِي النَّوَازِل وَكَذَا لَو برهن الْمَحْبُوس على الإفلاس وَرب الدّين غَائِب
وَاسْتحْسن بعض الْمُتَأَخِّرين أَن تحبس الْمَرْأَة إِذا حبس الزَّوْج وَكَانَ قَاضِي عَنْبَسَة يحبسها مَعَه صِيَانة لَهَا عَن الْفُجُور
قَالَ الْمقْضِي عَلَيْهِ للْقَاضِي أخذت الرِّشْوَة من غريمي وقضيت عَليّ عزره
وَمن أَخذ من السُّلْطَان مَالا حَرَامًا فَحق الْخُصُومَة فِي الْآخِرَة لصَاحب الْحق مَعَ السُّلْطَان وَمَعَ الْقَابِض إِن لم يخلطه السُّلْطَان وَبعد الْخَلْط عِنْد الامام رَحمَه الله تَعَالَى يكون مَعَ السُّلْطَان لَا غَيره
إِذا أَرَادَ أَن يذهب مَعَ خَصمه إِلَى السُّلْطَان لَا إِلَى القَاضِي يجوز لَهُ ذَلِك شرعا وَلَا يُفْتى بِهِ لكنه إِن عجز عَن الإستيفاء عِنْد القَاضِي ذهب إِلَى السُّلْطَان
القَاضِي إِذا قَاس مَسْأَلَة على مَسْأَلَة وَحكم ثمَّ ظَهرت رِوَايَة بِخِلَافِهِ فالخصومة للْمُدَّعِي عَلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة مَعَ القَاضِي وَالْمُدَّعِي أما مَعَ الْمُدَّعِي فَلِأَنَّهُ آثم بِأخذ المَال وَأما مَعَ القَاضِي فَلِأَنَّهُ آثم بِالِاجْتِهَادِ لِأَن أحدا لَيْسَ من أهل الِاجْتِهَاد فِي زَمَاننَا وَبَعض أذكياء خوارزم قَاس الْمُفْتِي على القَاضِي فأوردت عَلَيْهِ أَن القَاضِي صَاحب مُبَاشرَة الحكم والمفتي سَبَب للْحكم فَكيف يُؤَاخذ السَّبَب مَعَ الْمُبَاشر فَانْقَطع وَكَانَ لَهُ أَن يَقُول القَاضِي فِي زَمَاننَا ملْجأ إِلَى الحكم بعد الْفَتْوَى لِأَنَّهُ لَو ترك يلام لِأَنَّهُ غير عَالم حَتَّى يقْضى بِعِلْمِهِ كَذَا فِي البزازي
الْفَصْل الثَّانِي فِي أَنْوَاع الدَّعَاوَى والبينات
الْمُدَّعِي من لَا يجْبر على الْخُصُومَة إِذا تَركهَا وَالْمُدَّعِي عَلَيْهِ من يجْبر على الْخُصُومَة أَي على الْجَواب وَقَالَ مُحَمَّد ﵀ فِي الأَصْل الْمُدَّعِي عَلَيْهِ هُوَ الْمُنكر وَإِنَّمَا اقْتصر عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إِذا عرف الْمُدَّعِي عَلَيْهِ عرف الْمُدَّعِي
وَلَو كَانَت الدَّعْوَى غير صَحِيحَة فَادّعى الْمُدَّعِي عَلَيْهِ الدّفع هَل يسمع وَهل يُمكن إِثْبَات دَفعه من غير تَصْحِيح الدَّعْوَى اخْتلف الْمَشَايِخ فِيهِ وَفِي كتاب الرُّجُوع عَن الشَّهَادَات مَا يدل على أَن الْمُدَّعِي للدَّفْع يُطَالب بتصحيح الدَّعْوَى كَذَا فِي المنبع
وَفِي الْمُحِيط القَاضِي مُخَيّر إِن شَاءَ سَأَلَ الْمُدَّعِي عَلَيْهِ جَوَابه وَإِن شَاءَ نظر إِلَيْهِ وَإِذا سَأَلَهُ وَجب عَلَيْهِ الْجَواب وَإِذا وَجب عَلَيْهِ الْجَواب فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَن يقْرَأ وينكر أَو يسكت فَإِن أقرّ قضى القَاضِي على الْمُدَّعِي
1 / 226
عَلَيْهِ بِمُوجب إِقْرَاره لظُهُور صدق دَعْوَاهُ بِالْإِقْرَارِ وَإِن أنكر سَأَلَ القَاضِي من الْمُدَّعِي الْبَيِّنَة المظهرة لصدق دَعْوَاهُ فَقَالَ أَلَك بَيِّنَة لقَوْله ﵊ حِين اخْتصم الْحَضْرَمِيّ والكندي بَين يَدَيْهِ للْمُدَّعِي أَلَك بَيِّنَة فَقَالَ لَا فَقَالَ لَك يَمِينه فَإِن أحضرها قضى عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ فَإِذا آتِي الْمُدَّعِي بِشَاهِد فقد ترجح جَانب جِهَة الصدْق بِهِ لَكِن عَارضه شَهَادَة الأَصْل فَإِن الذمم خلقت فِي الأَصْل بَريَّة وَعَن الْحُقُوق عرية فَلَا بُد من شَاهد آخر ليَكُون شغلها بِحجَّة قَوِيَّة اه
وَفِي المنبع قَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى إِذا قَالَ الْمُدَّعِي لَيْسَ لي بَيِّنَة على هَذَا الْحق ثمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَة على ذَلِك لم تقبل لِأَنَّهُ أكذب بَينته
وَفِي الْبَدَائِع وَإِن قَالَ الْمُدَّعِي لَا بَيِّنَة لي ثمَّ جَاءَ بِالْبَيِّنَةِ هَل تقبل روى الْحسن عَن أبي حنيفَة ﵀ أَنَّهَا تقبل وروى عَن مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى أَنَّهَا لَا تقبل
وَفِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّة وَإِذا قَالَ الْمُدَّعِي عَلَيْهِ عِنْد سُؤال القَاضِي إِيَّاه عَن الدّفع لَا دفع لي ثمَّ جَاءَ بِالدفع فقد قيل يجب أَن تكون الْمَسْأَلَة على الْخلاف بَين أبي حنيفَة وَمُحَمّد رحمهمَا الله تَعَالَى بِنَاء على هَذِه الْمَسْأَلَة وَلَا يحفظ عَن أبي يُوسُف رِوَايَة فِي هَاتين الْمَسْأَلَتَيْنِ وَكَذَلِكَ لَو قَالَ الْمُدَّعِي كل بَيِّنَة آتى بهَا فهم شُهُود زور وَكَذَلِكَ لَو قَالَ كل شَهَادَة يشْهد لي بهَا فَلَا وَفُلَان على فلَان بِهَذَا الْحق فَلَا حق لي فِيهَا ثمَّ ادّعى بعد ذَلِك شَهَادَتهمَا عَلَيْهِ وَجَاء بهما يَشْهَدَانِ عَلَيْهِ فَهُوَ على هَذَا الْخلاف وَدفع الدَّعْوَى كَمَا هُوَ الصَّحِيح فَكَذَلِك دفع الدّفع وَكَذَلِكَ دفع دفع الدّفع فَصَاعِدا هُوَ الْمُخْتَار
وَفِي الْوَلْوَالجيّ رجل ادّعى على رجل شَيْئا من الدَّنَانِير وَالدَّرَاهِم وَالْعرُوض والضياع وَأنكر الْمُدَّعِي عَلَيْهِ كُله وَأَرَادَ تَحْلِيفه فَالْقَاضِي يجمع الْكل ويحلفه يَمِينا وَاحِدًا وَفِي المنبع هَذَا إِذا حلف فَإِن نكل عَن الْيَمين وَلم يحلف يقْضِي القَاضِي بِالنّكُولِ فِي أول مرّة وَهُوَ الْمَذْهَب حَتَّى لَو قضى بِالنّكُولِ مرّة نفذ قَضَاؤُهُ فِي الصَّحِيح إِلَّا أَن الْخصاف قَالَ يَنْبَغِي للْقَاضِي أَن يَقُول لَهُ إِنِّي أعرض عَلَيْك الْيَمين ثَلَاث مَرَّات فَإِن حَلَفت وَإِلَّا قضيت عَلَيْك وَفِي الْكَافِي وَفِي التَّقْدِير بِالثلَاثِ فِي عرض الْيَمين لَازم فِي الْمَرْوِيّ عَن أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَبِه قَالَ احْمَد وَلَكِن الْجُمْهُور على أَن الْعرض ثَلَاثًا بطرِيق الِاحْتِيَاط وَبِه قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ
