ن :
ستيفن سبندر له مقالة في مجلة إنجليزية صدرت الشهر الماضي، يحاول فيها تحديد الطبقة المستنيرة، ويكاد يشترط للداخل فيها أن يكون كاتبا؛ ليعبر بكتابته عن فكره.
أ :
وماذا يقول مثل هذا الكاتب الذي يعبر عن فكره؟ هل ينبغي أن ينصرف إلى الكتابة فيما يصلح المجتمع، أم الأمر مقصور على مجرد التعبير؟ بعبارة أخرى: هل يجب على الكاتب أن يلتزم حدود الأخلاق فيما يكتب؟
ت :
لا، لا شأن للأديب بالمعايير الخلقية، إنه يفكر ويعبر، ومقياسه الجمال وحده؛ ولذلك تسمعهم يقولون لك عن بعض الأدباء إنهم كانوا في مجتمعهم كالأفاعي تنفث السموم، أي أنهم كانوا يفتون في بناء المجتمع، ومع ذلك فهم أدباء، الحقيقة أن الأديب الحق كالنحلة تعطيك الشهد، لكنها قد تلسع.
ن :
إن مجرد ذكرنا لكلمتي «السموم» و«اللسع» يبين أننا ما زلنا متأثرين في تقدير الأدب بمعيار المصلح الاجتماعي، والأدب الخالص لا يهدف إلى الإصلاح الاجتماعي المباشر ، ولا يقاس بمقياسه.
ت :
هذا صحيح ، لكنك من ناحية أخرى تستطيع أن تقول إن الهدف في النهاية البعيدة هو هذا الإصلاح المنشود، فحتى الذين يكتبون أدبا مكشوفا عن الشئون الجنسية، يريدون أن يضعوا تحت أعين الناس حقائق قد أغمضوا أعينهم عنها على خطرها وأهميتها، هذا د. ه. لورنس يرى الناس في إنجلترا قد أهملوا غرائزهم إلى حد الخطورة، فراح بكتابته في تمجيد الغريزة الجنسية السليمة ينبه الناس إلى ما قد غفلوا عنه. إن الرجل إذا ما تحفظ في طعامه تحفظا يؤذي معدته بحيث لا تعود صالحة إلا لهضم «اللبن الزبادي» هو بحاجة إلى من يستثير شهيته للطعام بالتوابل القوية، ولورنس كان في مجال الغريزة الجنسية عند الطبقة المستنيرة أشبه شيء بالتوابل التي تحرك الغريزة السليمة.
Halaman tidak diketahui