وفي الحال نحى السلطان عجر، واستدعى حاكم الحي الفضل بن خاقان، فمثل الرجل بين يديه تنطق قسمات وجهه بالرهبة والانكسار .. قال له السلطان: أيها الحاكم، لا شك عندي في أنك من الصالحين، لقد اخترتك بعد تربية وتجربة، أستحلفك بالله العظيم أن تفضي إلي بسر هذه القضية؛ فلا شك عندي في أنك عليها مطلع.
بسط الحاكم راحتيه مغمغما: اللهم فاشهد.
ثم قال مخاطبا مولاه: عقب مصرع علاء الدين نما إلي ما يتهامس به الناس من براءته وإجرام الآخرين، فانزعجت انزعاج رجل نشأ متشبعا بمبادئ الدين الحنيف، وبثثت عيوني بين الرجال والأحياء، فظفروا بالحقيقة من فم المعين بن ساوي وهو سكران، فما كان مني إلا أن هممت بالإيقاع بالمجرمين، غير أني ...
صمت الحاكم مليا، ثم قال بذل: غير أني ضعفت يا مولاي؛ فأنا الذي حاكم علاء الدين وقضى بضرب عنقه، خفت عواقب الكشف عن الحقيقة وإعلانها؛ فمن قتل نفسا فقد قتل الناس جميعا.
فقال السلطان: وخفت العواقب على سمعتك ومركزك كحاكم!
فنكس الرجل رأسه ولاذ بالصمت .. فسأله السلطان: هل علم كاتم سرك بالحقيقة؟
فقال الرجل بأسى: نعم يا مولاي.
قال السلطان مخاطبا الجميع: لله حكمته في خلقه، أما نحن فلنا الشريعة .. لذلك قضينا بضرب أعناق المعين بن ساوي، ودرويش عمران، وحبظلم بظاظا، كما قضينا بعزل الفضل بن خاقان وهيكل الزعفراني مع مصادرة أملاكهما!
5
وجيء بالنطع والمجرمين فتحرك السياف .. عند ذاك لم يتمالك شهريار الحقيقي من أن يقف قائلا بصوت جهوري: كفوا عن هذه المهزلة!
Halaman tidak diketahui