وَذكر فِي الْمُحِيط وَلَو قَالَ الْمُدَّعِي عَلَيْهِ بعد مَا نكل عَن الْيَمين ثَلَاث مَرَّات أَنا أَحْلف يحلفهُ قبل الْقَضَاء بِالنّكُولِ وَبعد الْقَضَاء لَا يحلفهُ وَعند الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى فعل لَا يقْضِي بِالنّكُولِ وَلَكِن ترد الْيَمين على الْمُدَّعِي وَهُوَ مَذْهَب مَالك وَأحمد رحمهمَا الله تَعَالَى وَفِي الْمُحِيط وَيجوز رد الْيَمين على الْمُدَّعِي على وَجه الصُّلْح وَذكر فِي الْجَامِع الصَّغِير أَن الصُّلْح عَن الْيَمين جَائِز حَتَّى لَا يكون لَهُ أَن يستحلفه على ذَلِك أبدا فَلَمَّا جَازَ الصُّلْح جَازَ أَيْضا رد الْيَمين إِلَى الْمُدَّعِي على وَجه الصُّلْح
وَفِي الذَّخِيرَة رجل لَهُ على آخر ألف دِرْهَم مُؤَجّلَة فَطلب رب الدّين من الْمَدْيُون كَفِيلا فَالْقَاضِي لَا يجْبرهُ على إِعْطَاء الْكَفِيل وَفِي ظَاهر الرِّوَايَة عَن أَصْحَابنَا ﵏ إِن لَهُ أَن يُطَالِبهُ بِإِعْطَاء الْكَفِيل وَإِن كَانَ الدّين مُؤَجّلا وَلَو طلب المُشْتَرِي من البَائِع كَفِيلا بالدرك لَو ظهر لَهُ ذَلِك فِي الدّين الْمُؤَجل أولى
وَفِي الْمُنْتَقى قَالَ رب الدّين مديوني يُرِيد السّفر لَهُ التكفيل وَإِن كَانَ الدّين مُؤَجّلا
وَفِي البزازي قَالَت زَوجي يُرِيد أَن يغيب فَخذ بِالنَّفَقَةِ كَفِيلا لَا يجبيها الْحَاكِم إِلَى ذَلِك لِأَنَّهَا لم تجب
1 / 227
بعد عَلَيْهِ وَاسْتحْسن الامام الثَّانِي رَحمَه الله تَعَالَى أَخذ الْكَفِيل رفقا بهَا وَعَلِيهِ الْفَتْوَى وَيجْعَل كَأَنَّهُ كفل بِمَا ذاب لَهَا عَلَيْهِ
وَفِي الْمُحِيط لَو أفتى بقول الإِمَام الثَّانِي رَحمَه الله تَعَالَى فِي سَائِر الدُّيُون بِأخذ الْكَفِيل كَانَ حسنا رفقا بِالنَّاسِ
عين فِي يَد رجل ادّعى آخر أَنَّهَا ملكه اشْتَرَاهَا من فلَان الْغَائِب وَصدقه ذُو الْيَد على ذَلِك فَالْقَاضِي لَا يَأْمر ذَا الْيَد بِالتَّسْلِيمِ إِلَى الْمُدَّعِي حَتَّى لَا يكون قَضَاء على الْغَائِب بِالشِّرَاءِ بِإِقْرَارِهِ كَذَا فِي الْعِمَادِيّ وَفِيه ايضا إِذا ادّعى على رجل أَنه كفل عَن فلَان بِمَا يذوب لَهُ عَلَيْهِ فَأقر الْمُدَّعِي عَلَيْهِ بِالْكَفَالَةِ وَأنكر الْحق فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَة أَنه ذاب لَهُ على فلَان كَذَا فَإِنَّهُ يقْضِي لَهُ بهَا فِي حق الْكَفِيل الْحَاضِر وَفِي حق الْغَائِب جَمِيعًا حَتَّى لَو حضر الْغَائِب وَأنكر لَا يلْتَفت إِلَى إِنْكَاره
قَالَ رجل لامْرَأَة رجل غَائِب إِن زَوجك وكلني أَن أحملك إِلَيْهِ فَقَالَت إِنَّه قد طَلقنِي ثَلَاثًا وأقامت الْبَيِّنَة على ذَلِك يقْضِي بقصر يَد الْوَكِيل عَنْهَا وَلَا يقْضِي بِالطَّلَاق على الْغَائِب حَتَّى لَو حضر الْغَائِب وَأنكر الطَّلَاق تحْتَاج الْمَرْأَة إِلَى إِقَامَة الْبَيِّنَة
قَالَ لامْرَأَته إِن طلق فلَان امْرَأَته فَأَنت طَالِق ثمَّ ان امْرَأَة الْحَالِف ادَّعَت أَن فلَانا طلق امْرَأَته وَفُلَان غَائِب وَزوج المدعية حَاضر وأقامت الْبَيِّنَة لَا تقبل وَلَا يحكم بِوُقُوع الطَّلَاق عَلَيْهَا لِأَن بينتها على طَلَاق فلَان الْغَائِب لَا تصح لِأَن فِي ذَلِك ابْتِدَاء الْقَضَاء على الْغَائِب وَقد أفتى بعض الْمُتَأَخِّرين بِقبُول هَذِه الْبَيِّنَة وبوقوع الطَّلَاق إِلَّا أَن الأول اصح
الانسان إِذا أَقَامَ بَيِّنَة على شَرط حَقه بِإِثْبَات فعل على الْغَائِب فَإِن لم يكن فِيهِ إبِْطَال حق الْغَائِب تقبل هَذِه الْبَيِّنَة وينتصب الْحَاضِر خصما عَن الْغَائِب وَإِن كَانَ فِيهِ إبِْطَال حق الْغَائِب من طَلَاق أَو عتاق أَو بيع أَو مَا أشبه ذَلِك أفتى بعض الْمُتَأَخِّرين أَنه يقبل وَيَقْضِي على الْحَاضِر وَالْغَائِب جَمِيعًا وَبِه أَخذ شمس الْأَئِمَّة الأوزجندي
لَو طلب رب الدّين الْكَفِيل بِالدّينِ فَقَالَ الْكَفِيل الْمَدْيُون أَدَّاهُ والمديون غَائِب فَأَقَامَ الْكَفِيل بَيِّنَة على أَدَاء الدّين تقبل وينتصب الْكَفِيل خصما عَن الْمَدْيُون لِأَنَّهُ لَا يُمكنهُ دفع رب المَال إِلَّا بِهَذَا فينتصب خصما عَنهُ
وَفِي الْمُحِيط وَسَائِر الْفَتَاوَى إِذا ادّعى انسان على آخر وَالْقَاضِي يعلم أَنه مسخر لَا شَيْء عَلَيْهِ لَا يجوز وَلَو حكم عَلَيْهِ لَا يجوز أَيْضا وَتَفْسِير المسخر أَن ينصب القَاضِي وَكيلا عَن الْغَائِب ليسمع الْخُصُومَة عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ لَو أحضر رجل غَيره عِنْد القَاضِي ليسمع الْخُصُومَة عَلَيْهِ وَالْقَاضِي يعلم أَن الْمحْضر لَيْسَ بخصم فَإِنَّهُ لَا يسمع الْخُصُومَة عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يجوز نصب الْوَكِيل عَن خصم اختفى فِي بَيته وَلم يحضر مجْلِس الحكم بعد مَا بعث القَاضِي أمناءه إِلَى دَاره وَنُودِيَ على بَاب دَاره
وَذكر فِي شَهَادَات الْجَامِع رجل غَابَ فجَاء رجل فَادّعى على رجل ذكر أَنه غَرِيم الْغَائِب وَأَن الْغَائِب وَكله بِطَلَب كل حق لَهُ على غُرَمَائه بِالْكُوفَةِ وبالخصومة فِيهِ وَالْمُدَّعِي عَلَيْهِ يُنكر وكَالَته فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَة على وكَالَته وَقضى القَاضِي عَلَيْهِ بِالْوكَالَةِ قَالَ صَاحب الْفُصُول هَذِه الْمَسْأَلَة دَلِيل على جَوَاز الحكم على المسخر وَفِي أدب القَاضِي أَن الحكم على المسخر يجوز وَقيل يَنْبَغِي أَن تكون هَذِه الْمَسْأَلَة على رِوَايَتَيْنِ
وَإِذا قضى على وَكيل الْغَائِب أَو على وَصِيّ الْمَيِّت يقْضِي على الْغَائِب وعَلى الْمَيِّت وَلَا يقْضِي على الْوَكِيل
1 / 228
وَالْوَصِيّ وَيكْتب فِي السّجل أَنه قضى على الْغَائِب وعَلى الْمَيِّت بِحَضْرَة وَكيله وبحضرة وَصِيّه لِأَن هَذَا فِي الأَصْل قَضَاء على الْغَائِب وَفِي الْقَضَاء على الْغَائِب رِوَايَتَانِ عَن اصحابنا وَكَانَ ظهير الدّين المرغيناني يُفْتِي فِي الْقَضَاء على الْغَائِب بِعَدَمِ النَّفاذ
