أمسك هاري بذارعيه القويتين وتبعه البقية نحو أعلى حافة الصخرة، ثم ضاق الممر الذي يسيرون فيه حتى إنه صار لا يتسع إلا لمرور شخص واحد فقط في كل مرة، حتى وصلوا فجأة إلى هوة اتساعها ياردة واحدة، وخلفها برزت كتلة من الصخور ارتفاعها ثلاثون قدما، ولها جوانب جدارية منحدرة وزلقة، وكأنها جدران قلعة. قفز فينياس بسهولة من فوق تلك الهوة وتبعته السيدات بشيء من الصعوبة.
صاح الأخ من جمعية «الكويكر»: «هيا، اقفزوا وانجوا بحياتكم وحريتكم.» وحتى تلك المرأة السوداء العجوزة قامت بالقفزة. كونت بعض كسرات الصخور متراسا، فتواروا خلفه عن أنظار من تحتهم.
قال فينياس: «ها نحن ذا، ليصعدوا إذا ما كان باستطاعتهم ذلك. إن من سيصعد إلى هنا سيتحتم عليه أن يكون فردا وحيدا، ويسير بين تلك الصخرتين في مرمى مسدساتكما أيها الرجلان، أتريان ذلك؟»
قال جورج في ثبات: «أجل، أرى ذلك. والآن وبما أن هذا الأمر يخصنا نحن فدعنا نقاتل، ونتحمل جميع المخاطر.»
كان الرجال في الأسفل يتكونون من عدد من الرجال كان هالي قد عينهم ليطاردوا الفارين. كان اسم أحدهم توم لوكر، ورجل آخر اسمه ماركس وهو محام ماكر كان أنفه الغريب محشورا في شئون الجميع. وكان مع هذين الرجلين اثنان من رجال الشرطة مخول لهما سلطة القبض على جورج وجيم الزنجي الذي عاد من كندا من أجل أمه العجوز. وكان الرجال في طريقهم إلى الصخور حين ظهر جورج من فوقهم وقال بصوت هادئ وواضح: «أيها السادة، من أنتم وماذا تريدون؟»
قال توم لوكر: «نريد مجموعة من الزنوج الهاربين؛ أولهم جورج هاريس وزوجته إلايزا وابنهما، وجيم سيلدن وامرأة عجوز. معنا هنا ضابطا شرطة ومذكرة بالقبض عليهم؛ وسنقبض عليهم أيضا. أتسمعني؟ ألست أنت جورج هاريس المملوك للسيد هاريس بمقاطعة شيلبي في ولاية كنتاكي؟» «أنا جورج هاريس، وكان السيد هاريس من ولاية كنتاكي يقول بأنني مملوك له. لكنني الآن رجل حر، وأقف على أرض الرب الحرة؛ وزوجتي وابني معي، وهما لي، وجيم وأمه هنا. إننا نمتلك أسلحة ندافع بها عن أنفسنا، وسنستخدمها فعلا إذا ما اضطررنا إلى ذلك. يمكنكم أن تصعدوا إذا ما أردتم؛ لكن أول من يظهر منكم على مرمى رصاصنا فهو في عداد الأموات، والذي يليه وهكذا حتى آخر فرد منكم.»
قال رجل قصير بدين منهم وهو يتقدم للأمام: «أوه، هيا! هيا! أيها الشاب، ليست هذه طريقة تتحدث بها. أترى؟ نحن ضابطان. إن القانون في صفنا، ونمتلك السلطة كذلك؛ لذا فمن الأفضل لك أن تستسلم سلميا؛ لأنك ستستسلم في النهاية.»
قال جورج بمرارة: «أعرف تماما أن القانون والسلطة في صفكم. أنتم تريدون أن تأخذوا زوجتي وتبيعوها في نيو أورليانز، وتأخذوا طفلي وتضعوه في حظيرة أحد التجار وكأنه عجل صغير، وتريدون أن ترسلوا والدة جيم العجوز إلى ذلك الحيوان الذي اعتدى عليها قبل ذلك؛ لأنه لم يستطع أن يعتدي على ابنها. إنكم تريدون أن تعيدوني أنا وجيم لكي يتم جلدنا، وستحميكم قوانينكم وتخرجكم من هذه المسألة، ويا له من عار عليكم وعلى تلك القوانين! لكنكم لم تقبضوا علينا بعد. نحن لا نعترف بقوانينكم، ولا ببلدكم. إننا نقف هنا أحرارا، تحت سماء الرب، تماما مثلكم، وأقسم بالرب العظيم الذي خلقنا أننا سنقاتل لأجل حريتنا حتى نموت عنها.»
إن ثمة شيئا في الجرأة والعزيمة قادرا - لبعض الوقت - على إسكات حتى أقسى الرجال وأكثرهم وقاحة. لكن ظل ماركس هو الوحيد الذي لم تؤثر به تلك الكلمات، كان يصوب مسدسه عمدا، وأثناء ذلك السكون اللحظي الذي تبع حديث جورج، أطلق ماركس رصاصة من مسدسه في اتجاهه.
ثم قال في برود بينما كان يمسح مسدسه في كم معطفه: «طبقا لقوانين ولاية كنتاكي فإننا نحصل على أجر إحضاره ميتا، تماما كما نحصل على أجر إحضاره على قيد الحياة.»
Halaman tidak diketahui