فابتسم سحلول قائلا: مهنتي لا تعلم يا عجر، انتظر حتى يرجع السندباد.
وتوجه من فوره إلى نور الدين عديل السلطان، فسأله الشاب في شيء من الارتياب: أتقسم لي على أن المال جاءك من الحلال؟
فاضطرب قلبه ولكنه أقسم، فقال له نور الدين: ستبحر سفينة في هذا الشهر، ارجع إلي في نهاية الأسبوع.
مضى خائفا من مغبة القسم الكاذب، ولكنه تعهد أمام ضميره بأن يكفر عن ذنوبه بالحج والصدقة والتوبة.
16
أدرك عجر أن أقدام الزمن تنذر بتحطيم آماله، وأنه لا يستطيع أن يوقفها .. ليس في وسعه أن يحتفظ بالأحدب في سجنه إلى الأبد، ولن يوجد في المدينة مستقر آمن له .. لم يبق له إلا أن يستولي على عروسه ثم يهرب بها في أول سفينة .. في بلاد بعيدة يبدأ حياة جديدة، حياة الثراء والحب والتوبة .. ودافع عن نفسه أمام نفسه فقال إنه لم يكن شريرا، ولكنه فعل ما فعل بدافع الحرمان والعجز .. أعطاه الله حظ الفقراء وشهوات الأغنياء فما ذنبه؟ وذهب عند المساء إلى مقهى الأمراء فمضى من توه - بأقدام ثابتة - إلى مجلس حسن العطار وجليل البزاز وفاضل صنعان .. أوسعوا له مرغمين .. قال لنفسه: كنت أمس محتقرا وأنا اليوم بغيض حتى الموت .. لكنه سيحسم أمره مع العطار في نهاية السهرة وينطلق من الغد إلى دنيا الأحلام الجميلة .. ورأى فاضل يحملق في مدخل المقهى بذهول داعيا صاحبيه للنظر .. اتجه نظره نحو المدخل فرأى شملول الأحدب يرميهم بنظرة حمراء ملتهبة وهو ينتفض من شدة الانفعال.
17
تخطف اليأس والرعب روحه .. اقترب منهم بخطى سريعة متقاربة حتى وقف أمامهم متحديا .. صرخ بصوته الرفيع كالصفير: الويل لكم يا غجر!
ركز أولا على عجر، وقال: تحبسني في دارك مدعيا ضيافة لم أطلبها؟!
لم ينبس عجر، فواصل الأحدب: أطلقتني امرأتك عقب ما نما إليها من نبأ زواجك، فانتظر الرعد في بيتك.
Halaman tidak diketahui