وَفِي الْوَاقِعَات إِذا قضى بِالْبَيِّنَةِ وَغَابَ الْمقْضِي عَلَيْهِ وَله مَال عِنْد النَّاس لَا يدْفع إِلَى الْمقْضِي لَهُ حَتَّى يحضر الْغَائِب وَكَذَا ذكر فِي أَجنَاس الناطفي وَزَاد إِلَّا فِي نَفَقَة الْمَرْأَة وَالْأَوْلَاد الصغار والوالدين
وَلَو أَن رجلا جَاءَ إِلَى القَاضِي وَقَالَ إِن هَذِه الدَّابَّة وَدِيعَة عِنْدِي وَقد غَابَ الْمَالِك وَلم يتْرك النَّفَقَة فمرني بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا لأرجع بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهِ أَو قَالَ التقطت هَذِه الدَّابَّة أَو رددت هَذَا الْآبِق من مسيرَة سفر وَالْمَالِك غَائِب فَطلب مِنْهُ أَن يقْضِي بِالنَّفَقَةِ حَتَّى يرجع على الْمَالِك فَإِن القَاضِي يسْأَل مِنْهُ الْبَيِّنَة فَإِن أَقَامَهَا قضى بِالْبَيِّنَةِ على الْغَائِب فَإِذا حضر يرجع عَلَيْهِ
وَفِي العمادى وَإِذ قَالَ الْغَرِيم للطَّالِب إِن لم أقضك مَالك الْيَوْم فامرأته كَذَا فتوارى الطَّالِب وخشي الْمَطْلُوب أَن لَا يظْهر الْيَوْم فَيحنث هُوَ فِي يَمِينه فَأخْبر القَاضِي الْقِصَّة فنصب عَن الْغَائِب وَكيلا وَأمر الْوَكِيل بِقَبض المَال من الْمَطْلُوب حَتَّى يبر فَقبض المَال وَحكم بِهِ حَاكم آخر فَإِن أَبَا يُوسُف قَالَ لَا يجوز كَذَا ذكره فِي آخر الْأَقْضِيَة وَهَذَا قَوْلهم وَإِن خص قَول أبي يُوسُف بِالذكر
وَذكر الناطفي أَن القَاضِي ينصب وَكيلا عَن الْغَائِب وَيقبض مَاله وَلَا يَحْنَث الْمَطْلُوب قَالَ الناطفي وَعَلِيهِ الْفَتْوَى
وَذكر رشيد الدّين فِي فَتَاوِيهِ ادّعى عينا فِي يَد رجل واراد إِحْضَاره لمجلس القَاضِي فَأنْكر الْمُدَّعِي عَلَيْهِ أَن يكون فِي يَده فجَاء الْمُدَّعِي بِشَاهِدين شَهدا أَن هَذَا الْعين كَانَ فِي يَد الْمُدَّعِي عَلَيْهِ قبل هَذَا التَّارِيخ بِسنة هَل تسمع وَهل يجْبر الْمُدَّعِي عَلَيْهِ على إِحْضَاره بِهَذِهِ الْبَيِّنَة أم لَا كَانَت وَاقعَة الْفَتْوَى يَنْبَغِي أَن تقبل لِأَنَّهُ أثبت يَده فِي الزَّمَان الْمَاضِي وَلم يثبت خُرُوجه من يَده وَقد وَقع الشَّك فِي زَوَال تِلْكَ الْيَد فَتثبت الْيَد مالم يُوجد المزيل
قَالَ شمس الْأَئِمَّة الْحلْوانِي وَمن المنقولات مَالا يُمكن إِحْضَاره عِنْد القَاضِي كالصبرة من الطَّعَام والقطيع من الْغنم وَالْقَاضِي فِيهِ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ حضر ذَلِك الْموضع لَو تيَسّر لَهُ ذَلِك وَإِن كَانَ لَا يتهيأ لَهُ الْحُضُور وَكَانَ مَأْذُونا بالاستخلاف يبْعَث خَلِيفَته إِلَى ذَلِك الْموضع وَهُوَ نَظِير مَا إِذا كَانَ القَاضِي يجلس فِي دَاره وَوَقعت الدَّعْوَى فِي جمل لَا يَسعهُ بَاب دَاره فَإِنَّهُ يخرج إِلَى بَاب دَاره أَو يَأْمر نَائِبه حَتَّى يخرج ليشير إِلَيْهِ الشُّهُود بِحَضْرَتِهِ
وَفِي الْقَدُورِيّ إِذا كَانَ الْمُدَّعِي بِهِ شَيْئا يتَعَذَّر نَقله كالرحى فالحاكم فِيهِ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ حضر وَإِن شَاءَ بعث أَمينا
قَالَ فَخر الاسلام على الْبَزْدَوِيّ وَإِذا كَانَت الْقيمَة مُخْتَلفَة فَيَنْبَغِي للْقَاضِي أَن يُكَلف الْمُدَّعِي بِبَيَان الْقيمَة فَإِن كلفه وَلم يبين تسمع دَعْوَاهُ
وَفِي الْمَبْسُوط رجل ترك الدَّعْوَى ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ سنة وَلم يكن لَهُ مَانع من دَعْوَى شَرْعِيَّة ثمَّ ادّعى بعد ذَلِك لَا تسمع دَعْوَاهُ لِأَن تَركه مَعَ التَّمَكُّن دَلِيل على عدم الْحق ظَاهرا
وَذكر فِي الْمُحِيط رجل لَهُ على آخر فلوس أَو طَعَام فَاشْترى مَا عَلَيْهِ بِدَرَاهِم أَو دَنَانِير وتفرقا قبل نقد الثّمن كَانَ العقد بَاطِلا
1 / 229
قَالَ الْعِمَادِيّ وَهَذَا فصل يجب حفظه وَالنَّاس عَنهُ غافلون فَإِن الْعَادة فِيمَا بَين النَّاس أَن من كَانَ لَهُ على آخر حِنْطَة أَو شعير أَو مَا أشبه ذَلِك فصاحبها يَأْخُذ مِمَّن هِيَ عَلَيْهِ عِنْد غلاء السّعر خطا بِالذَّهَب أَو الْفضة بِثمن ذَلِك ويسمونه فِيهَا بَينهم تَقْوِيم الْحِنْطَة فَإِنَّهُ فَاسد لِكَوْنِهِمَا افْتَرقَا عَن دين بدين
وَفِي الذَّخِيرَة رجل ادّعى دَارا أَو عقارا آخر أَو مَنْقُولًا فِي يَد رجل ملكا مُطلقًا واقام الْبَيِّنَة على الْملك الْمُطلق يقْضِي بِبَيِّنَة الْخَارِج عِنْد عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَة رَحِمهم الله تَعَالَى وَهَذَا إِذا لم يذكرَا تَارِيخا وَأما إِذا ذكرَاهُ إِن كَانَ سَوَاء فَكَذَلِك يقْضِي للْخَارِج وَإِن كَانَ تَارِيخ أَحدهمَا أسبق يقْضِي لأسبقهما تَارِيخا
وَلَو ادّعى حمارا وَقَالَ فِي دَعْوَاهُ هَذَا الْحمار غَابَ عني مُنْذُ شهر فَقَالَ الْمُدَّعِي عَلَيْهِ إِنِّي أقيم الْبَيِّنَة أَن هَذَا الْحمار ملكي وَفِي يَدي مُنْذُ سنة أَو مَا أشبه ذَلِك يقْضِي للْمُدَّعِي وَلَا يلْتَفت إِلَى بَيِّنَة الْمُدَّعِي عَلَيْهِ لِأَن مَا ذكره الْمُدَّعِي من التَّارِيخ تَارِيخ غيبَة الْحمار عَن يَده لَا تَارِيخ ملكه فَكَانَ دَعْوَاهُ فِي الْملك مُطلقًا خَالِيا عَن التَّارِيخ وَصَاحب الْيَد ذكر التَّارِيخ إِلَّا أَن التَّارِيخ حَالَة الِانْفِرَاد لَا يعْتَبر عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وَكَانَ دَعْوَى صَاحب الْيَد دَعْوَى مُطلق الْملك كدعوى الْخَارِج فَيَقْضِي بِبَيِّنَة الْخَارِج اه
وَفِي الْعِمَادِيّ الْخَارِج وَذُو الْيَد إِذا ادّعَيَا الشِّرَاء من وَاحِد وَأَقَامَا بَيِّنَة وَلم يؤرخا يقْضى لذِي الْيَد فَإِن أرخ الْخَارِج لَا يعْمل بِهِ لِأَن التَّارِيخ فِي حَقه خبر وَالْقَبْض فِي حق ذِي الْيَد معاين وَأَنه دَلِيل على سبق عقده والمعاينة أقوى من الْخَبَر إِلَّا إِذا أرخا وتاريخ الْخَارِج أسبق فَحِينَئِذٍ يقْضى للْخَارِج
