فنفى ذلك بهزة من رأسه، فقال: في حياتك سر ولست حمالا بسيطا.
فقال يطمئنه: كان لي مرشد في وطني، لا سر وراء ذلك. - في ذلك ما يكفي. - على أي حال نحن نرتوي من منبع واحد.
فقال فاضل بجرأة: لذلك سأسألك خدمة.
فحدجه بنظرة متسائلة، فقال بنبرة ذات مغزى: إنك بحكم عملك تتردد على الدور جميعا!
فابتسم عبد الله بذكاء وصمت منتظرا، فقال: أتقبل أن تحمل الرسائل أحيانا؟
فقال باسما وهو يتذكر أكرمان بحنان: ثمة أقوام يجدون معنى حياتهم في السعي إلى المتاعب.
فتجاهل قوله، متسائلا: هل تقبل؟
فقال بهدوء: ما تشاء وأكثر.
14
أدى هذه المهمة الجانبية في يسر وأمان تامين، فلم يعتدها إضافة ذات شأن إلى مهمته الأصلية، وهمومه الشخصية - رسمية، حسنية، تردده بين الحياة والموت - لم تمح من صفحته، ولكنها لم تعد تزعجه، وتلاشت همومه العامة كما تتلاشى أمواج النهر في المحيط .. وكان الرجل الثاني في برنامجه يوسف الطاهر أو عدنان شومة أيهما أيسر، ولكنه قدم عليهما إبراهيم العطار لسبب عارض لم يخطر في باله من قبل .. ذلك أنه حمل إليه لوازم فاختلفا على الأجر فلعنه التاجر الكبير وأهانه .. واستقر السهم القاتل في قلب إبراهيم العطار وهو راجع إلى داره عقب سهرة المقهى .. وانفجر الفزع في المدينة وانهمرت ذكريات مصارع السلولي وبطيشة مرجان والهمذاني.
Halaman tidak diketahui