238

Lataif Macarif

لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف

Editor

ياسين محمد السواس

Penerbit

دار ابن كثير

Nombor Edisi

الخامسة

Tahun Penerbitan

1420 AH

Lokasi Penerbit

بيروت

Genre-genre

Tasawuf
كيفَ تركْتُم عِبادِي؟ فيقولون: أتيناهُم وهم يُصَلُّون، وتركْنَاهُم وهُم يُصَلُّون.
وفي صحيح مسلم (^١) عن أبي موسى الأشعرِيِّ، قال: "قام فينا رسولُ الله ﷺ بخمسِ كلماتٍ، فقال: إن الله لا ينامُ، ولا ينبغي له أن ينامَ، يَخْفِضُ القِسْطَ وَيرفعُه (^٢)، يُرفَعُ إليه عَمَلُ اللَّيلِ قبلَ النَّهارِ، وعملُ النهارِ قبلَ اللَّيلِ، حجابُه النورُ، لو كَشَفَه لأحْرَقَتْ سُبُحَاتُ (^٣) وجهِهِ ما انتهَى إليه بَصَرُه من خَلْقِهِ". ويُروَى عن ابن مسعود، قال: إن مقدارَ كُل يوم مِن أيامكم عندَ ربِّكم ثنتا عشرةَ ساعةً، فتُعرضُ عليه أعمالُكُم بالأمسِ أوَّلَ النَّهارِ اليومَ، فيُنْظَرُ فيها ثلاثَ ساعاتٍ، وذَكَر باقيَهُ. كان الضحَّاكُ (^٤) يَبْكِي آخرَ النهارِ، ويقول: لا أدري ما رُفعَ من عَملِي. يا مَنْ عَمَلُه معروض (^٥) على مَنْ يَعْلَمُ السِّرَّ وأخْفَى، لا تُبهرِجْ فإنَّ النَّاقِدَ (^٦) بَصيرٌ.
السُّقْمُ علَى الجِسْمِ لَهُ تَرْدَادُ … والعُمْرُ مَضَى وزلَّتي تَزْدَادُ (^٧)
ما أبعَدَ شُقَّتِي وما لي زَادُ … ما أكثَرَ بَهْرَجي ولي نَقَّادُ (^٨)
وحديثُ أسامةَ (^٩) فيه أن النبي ﷺ كان إذا سرَدَ الفِطرَ يصومُ الاثنين والخميسَ، فدَل على مواظبةِ النبي ﷺ على صيامِهما، وقد كانَ أسامةُ يَصُومُهما حَضَرًا وسَفَرًا لهذا. وفي مسند الإمام أحمدَ وسنن النّسائى عن عبد الله بن عمرو (^١٠) أن

(^١) رقم (١٧٩) في الإيمان: باب في قوله ﵇: إنَّ الله لا ينام.
(^٢) أي يخفض الله الميزان ويرفعه بما يوزن من أعمال العباد المرتفعة، ويوزن من أرزاقهم النازلة.
(^٣) سبحات وجه الله: أنواره وجلاله وعظمته. (اللسان: سبح).
(^٤) هو الضحّاك بن مُزاحم الهلالي، أبو القاسم، أو أبو محمد، الخراساني. توفي سنة ١٠٢ وقيل: سنة ١٠٥ هـ. والخبر في "صفة الصفوة" ٤/ ١٥٠.
(^٥) في آ: "ليس يخفى".
(^٦) في آ، ش، ع: "فالناقد بصير".
(^٧) في ب، ش، ط: "والعمر ينقص والذنوب تزاد".
(^٨) البَهْرَج من الدراهم: الرديء، وكنَّى به عن أخطائه وزلاته. والفقال: الذي يميز الرديء من الحسن، وأراد بالنقاد الله ﷿، وقبل ذلك قال: "لا تبهرج فمن الناقد بصير".
(^٩) أخرجه النَّسَائِي ٤/ ٢٠١، ٢٠٢ في الصوم، باب صوم النبي ﷺ، وإسناده حسن. قال أسامة: قلت: يا رسول الله، إنك تصوم حتى لا تكاد تفطر، وتفطر حتى لا تكاد تصوم، إلا يومين أن دخلا في صيامك، وإلا صمتهما؟ قال: أيَّ يومين؟ قلت: الاثنين والخميس، قال: ذلك يومان تعرض فيهما الأعمال على ربِّ العالمين، فأحبُّ أن يعرض عملي وأنا صائم.
(^١٠) في آ، ع: "عبد الله بن عمر"، وهو حديث آخر رواه النَّسَائِي ٤/ ٢٢٠ في الصوم، باب كيف يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، وهو حديث حسن. وعنه: "أن رسول الله ﷺ كان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر: يوم الاثنين من أول الشهر، والخميس الذي يليه، ثم الخميس الذي يليه". وأما حديث عبد اللّه بن عمرو الوارد هنا فقد مضى تخريجه.

1 / 245