وَفِي شرح أدب القَاضِي للحسام الشَّهِيد وَإِن ادّعى أَن اباه مَاتَ وَهُوَ وَارثه وَلَا وَارِث لَهُ غَيره وَادّعى دَارا فِي يَد رجل أَنَّهَا كَانَت لِأَبِيهِ مَاتَ وَتركهَا مِيرَاثا لَهُ وَالَّذِي فِي يَده الدَّار يُنكر ذَلِك فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَة أَن الدَّار كَانَت لِأَبِيهِ مَاتَ وَتركهَا مِيرَاثا لَهُ وَأَنَّهُمْ لَا يعلمُونَ لِأَبِيهِ وَارِثا غَيره فَإِن الْحَاكِم يحكم لَهُ بِالدَّار لِأَنَّهُ أثبت سَبَب الْملك لنَفسِهِ بِالْحجَّةِ فَيَقْضِي لَهُ بِهِ
قَالَ وَلَو أَن رجلا مَاتَ وَله وَرَثَة فَحَضَرَ وَاحِد مِنْهُم وَادّعى وَفَاة أَبِيه وَادّعى دَارا فِي يَد رجل أَنَّهَا كَانَت لِأَبِيهِ مَاتَ وَتركهَا مِيرَاث لَهُ ولسائر وَرَثَة أَبِيه وهم فلَان وَفُلَان وَالَّذِي فِي يَده الدَّار يجْحَد هَذَا كُله فَأَقَامَ الابْن شَاهِدين على وَفَاة أَبِيه وعدة ورثته وَأَن هَذِه الدَّار لِأَبِيهِ مَاتَ وَتركهَا مِيرَاثا لَهُم وَلم يحضر مِنْهُم وَارِث غَيره فَإِن القَاضِي يقبل ذَلِك وَيحكم بِالدَّار لِأَبِيهِ وَيدْفَع إِلَى هَذَا الَّذِي أَقَامَ الْبَيِّنَة حِصَّته مِنْهَا لِأَن الْوَاحِد من الْوَرَثَة ينْتَصب خصما فِيمَا يثبت للْمَيت وعَلى الْمَيِّت وَأما حصص البَاقِينَ فَإِنَّهَا تتْرك فِي يَده فَكلما حضر وَاحِد مِنْهُم أَخذ حِصَّته مِنْهَا وَلَا يُكَلف إِعَادَة الْبَيِّنَة على أَنَّهَا كَانَت لِأَبِيهِ وَهَذَا قَول أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وَقَالَ أَبُو ويوسف وَمُحَمّد رحمهمَا الله تَعَالَى يدْفع إِلَى الْمُدَّعِي حِصَّته مِنْهَا وينتزع الْبَاقِي من يَد الْمُدَّعِي عَلَيْهِ وَيجْعَل على يَد رجل عدل حَتَّى يحضر من بَقِي من الْوَرَثَة وَأَجْمعُوا على أَن الْمُدَّعِي عَلَيْهِ لَو كَانَ مقرا دفع إِلَى الْوَارِث الْحَاضِر نصِيبه وَالْبَاقِي يتْرك فِي يَد ذِي الْيَد
إِذا حضر رجل وَادّعى دَارا فِي يَد رجل أَنَّهَا لِأَبِيهِ مَاتَ وَتركهَا مِيرَاثا لَهُ وَأقَام على ذَلِك بَيِّنَة وَلم يشْهدُوا على عدد الْوَرَثَة وَلم يعرفوهم وَلَكِن قَالُوا تَركهَا مِيرَاثا لوَرثَته فَإِنَّهُ لَا تقبل هَذِه الشَّهَادَة وَلَا يدْفع إِلَيْهِ شَيْء حَتَّى يُقيم بَيِّنَة على عدد الْوَرَثَة لأَنهم لما لم يشْهدُوا على عدد الْوَرَثَة لَا يصير نصيب هَذَا الْوَاحِد مَعْلُوما وَالْقَضَاء بِغَيْر الْمَعْلُوم مُتَعَذر
وَهَا هُنَا ثَلَاث فُصُول الأول هَذَا وَالثَّانِي لَو شهد الشُّهُود أَنه ابْنه ووارثه وَلَا نعلم لَهُ وَارِثا غَيره
1 / 230
فَإِن القَاضِي يقْضِي بِجَمِيعِ التَّرِكَة لَهُ من غير تلوم الثَّالِث إِذا شهدُوا أَنه ابْن فلَان مَالك هَذِه الدَّار وَلم يشْهدُوا على عدد الْوَرَثَة وَلم يَقُولُوا فِي شَهَادَتهم لَا نَعْرِف لَهُ وَارِثا غَيره فان القَاضِي يتلوم فِي ذَلِك زَمَانا على قدر مَا يرى فَإِن حضر وَارِث غَيره قسم الدَّار بَينهم وَإِن لم يحضر دفع الدَّار إِلَيْهِ وَهل يَأْخُذ مِنْهُ كَفِيلا بِمَا دفع إِلَيْهِ قَالَ أَبُو حنيفَة لَا يَأْخُذ مِنْهُ كَفِيلا وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يَأْخُذ مِنْهُ كَفِيلا بِهِ ثمَّ قَالَ إِنَّمَا يدْفع إِلَى الْوَارِث الَّذِي حضر جَمِيع المَال بعد التَّلَوُّم إِذا كَانَ هَذَا الْوَارِث مِمَّن لَا يحجب بِغَيْرِهِ كَالْأَبِ وَالِابْن أما إِذا كَانَ مِمَّن يحجب بِغَيْرِهِ كالجد وَالْأَخ وَالْعم فَإِنَّهُ لَا يدْفع إِلَيْهِ المَال وَأما إِذا كَانَ مِمَّن لَا يحجب بِغَيْرِهِ وَلَكِن يخْتَلف نصِيبه كالزوج وَالزَّوْجَة فَإِنَّهُ يدْفع إِلَيْهِ أقل النَّصِيبَيْنِ
وَقَالَ مُحَمَّد أوفر النَّصِيبَيْنِ النّصْف للزَّوْج وَالرّبع للْمَرْأَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف أقل النَّصِيبَيْنِ وَقَول أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى مصطرب فِي بَعْضهَا مثل قَول مُحَمَّد فِيمَا إِذا كَانَ الْمَيِّت امْرَأَة وَالْمُدَّعِي زوجا وَفِي بَعْضهَا مثل قَول أبي يُوسُف ثمَّ إِذا ثَبت عِنْد أبي يُوسُف أَنه يدْفع لَهُ اقل النَّصِيبَيْنِ فقد اخْتلفت الرِّوَايَات عَنهُ فِي ذَلِك أما إِذا كَانَ الْمَيِّت زوجا وَالْمُدَّعِي امْرَأَة فَفِيهِ رِوَايَتَانِ فِي ظَاهر الرِّوَايَة عَنهُ يدْفع إِلَيْهَا ربع الثّمن لِأَنَّهُ قد يكون للزَّوْج أَربع نسْوَة فَيكون نصِيبهَا ربع الثّمن وَفِي رِوَايَة أُخْرَى عَن أبي يُوسُف أَنه يُعْطي لَهَا ربع الْمِيرَاث كَمَا ذكر عَن مُحَمَّد وَأما إِذا كَانَ الْمَيِّت امْرَأَة وَالْمُدَّعِي زوجا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ أَيْضا فِي ظَاهر الرِّوَايَة عَنهُ يدْفع إِلَيْهِ الرّبع انْتهى
المساومة وَمَا يشبهها كالإيداع والاستعارة والاستئجار والاستيهاد إِقْرَار بِأَنَّهُ لذِي الْيَد ومانع من الدَّعْوَى لنَفس الْمسَاوِي وَلغيره
طلب نِكَاح الْأمة مَانع من دَعْوَى تَملكهَا وَطلب نِكَاح الْحرَّة مَانع من دَعْوَى نِكَاحهَا
وَفِي الْقنية بخ أحضر ابْن الْمَيِّت فَادّعى أَن اباك أَخذ مني كَذَا دِينَارا واشار إِلَى الابْن وَلم يذكر اسْم الْأَب وَنسبه أَو شهد الشُّهُود بِنَحْوِ مَا ذكر لَا يَصح وَيشْتَرط ذكر اسْمه وَنسبه وَفِيه أَيْضا قع قَالَ الْمُدَّعِي عَلَيْهِ للْمُدَّعِي لَا أعرفك فَلَمَّا ثَبت الْحق بِالْبَيِّنَةِ ادّعى الايصال لَا يسمع وَلَو ادّعى إِقْرَار الْمُدَّعِي الْوُصُول أَو الايصال يسمع
نوع فِي كَيْفيَّة الْيَمين والاستحلاف وَيحلف الْمُدَّعِي عَلَيْهِ بِاللَّه تَعَالَى لقَوْله ﵊ لَا تحلفُوا بِآبَائِكُمْ وَلَا بِالطَّوَاغِيتِ فَمن كَانَ مِنْكُم حَالفا فليحلف بِاللَّه أَو ليذر
