Lessons of Sheikh Ahmad Fareed
دروس الشيخ أحمد فريد
Genre-genre
أعلى درجة في الدين درجة التقوى
إن شجرة التقوى عباد الله أطيب من شجرة الإيمان، وإن شئت قلت: شجرة التقوى عباد الله! هي أطيب شجرة من شجرات الإيمان؛ لأن التقوى منزلة أعلى من منزلة الإيمان، مع أن منزلة الإيمان منزلة عالية، فقد زعمت أعراب بني أسد الإيمان، ونفى الله ﷿ هذه المنزلة الشريفة والدرجة المنيفة عنهم، فقال ﷿: ﴿قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾ [الحجرات:١٤].
ولكن منزلة التقوى أشرف من درجة الإيمان، سئل النبي ﵌ كما في حديث جبريل عن الإسلام فقال: (أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت) فأخبر النبي ﵌ أن الإسلام هو استسلام الظاهر لله ﷿، وهو شهادة الحق، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت، ثم سئل ﵌ عن الإيمان فقال: (أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره).
فهذه الدرجة الثانية عباد الله، فمن عبد الله ﷿ بدرجة الإسلام، واستسلم ظاهره لله ﷿، فهو آمن من الخلود في النار، ولكنه لا يأمن من دخول النار بالكلية.
ومن عبد الله ﷿ بدرجة الإيمان فإنه آمن من عذاب النار، وإنه يدخل الجنة من أول وهلة؛ لأن الله ﷿ وعد المؤمنين أجرًا عظيمًا.
وقال ﷿: ﴿وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [النساء:١٤٦].
وبشر الله المؤمنين بالفضل الكبير، فقال ﷿: ﴿وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا﴾ [الأحزاب:٤٧].
أما الدرجة العالية فهي درجة الإحسان وهي درجة التقوى، (سئل النبي ﵌ عن الإحسان فقال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك) فهذه هي درجة التقوى: أن يحسن العبد إيمانه وعبادته لله ﷿، فكأنه يرى الله ﷿ وهو يعبده، ولا شك أن العبد إذا كان يعتقد أنه يرى الله ﷿ ويحس بأنه يراه، لا شك أنه يأتي بالعبادة على وجهها.
ولما كان هؤلاء يعبدون الله ﷿ على المشاهدة والحضور، كأنهم يرون الله ﷿ وهم يعبدونه، كان جزاؤهم في الآخرة الحسنى وزيادة، والحسنى هي الجنة، والزيادة هي النظر إلى وجه الله ﷿، فلهم أوفر نصيب من أعظم نعيم أهل الجنة، فلهم الجنة وزيادة، والزيادة: هي النظر إلى وجه الله ﷿ الكريم.
6 / 8