Lessons from the Migration - Attia Salem
دروس الهجرة - عطية سالم
Genre-genre
وصف الرسول ﷺ بيت المقدس لقريش
وبعد أن اجتمعوا عليه ﷺ قالوا له: صف لنا بيت المقدس، وهم يعلمون أن النبي ﵊ لا يعرف بيت المقدس ولم يسافر إليه قبل ذلك، وأنه عندما خرج به عمه إلى الشام لقيهم راهب في الطريق وكان هذا الراهب يعرفه أهل مكة وينزلون عنده ويبيتون ويضيفهم، فكان يسأل ويقول: أبعث فيكم نبي؟ قالوا: ما سمعنا بهذا، فلما كان ذلك الوقت الذي مر فيه النبي ﷺ صنع لهم طعامًا، وقال: احضروا مأدبتي، وما كان يفعل ذلك من قبل، فحضروا جميعًا، فلما نظر في وجوه القوم فلم يجد طلبته قال: أكلكم حاضر، قالوا: ما غاب عنا إلا غلام قال: ائتوا به؛ فلما جاءوا به وعرف علاماته قال لعمه: ماذا يكون منك هذا الغلام، قال: ولد أخي، قال: ارجع به ولا تذهب به إلى الشام إني أخاف عليه اليهود، فإنه سيكون له شأن.
يقول ﷺ: (فلقد كربت كربًا شديدًا) أي: لسؤال قريش؛ لأن لهم حق الطلب وهو ليس عنده الجواب لأنه دخله ليلًا فكيف يصفه؟ وهذا السؤال فيه دليل على أنه ﵊ أُسري وعُرج به روحًا وجسدًا في اليقظة.
الخلاصة قال ﵊: فكربت كربًا شديدًا، فإذا بجبريل ﵇ يرفع لي بيت المقدس فأراه وأنظر إليه.
وأخذ يصفه لهم بقدرة الله ﷿.
ولا تسل: كيف؟ بل الواجب علينا أن نؤمن بذلك: هل انفرج له طريق في الفضاء، وأزيحت له الجبال، هل جيء به أمامه؟ هل أعطي القدرة على الرؤية عن بعد؟ كل هذا بقدرة الله، وكما أخبر ﷺ، فقد جلاه له جبريل وأخذ ينظره ويديره ويقلبه ويصفه من كل جهة شاءوا.
فذهلوا وصدقوا وأيقنوا أن الوصف صحيح، لكنهم لم يصدقوا بأنه أُسري به في ليلة، ثم قال لهم: مررت بعير بني فلان وسمع حفيف البراق فند جمل لهم وانكسرت فخذه، ومررت بعير لبني فلان وكانوا نيامًا واضعين ماءً في إناء مخمر بكذا فشربت الماء، ومررت بعير بني فلان تصل إليكم مطلع الشمس يقدمها جمل أورق وعليه غرارتان صفتهما كذا.
فخرجوا ينتظرون العير في الموعد الذي أخبرهم به، وفي تلك الساعة المحددة بطلوع الشمس إذا بالعير تخرج عليهم كما وصف ﷺ.
وبعد فترة جاءت عير بني فلان، فسألوهم عن الماء، فقالوا: نعم كان لنا ماء في إناء مغطى وفي الصباح لم نجد منه شيئًا، ثم جاءت عير بني فلان فسألوهم عن البعير الذي ندّ وانكسرت فخذه، فقالوا: نعم والله في المحل الفلاني سمعنا صوتًا وما رأينا شيئًا؛ لأن الدنيا كانت ليلًا.
والحكمة من هذا الجمع بين بيت المقدس وبين البيت الحرام هي إعلام النبي ﵊ أن تلك الأرض ستكون أرضًا إسلامية يفتحها الله على أمة الحبيب محمد ﵊.
ولتكون رحلة الإسراء دليلًا على المعراج؛ لأنه لو عرج به ﵊ من الكعبة مباشرة إلى السماء، فمن أين سيأتي لهم بعلامات وأدلة على صدقه، وهم أصلًا لا يعرفون السماء.
5 / 4