وَفِي الْمَبْسُوط الْحر والمملوك وَالرجل وَالْمَرْأَة وَالْفَاسِق والصالح وَالْكَافِر وَالْمُسلم فِي الْيَمين سَوَاء وتغلظ الْيَمين بِذكر أَوْصَاف الله تَعَالَى بِأَن يَقُول لَهُ القَاضِي قل وَالله الَّذِي لَا اله الا هُوَ عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة هُوَ الرَّحْمَن الرَّحِيم الطَّالِب الْغَالِب الْمدْرك المهلك الَّذِي يعلم من السِّرّ مَا يعلم من الْعَلَانِيَة مَا لفُلَان هَذَا عَلَيْك وَلَا قبلك هَذَا المَال الَّذِي ادَّعَاهُ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا وَلَا شَيْء مِنْهُ وَالِاخْتِيَار فِي صفة التَّغْلِيظ إِلَى القَاضِي يزِيد مَا شَاءَ من أَسمَاء الله تَعَالَى وَصِفَاته وَينْقص مَا شَاءَ وَلَكِن يحْتَاط فِيهَا عَن الْوَاو العاطفة لِئَلَّا يتَكَرَّر عَلَيْهِ الْيَمين إِذْ الْمُسْتَحق يَمِين وَاحِدَة حَتَّى لَو قَالَ وَالله والرحمن الرَّحِيم تصير أيمانا
ثمَّ اخْتلف الْمَشَايِخ فِيهِ مِنْهُم من يَقُول القَاضِي بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ غلظ وَإِن شَاءَ لم يغلظ فِي كل مدعي بِهِ
1 / 231
وعَلى كل مدعي عَلَيْهِ وَمِنْهُم من يَقُول يعْتَبر حَال الْمُدَّعِي عَلَيْهِ إِن عرف بالصلاح اكْتفى بِذكر اسْم الله تَعَالَى وَإِن عرف بِغَيْر ذَلِك الْوَصْف غلط فِي الْيَمين وَمِنْهُم من يَقُول يعْتَبر حَال الْمُدَّعِي بِهِ إِن كَانَ مَالا عَظِيما يغلظ فِي الْيَمين وَإِن كَانَ حَقِيرًا اكْتفى بِذكر اسْم الله تَعَالَى وَلَا يحلف بِالطَّلَاق وَلَا بالعتاق لِأَن الْيَمين بهما يَمِين بِغَيْر الله تَعَالَى وَالْيَمِين بِغَيْر الله تَعَالَى لَا يجوز وَقيل فِي زَمَاننَا إِذا ألح الْخصم سَاغَ للْقَاضِي أَن يحلف بِالطَّلَاق وَالْعتاق لقلَّة مبالاة النَّاس بِالْيَمِينِ بِاللَّه تَعَالَى وَكثر الِامْتِنَاع عَن الْحلف بِالطَّلَاق وَالْعتاق كَذَا فِي الْهِدَايَة وَغَيرهَا
وَفِي الْخُلَاصَة وَلَو حلفه القَاضِي بِالطَّلَاق فنكل وَقضى بِالْمَالِ لَا ينفذ قَضَاؤُهُ وَلَا تغلظ الْيَمين بِزَمَان وَلَا مَكَان عندنَا وَيحلف الْيَهُودِيّ بِاللَّه الَّذِي أنزل التَّوْرَاة على مُوسَى وَالنَّصْرَانِيّ بِاللَّه الَّذِي أنزل الْإِنْجِيل على عِيسَى والمجوسي بِاللَّه الَّذِي خلق النَّار وَعَن أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى أَنه لَا يحلف أحد إِلَّا بِاللَّه خَالِصا وَلَا يحلف الوثني الا بِاللَّه
فَإِن قيل مَا الْفرق بَين يَمِين الْمَجُوسِيّ والوثني حَيْثُ يجوز تَغْلِيظ الْيَمين فِي حق الْمَجُوسِيّ بِذكر النَّار وَلم يجز فِي حق الوثني بِذكر الصَّنَم فَقَوْل بِاللَّه الْعَظِيم الَّذِي خلق الصَّنَم قلت إِنَّا أمرنَا بإهانة الصَّنَم والوثن لأَنهم اتَّخَذُوهَا إِلَهًا فَأمرنَا بإهانتهما بِخِلَاف النَّار لأَنهم لم يتخذوها الها فَمَا أمرنَا باهانتها فَتَأمل كَذَا فِي المنبع
وَسُئِلَ الشَّيْخ عبد الْوَاحِد الشَّيْبَانِيّ رَحمَه الله تَعَالَى عَن الْمَرْأَة إِذا كَانَت تعلم بِالنِّكَاحِ وَلَا تَجِد بَيِّنَة تقيمها لإِثْبَات النِّكَاح وَالزَّوْج يُنكر مَاذَا يصنع القَاضِي حَتَّى لَا تبقي هَذِه الْمَرْأَة معلقَة أَبَد الدَّهْر قَالَ يستحلفه القَاضِي وَيَقُول إِن كَانَت هَذِه الْمَرْأَة لَك فَهِيَ طَالِق حَتَّى يَقع الطَّلَاق بِالْيَمِينِ إِن كَانَت امْرَأَته لتخلص مِنْهُ وَتحل للأزواج
وَفِي المنبع هَل يحلف على الْحَاصِل أَو على السَّبَب فَعِنْدَ أبي حنيفَة وَمُحَمّد رحمهمَا الله يحلف على الْحَاصِل وَعند أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى يحلف على السَّبَب وَقَالَ فَخر الْإِسْلَام يُفَوض إِلَى رَأْي القَاضِي
وَذكر فِي النَّوَازِل أَنه يحلف الصَّبِي الْمَأْذُون وَيَقْضِي بِنُكُولِهِ وَعَن مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى أَنه لَو حلف وَهُوَ صبي ثمَّ أدْرك لَا يَمِين عَلَيْهِ وَأَنه دَلِيل على أَن يَمِينه مُعْتَبرَة وَذكر فِي إِقْرَار الدَّعَاوَى والبينات أَن الصَّبِي التَّاجِر وَالْعَبْد التَّاجِر يسْتَحْلف وَيَقْضِي عَلَيْهِ بِالنّكُولِ
وَيجوز الافتداء عَن الْيَمين بِالدَّرَاهِمِ وَكَذَا يجوز الصُّلْح عَن الْيَمين على الدَّرَاهِم حَتَّى لَا يكون للْمُدَّعِي أَن يحلف الْمُدَّعِي عَلَيْهِ بعد ذَلِك لِأَن الافتداء عَن الْيَمين صلح على الْإِنْكَار وَبعد الصُّلْح على الْإِنْكَار لَا تسمع دَعْوَى الْمُدَّعِي فِيمَا وَقع الصُّلْح عَنهُ
ادّعى على آخر مَالا فَأنْكر وَأَرَادَ الْمُدَّعِي استحلافه فَقَالَ الْمُدَّعِي عَلَيْهِ إِن الْمُدَّعِي قد حلفني على هَذِه الدَّعْوَى عِنْد قَاضِي بلد كَذَا وَأنكر الْمُدَّعِي ذَلِك فاقام الْمُدَّعِي عَلَيْهِ بَيِّنَة على ذَلِك تقبل وَإِن لم يكن لَهُ بَيِّنَة وَأَرَادَ تَحْلِيف الْمُدَّعِي لَهُ ذَلِك لِأَنَّهُ يَدعِي إِيفَاء حَقه فِي الْيَمين وَلَو ادّعى الْمُدَّعِي عَلَيْهِ أَنه أبرأني عَن هَذِه الدَّعْوَى وَقَالَ القَاضِي حلفه إِنَّه لم يكن أبرأني عَن هَذَا لَا يحلفهُ القَاضِي لِأَن الْمُدَّعِي بِالدَّعْوَى اسْتحق الْجَواب على الْمُدَّعِي عَلَيْهِ وَالْجَوَاب إِمَّا بِالْإِقْرَارِ أَو بالإنكار وَقَوله أبرأني عَن هَذِه الدَّعْوَى لَيْسَ بِإِقْرَار وَلَا إِنْكَار فَلَا يكون مسموعا من الْمُدَّعِي عَلَيْهِ وَيُقَال لَهُ أجب خصمك ثمَّ ادْع عَلَيْهِ مَا شِئْت وَهَذَا بِخِلَاف مَا لَو قَالَ أبرأني عَن هَذِه الْألف فَإِنَّهُ يحلف لِأَن دَعْوَى الْبَرَاءَة عَن المَال إِقْرَار بِوُجُوب المَال وَالْإِقْرَار جَوَاب وَدَعوى الْإِبْرَاء مسْقط فيترتب عَلَيْهِ الِاسْتِحْلَاف
1 / 232
