صرخت فردوس: تستعبدني بفقرك، وتطردني حال إقبال الحظ؟! - إن لم تذهبي في الحال حملك العفريت إلى وادي الجن.
فصرخت المرأة من الفزع، وهرولت لا تلوي على شيء .. ابتسم أيضا أول ابتسامة صافية منذ دهر طويل، ودخل مأواه المكون من حجرة ودهليز.
3
ما معنى ذلك يا معروف؟ أهو حلم أم حقيقة؟ هل حل بك سر حقا؟ ونظر فيما حوله، في الحجرة شبه العارية وتمتم بحذر: يا خاتم سليمان ارفعني ذراعا واحدة فوق الأرض!
انتظر في لهفة وإشفاق، ولكن لم يحدث شيء .. انقبض قلبه وغاص في صدره غريقا في خيبة مرة .. ألم أحلق في الجو؟ .. ألا يشهد على ذلك أهل الحي؟ .. ألم تنهزم العرة لأول مرة؟ .. وقال من قلب جريح: يا خاتم سليمان، ايتني بصينية فريك بالحمام!
لم ير إلا خنفساء تزحف فوق طرف الحصيرة المتهرئة .. نظر إلى الخنفساء طويلا ثم أجهش في البكاء.
4
طمر خيبته المرة في أعماقه .. جعلها سره الدفين، وأقام سدا بينه وبين لسانه .. قال: ليكن من الأمر ما تجري به مشيئة الله .. ولكن أليس عليه أن يذهب إلى دكانه ليصلح الأحذية والمراكيب والصنادل؟ وهل يهضم الناس سلوكه هو المالك لخاتم سليمان؟ وإن لم يفعل فهل يهب ذاته التعيسة للموت جوعا؟ غير أنه صادف خليل فارس كبير الشرطة عند باب عطفته وكأنما كان في انتظاره .. تلقاه بابتسامة متوددة غير معهودة، فأدرك بذكائه أن القوم ينظرون إليه بوصفه مالك خاتم سليمان .. خفق قلبه بأمل جديد، وصمم على تمثيل دوره بمهارة تناسبه حتى يقضي الله أمره .. قال له الرجل برقة: صبحك الله بالسعادة يا معروف.
فقال بتحفظ دهش له هو نفسه: وصبحك بمثلها يا كبير الشرطة.
تكلم بثقة من يملك القوة التي لا يطمح إليها بشر.
Halaman tidak diketahui