وَمن الْمَشَايِخ من قَالَ الصَّحِيح أَنه يحلف الْمُدَّعِي على هَذِه الدَّعْوَى وَهِي دَعْوَى الْبَرَاءَة عَن الدَّعْوَى كَمَا يحلف الْمُدَّعِي على دَعْوَى التَّحْلِيف وَإِلَيْهِ مَال شمس الْأَئِمَّة الْحلْوانِي وَعَلِيهِ أَكثر قُضَاة زَمَاننَا
وَفِي الغنية ادّعى الْمَدْيُون الايصال فَأنْكر الْمُدَّعِي وَلَا بَيِّنَة لَهُ فَطلب يَمِينه فَقَالَ الْمُدَّعِي اجْعَل حَقي فِي الْخَتْم ثمَّ استحلفني فَلهُ ذَلِك فِي زَمَاننَا اه
إِذا أقرّ الْوَاهِب أَن الْمَوْهُوب لَهُ قبض الْمَوْهُوب فِي الْمجْلس أَو بعده بأَمْره ثمَّ قَالَ بعد ذَلِك إِنَّه لم يقبض وَكنت أَقرَرت بِهِ كَاذِبًا وَسَأَلَ القَاضِي أَن يحلف الْمَوْهُوب لَهُ بِاللَّه لقد قَبضه عَن هَذِه الْهِبَة الَّتِي يَدعِي بهَا فعندهما لَا يحلفهُ لِأَن التَّحْلِيف إِنَّمَا يَتَرَتَّب على دَعْوَى صَحِيحَة وَالدَّعْوَى لم تصح هَا هُنَا لمَكَان التَّنَاقُض وعَلى قَول أبي يُوسُف يحلفهُ بِاللَّه لقد قَبضته بِحكم الْهِبَة الَّتِي تدعيها وعَلى هَذَا الْخلاف إِذا اشْترى شَيْئا وَأقر المُشْتَرِي بِقَبض المُشْتَرِي ثمَّ ادّعى أَنه لم يقبضهُ وَطلب من القَاضِي أَن يحلف البَائِع بِاللَّه لقد سلمته إِلَى المُشْتَرِي بِحكم هَذَا الشِّرَاء الَّذِي يَدعِيهِ وعَلى هَذَا الْخلاف إِذا اشْترى شَيْئا واقر البَائِع يقبض الثّمن ثمَّ ادّعى أَنه لم يقبضهُ وَأَرَادَ تَحْلِيف المُشْتَرِي وَرب الدّين إِذا أقرّ بِقَبض الدّين وَأشْهد عَلَيْهِ ثمَّ أنكر الْقَبْض يحلف الْمَدْيُون وَالْمقر على نَفسه بدين لرجل ثمَّ أنكر الدّين وَقَالَ لَا شَيْء لَهُ عَليّ وَإِنَّمَا أَقرَرت لَهُ بذلك كَاذِبًا وَطلب يَمِين الْمقر لَهُ الْكل على هَذَا الْخلاف أَبُو يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى يَقُول الْمُعْتَاد فِيمَا بَين النَّاس أَن البَائِع يقر بِقَبض الثّمن والمشترى يقبض الْمُشْتَرى للإشهاد وَإِن لم يكن قبض ثمنه حَقِيقَة وَكَذَلِكَ الْمُعْتَاد فِيمَا بَين النَّاس أَن الْمُسْتَقْرض يكْتب أَولا خطّ الْإِقْرَار وَيشْهد عَلَيْهِ قبل قبض المَال فَلَو كَانَ التَّنَاقُض مَانِعا من صِحَة الدَّعْوَى والاستحلاف لبطلت حُقُوق النَّاس
قَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى أَرْبَعَة أَشْيَاء يسْتَحْلف القَاضِي الْخصم فِيهَا قبل أَن يطْلب الْمُدَّعِي ذَلِك
أَحدهَا الشَّفِيع إِذا طلب من القَاضِي أَن يقْضِي لَهُ بِالشُّفْعَة يحلفهُ بِاللَّه لقد طلبت الشُّفْعَة حِين علمت بِالشِّرَاءِ وَإِن لم يطْلب المُشْتَرِي ذَلِك وَهُوَ قَول ابْن أبي ليلى وَعند أبي حنيفَة وَمُحَمّد رحمهمَا الله تَعَالَى لَا يستحلفه القَاضِي الثَّانِي الْبكر إِذا بلغت واختارت الْفرْقَة وَطلبت التَّفْرِيق من القَاضِي يستحلفها بِاللَّه لقد اخْتَرْت الْفرْقَة حِين بلغت وَإِن لم يَدعه الزَّوْج وَالثَّالِث المُشْتَرِي إِذا أَرَادَ الرَّد بِالْعَيْبِ يحلفهُ القَاضِي إِنَّه لم يرض بِالْعَيْبِ وَلَا عرضته على البيع مُنْذُ رايته وَالرَّابِع الْمَرْأَة إِذا سَأَلت من القَاضِي أَن يفْرض لَهَا النَّفَقَة فِي مَال الزَّوْج الْغَائِب يحلفها بِاللَّه مَا أَعْطَاك نَفَقَتك حِين خرج وَيجب أَن تكون مَسْأَلَة النَّفَقَة فِي قَوْلهم جَمِيعًا
ادّعى الشُّفْعَة بالجوار فَقَالَ القَاضِي للْمُدَّعِي عَلَيْهِ مَاذَا تَقول فِيمَا ادّعى فَقَالَ هَذِه الدَّار لَا بنى هَذَا الطِّفْل صَحَّ إِقْرَاره لِابْنِهِ لِأَن الدَّار فِي يَده وَالْيَد دَلِيل الْملك فَكَانَ إِقْرَار على نَفسه فَيصح فَإِن قَالَ الشَّفِيع للْقَاضِي حلفه بِاللَّه مَا أَنا شفيعها فَإِنَّهُ لَا يحلفهُ لِأَن إِقْرَار الْأَب بِالشُّفْعَة على ابْنه لَا يَصح فَلَا يُفِيد الِاسْتِحْلَاف وَهَذَا من جملَة الْحِيَل والمخارج فِي الْخُصُومَات وَإِن أَرَادَ الشَّفِيع أَن يُقيم الْبَيِّنَة على الشِّرَاء كَانَ الْأَب خصما وَتسمع الْبَيِّنَة عَلَيْهِ لِأَن الْأَب قَائِم مقَام الابْن وَلَو كَانَ الابْن كَبِيرا لَكَانَ خصما فَكَذَا هَذَا
وَفِي الْمُحِيط الشَّهَادَة الْقَائِمَة على عتق العَبْد لَا تقبل بِدُونِ الدَّعْوَى عِنْد أبي حنيفَة خلافًا لَهما وَتقبل الْبَيِّنَة على عتق الْأمة وَطَلَاق الْمَرْأَة حسبَة من غير الدَّعْوَى وَلَا يحلف على عتق العَبْد حسبَة بِدُونِ الدَّعْوَى بالِاتِّفَاقِ وَهل يحلف على عتق الْأمة وَطَلَاق الْمَرْأَة بِدُونِ الدَّعْوَى أَشَارَ مُحَمَّد فِي آخر كتاب التَّحَرِّي أَنه يحلف وَهَكَذَا ذكر فِي شرح الْقَدُورِيّ وَذكر شمس الْأَئِمَّة السَّرخسِيّ أَنه لَا يحلف فَتَأمل عِنْد الْفَتْوَى
1 / 233
وَذكر فِي الْخُلَاصَة عبد فِي يَد رجل أَقَامَ الْبَيِّنَة أَنه حر وَقَالَ ذُو الْيَد إِنَّه عبد فلَان أودعنيه أَو آجرنيه فَبَيِّنَة ذِي الْيَد أولى بِخِلَاف مَا إِذا أَقَامَ العَبْد الْبَيِّنَة على مَوْلَاهُ أَنه حر الأَصْل واقام مَوْلَاهُ الْبَيِّنَة أَنه عَبده فَبَيِّنَة العَبْد أولى لِأَن الْمولى يصلح خصما لإِثْبَات بَيِّنَة العَبْد بِالْحُرِّيَّةِ أما هَاهُنَا فالمودع لَيْسَ بخصم لَكِن يُحَال بَين العَبْد وَبَين ذِي الْيَد وَلَو قَالَ العَبْد أعتقني فلَان وَذُو الْيَد لم يقم الْبَيِّنَة على الْإِيدَاع وَالْإِجَارَة لَا يُحَال بَينه وَبَين العَبْد لِأَنَّهُ أقرّ بِالرّقِّ ثمَّ ادّعى الْعتْق وَلَو أَن رجلا قدم بَلْدَة وَمَعَهُ رجال وَنسَاء وصبيان يخدمونه وهم فِي يَده وَادّعى أَنهم أرقاؤه وَادعوا أَنهم أَحْرَار كَانُوا أحرارا مالم يقرُّوا لَهُ بِالْملكِ بِكَلَام أَو بِبيع أَو تقوم لَهُ بَيِّنَة وَإِن كَانُوا من أهل الْهِنْد أَو السَّنَد أَو التّرْك أَو الرّوم
وَفِي الْجَامِع الصَّغِير غُلَام هُوَ فِي يَد رجل قَالَ أَنا حر وَقَالَ الَّذِي فِي يَده هُوَ عبد إِن كَانَ لَا يعبر عَن نَفسه فَالْقَوْل قَول ذِي الْيَد وَهُوَ كالمتاع وَإِن كَانَ بَالغا أَو صَغِيرا يعبر عَن نَفسه فَالْقَوْل قَول الْغُلَام وَلَو أَقَامَا الْبَيِّنَة هَذَا على الرّقّ وَهَذَا على الْحُرِّيَّة فَبَيِّنَة الْغُلَام أولى وَيجوز أَن يكون القَوْل قَوْله وَالْبَيِّنَة بَينته كَالْمُودعِ إِذا قَالَ رددت الْوَدِيعَة كَانَ القَوْل قَوْله وَلَو أَقَامَا الْبَيِّنَة فَالْبَيِّنَة بَينته
وَفِي الْوَلْوَالجيّ وَلَو بَاعَ رجل رجلا وَقَبضه المُشْتَرِي وَهُوَ سَاكِت فَهُوَ إِقْرَار بِأَنَّهُ عَبده لِأَنَّهُ إِنْفَاذ لتصرف يخْتَص بِهِ المماليك تَصرفا يُوجب حَقًا فِي الْمحل وَهُوَ ملك الرَّقَبَة وَالْيَد والانقياد لمثل هَذَا التَّصَرُّف يكون إِقْرَارا بِالرّقِّ وَالْملك وَلَو عرض عبد أَو أمة على رجل وَهُوَ سَاكِت أَو هِيَ ساكتة وَلم يبع ثمَّ قَالَا نَحن حران صدقا عَلَيْهِ اه
وَفِي أدب القَاضِي رجل قَالَ لآخر إِن فلَانا الْمَيِّت أوصى اليك وجعلك قيمًا فِي مَاله وَأنكر الْوَصِيّ فَلَا يَمِين عَلَيْهِ وَكَذَا لَو قَالَ إِن فلَانا وكلك بِطَلَب حُقُوقه ولي على موكلك مَال وَأنكر الْوَكِيل الْوكَالَة لَا يَمِين عَلَيْهِ وَإِذا ادّعى المُشْتَرِي إِيفَاء الثّمن وَالْبَائِع يُنكر يحلف البَائِع وَكَذَا الْمُسْتَقْرض إِذا ادّعى إِيفَاء الْقَرْض وَأنكر الْمقْرض يحلف الْمقْرض وَلَو ادّعى الْمضَارب أَو الشَّرِيك دفع المَال وَأنكر رب المَال أَو الشَّرِيك الْقَبْض يحلف الْمضَارب أَو الشَّرِيك الَّذِي كَانَ المَال فِي يَده لِأَن المَال فِي أَيْدِيهِمَا أَمَانَة وَالْقَوْل قَول الْأمين مَعَ الْيَمين وَإِذا ادّعى المُشْتَرِي إِيفَاء الثّمن وَأنكر البَائِع فَالْقَاضِي إِنَّمَا يحلفهُ إِذا طلب المُشْتَرِي يَمِينه وَلَو حلفه القَاضِي من غير طلبه ثمَّ أَرَادَ المُشْتَرِي تَحْلِيفه ثَانِيًا لَهُ ذَلِك ثمَّ إِذا حلف البَائِع أَنه لم يسْتَوْف الثّمن وَقَالَ المُشْتَرِي أَنا أجيء بِالْبَيِّنَةِ على الْإِيفَاء فَالْقَاضِي لَا يجْبر المُشْتَرِي على أَدَاء المَال بل يمهله ثَلَاثَة أَيَّام بِشَرْط أَن يَدعِي حُضُور الشُّهُود وَأما إِذا قَالَ شهودي غيب يقْضِي عَلَيْهِ بِالْمَالِ وَلَا يمهله كَذَا فِي الْعِمَادِيّ
وَفِي الغنية أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَة فَقَالَ الْمُدَّعِي عَلَيْهِ إِن لي دفعا شَرْعِيًّا للْقَاضِي أَن يقْضِي عَلَيْهِ إِذا قَامَت الْبَيِّنَة العادلة وَلَا يلْتَفت إِلَى مثل هَذِه الْمقَالة وَقَالَ أَبُو حَامِد رَحمَه الله تَعَالَى يكلفه أَن يَأْتِي بِالدفع فَإِن أَبْطَأَ كَانَ لَهُ أَن يقْضِي ويبقي لَهُ حق الدّفع
أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَة وَطلب القَاضِي من الْمُدَّعِي عَلَيْهِ دفعا فعجز عَنهُ يقْضِي القَاضِي يَعْنِي لَا يُؤَخر قَالَ أَبُو حَامِد رَحمَه الله تَعَالَى يقْضِي وَالْقَاضِي ظَالِم فِي تَأْخِيره للْحكم وَقَالَ الْكَرَابِيسِي تَأْخِير الْقَضَاء بعد ثُبُوت الْحق ظلم
أَتَى بِدفع صَحِيح وَقضى القَاضِي بِبُطْلَان دَعْوَى الْمُدَّعِي ثمَّ أعَاد الدَّعْوَى عِنْد قَاض آخر لَا يحْتَاج الْمُدَّعِي عَلَيْهِ إِلَى إِعَادَة الدّفع عِنْده وَلَا ينْقض الحكم بِهِ إِذا ثَبت ذَلِك بِالْبَيِّنَةِ اه كَلَام الغنية
1 / 234
الْمَدْيُون إِذا حلف أَن لَا دين عَلَيْهِ ثمَّ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَة على الدّين فَعِنْدَ مُحَمَّد لَا يظْهر كذبه فِي الْحلف لِأَن الْبَيِّنَة حجَّة من حَيْثُ الظَّاهِر فَلَا يظْهر كذبه فِي يَمِينه وَعند أَبى يُوسُف يظْهر كذبه فِي يَمِينه
وَلَا يَمِين فِي الْحُدُود سَوَاء كَانَ حدا هُوَ خَالص حق الله تَعَالَى نَحْو حد الزِّنَى وَشرب الْخمر وحد السّرقَة أَو كَانَ دائرا بَين حق الله تَعَالَى وَحقّ العَبْد نَحْو حد الْقَذْف حَتَّى إِن من ادّعى على آخر أَنه قذفه وَأنكر الْقَاذِف لَا يَمِين عَلَيْهِ فِيهِ وَأما فِي السّرقَة فَإِن السَّارِق يسْتَحْلف لأجل المَال إِذا أَرَادَ الْمَالِك أَخذ المَال دون الْقطع وَيُقَال لَهُ حِينَئِذٍ دع ذكر السّرقَة إِذا وادع تنَاول مَالك فَيكون لَك عَلَيْهِ الْيَمين وَفِي الْقصاص فِي النَّفس والأطراف يسْتَحْلف إِلَّا أَن فِي الطّرف يقْضِي بِالْقطعِ عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وَعِنْدَهُمَا يقْضِي بِالْمَالِ وَفِي النَّفس لَا يقْضِي بِالنّكُولِ عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وَلَكِن يحبس حَتَّى يقر أَو يحلف وَعِنْدَهُمَا يقْضِي بِالدِّيَةِ
ادّعى على آخر أَنه قَالَ لَهُ يَا مُنَافِق أَو يَا كَافِر أَو يَا زنديق أَو ادّعى أَنه ضربه أَو لطمه أَو مَا أشبه ذَلِك من الْأُمُور الَّتِي توجب التَّعْزِير واراد تَحْلِيفه فَالْقَاضِي يحلفهُ لِأَن التَّعْزِير مَحْض حق العَبْد وَلِهَذَا ملك العَبْد إِسْقَاطه بِالْعَفو والصغر لَا يمْنَع وُجُوبه كَذَا فِي الْعِمَادِيّ
وَفِي فَتَاوَى قاضيخان لَو وَجب يَمِين على الْأَخْرَس فَإِنَّهُ يحلف وَصُورَة تَحْلِيفه أَن يَقُول لَهُ القَاضِي عَلَيْك عهد الله وميثاقه إِن كَانَ كَذَا وَكَذَا فَأَوْمأ بِرَأْسِهِ بنعم يصير حَالفا وَلَا يَقُول لَهُ بِاللَّه إِن كَانَ كَذَا وَكَذَا لِأَنَّهُ لَو أَشَارَ بِرَأْسِهِ بنعم فِي هَذَا الْوَجْه يصير مقرا بِاللَّه وَلَا يكون حَالفا
رجل ادّعى أَنه وَكيل الْغَائِب بِقَبض الدّين أَو الْعين إِن برهن على الْوكَالَة وَالْمَال قبلت وَإِن أقرّ بِالْوكَالَةِ وَأنكر المَال لَا يصير خصما وَلَا تقبل الْبَيِّنَة على المَال لِأَنَّهُ لم يثبت كَونه خصما بِإِقْرَار الْمَطْلُوب لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحجَّة فِي حق الطَّالِب وَإِن أقرّ بِالْمَالِ وَأنكر الْوكَالَة لَا يسْتَحْلف على الْوكَالَة لِأَن التَّحْلِيف يَتَرَتَّب على دَعْوَى صَحِيحَة وَلم تُوجد لعدم ثُبُوت الْوكَالَة
وَذكر الْخصاف أَنه يحلف على الْوكَالَة وَالْأول أصح وَفِي الْمُنْتَقى الْمَطْلُوب إِذا كَانَ مَرِيضا أَو امْرَأَة يبْعَث من يستحلفهما وَقَالَ الإِمَام رَحمَه الله تَعَالَى لَا يبْعَث
من عَلَيْهِ الدّين الْمُؤَجل قدمه الدَّائِن إِلَى القَاضِي قبل الْحل وحلفه مَاله قبلك الْيَوْم شَيْء وجهله القَاضِي إِن كَانَ الْحَالِف لَا يَنْوِي إِتْلَاف حَقه لَا بَأْس بِهِ وَلَكِن لَيْسَ للْقَاضِي أَن يقبله مِنْهُ بل يحلفهُ بِاللَّه مَاله قبلك شَيْء قَالَ الْفَقِيه فِيهِ دَلِيل على أَن قَوْله لَيْسَ قبله الْيَوْم شَيْء إِقْرَار وَلَا يلْتَفت إِلَى قَول بعض الْحُكَّام إِنَّه إِقْرَار بِالدّينِ الْمُؤَجل فَيجب عَلَيْهِ المَال
وَذكر الناطفي أَن من عَلَيْهِ دين مُؤَجل لَو أقرّ بِهِ وَادّعى الْأَجَل لَا يصدقهُ القَاضِي فحيلته أَن يَقُول القَاضِي سلة إِحَالَة أم مُؤَجّلَة إِن ادّعى الْحَالة يحلف بِاللَّه مَا عَلَيْهِ هَذِه الْألف الَّتِي يدعيها وَإِن حلف بِغَيْر هَذَا الطَّرِيق حنث
وَفِي الْمُحِيط للْمَرْأَة إِثْبَات الْمهْر الْمُؤَجل وَإِن لم يكن لَهَا ولَايَة الْمُطَالبَة وَكَذَا الدّين الْمُؤَجل
رجل أَخذ دَرَاهِمه مِمَّن هِيَ عَلَيْهِ ونقدها النَّاقِد ثمَّ وجد بَعْضهَا زُيُوفًا لَا ضَمَان على النَّاقِد وَترد إِلَى الدَّافِع وَيسْتَرد غَيرهَا وَإِن أنكر الدَّافِع أَن يكون ذَا مدفوعه فَالْقَوْل قَول الْقَابِض لِأَنَّهُ يُنكر أَخذ غَيرهَا وَهَذَا إِذا لم يقر بِاسْتِيفَاء حَقه أَو الْجِيَاد فَإِن كَانَ أقرّ لَا يرجع إِن أنكر الدَّافِع أَن يكون ذَا هُوَ
1 / 235
فِي الْقنية رجل طلب دينه من الْمَدْيُون فَأعْطَاهُ ألف من الْحِنْطَة وَلم يبعها مِنْهُ وَلم يقل إِنَّهَا من جِهَة الدّين فَهُوَ بيع بِالدّينِ وَإِن كَانَت قيمتهَا أقل من الدّين فَإِن كَانَ السّعر بَينهمَا مَعْلُوما يكون بيعا بِقدر قِيمَته من الدّين وَإِلَّا فَلَا بيع بَينهمَا
وَفِي الْعِمَادِيّ وَلَو كَانَ لرجل على آخر دَنَانِير فَقَالَ أَنا أُعْطِيك بهَا دَرَاهِم فساوم بِالدَّرَاهِمِ وَلم يَقع بيع ثمَّ فَارقه عَن قبض وَلم يسْتَأْنف بيعا فَهَذَا جَائِز البياعة وبنحوه عَن مُحَمَّد ﵀ قَالَ وَقد وَقعت وَاقعَة الْفَتْوَى فِي زَمَاننَا قلت وَصورتهَا بِالْفَارِسِيَّةِ لَكِن عربها بعض الْفُضَلَاء الْمجمع على خَيره وَدينه وَهُوَ رب الدّين إِذا توَافق مَعَ الْمَدْيُون على أَن يُعْطِيهِ من الذّرة بِمِقْدَار مَاله عِنْده من الدَّرَاهِم وَقد كَانَ ذَلِك الْقدر فِي ملكه والذرة فِي ذَلِك الْوَقْت كل مائَة من بِدِينَار إِلَّا أَن رب الدّين لم يقبض الذّرة فِي ذَلِك الْمجْلس ثمَّ بعد ايام جَاءَ وَقبض ذَلِك الْقدر من الْغلَّة وَقد تغير السّعر أينعقد البيع بَينهمَا فعلى قِيَاس مَا ذكر فِي مداينات الذَّخِيرَة يَنْبَغِي أَن ينْعَقد البيع بَينهمَا بِالْإِقْرَارِ السَّابِق وَالله ﷾ أعلم
وَفِي فَتَاوَى الديناري رجل لَهُ عِنْد رجل حِنْطَة دينا فجَاء رب الدّين وَأخذ مِنْهُ قماشا من الخام بِحِسَاب الْحِنْطَة وَذَلِكَ الْيَوْم سعر الْحِنْطَة كل مائَة من بِدِينَار ثمَّ لما حَاسبه كَانَ السّعر يَوْم الْحساب كل خمسين مِنْهَا بِدِينَار فَإِن حصل بَينهمَا مواضعة بِأَن عين القماش الخام بِمِقْدَار من الْحِنْطَة يعْتَبر ذَلِك التَّعْيِين وَإِن لم يحصل بَينهمَا مواضعة يعْتَبر وَقت الْحساب لَا وَقت الخرج وَاعْتبر بعض الْمَشَايِخ وَقت الخرج مستدلا بِأَنَّهُ لَو استخرج رجل من سمان حبوبا وَأَعْطَاهُ أغلب ثمنهَا يعْتَبر وَقت الخرج قَالَ الديناري وَالْمُعْتَبر عندنَا وَقت الْحساب
ادّعى الْمَدْيُون أَن الدَّائِن كتب على قرطاس بِخَطِّهِ إِن الدّين الَّذِي لي على فلَان بن فلَان أَبرَأته عَنهُ صَحَّ وَسقط الدّين لِأَن الْكِتَابَة المرسومة المعنونة كالمنطوق بِهِ وَإِن لم يكن كَذَلِك لَا يَصح الْإِبْرَاء وَلَا دَعْوَى الْإِبْرَاء وَلَا فرق بَين أَن تكون الْكِتَابَة بِطَلَب الدَّائِن وَبِغير طلبه وَلَو قَالَ تركت الدّين الَّذِي لي عَلَيْك لَا يكون إِبْرَاء وَيحمل على ترك الطّلب فِي الْحَال
وَذكر فِي الخزانة الْأَكْمَل محالا على فَتَاوَى صاعد رجل كتب على نَفسه بِمَال مَعْلُوم وخطه مَعْلُوم بَين التُّجَّار وَأهل الْبَلَد ثمَّ مَاتَ فجَاء غَرِيمه يطْلب المَال من الْوَرَثَة وَعرض خطّ الْمَيِّت بِحَيْثُ عرف النَّاس خطه حكم بذلك فِي تركته وَقد جرت الْعَادة بَين النَّاس بِمثلِهِ حجَّة
وَفِي جَامع الْفَتَاوَى وَلَو قَالَ تركت حَقي من الْمِيرَاث أَو بَرِئت مِنْهُ أَو من حصتي لَا يَصح وَهُوَ على حَقه لِأَن الْإِرْث جبري لَا يَصح تَركه
قَالَ الْمُدَّعِي للْمُدَّعِي عَلَيْهِ بعد الْخُصُومَة وهبت وَتركت لَا يكون إِبْرَاء مَا لم يقل مِنْك بِخِلَاف مَا إِذا قَالَ الْمُدَّعِي عَلَيْهِ أبرئني مِمَّا لَك عَليّ أَو هَب لي فَقَالَ وهبت أَو تركت أَو أبرأت لِخُرُوجِهِ مخرج الْجَواب قَالَ من كَانَ لي عَلَيْهِ شَيْء فَهُوَ فِي حل قَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى هُوَ على دَعْوَاهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى هُوَ على دَعْوَاهُ فِي الْعين الْقَائِمَة لَا فِي الدّين
أَبرَأَهُ عَن الدَّعَاوَى ثمَّ ادّعى عَلَيْهِ بِالْوكَالَةِ أَو الْوِصَايَة عَن غَيره صَحَّ وَفِي الْعِمَادِيّ رجل ادّعى على آخر مَالا فَأنْكر فَقَالَ الْمُدَّعِي إِنَّه كتب لي بذلك خطأ فَأنْكر الْمُدَّعِي عَلَيْهِ أَن يكون خطه فَأمره القَاضِي أَن يكْتب على بَيَاض فَكتب وَكَانَ بَين الخطين مشابهة ظَاهِرَة دَالَّة على أَنَّهُمَا بِخَط كَاتب وَاحِد لَا يقْضِي عَلَيْهِ بِالْمَالِ الْمُدَّعِي بِهِ لِأَن هَذَا لَا يكون أَعلَى حَالا مِمَّا لَو كَانَ هَذَا خطي وَأَنا كتبته
1 / 236