260

Khawatir Khayal

خواطر الخيال وإملاء الوجدان

Genre-genre

ويعطي ثمانية كونسيرات فقبل على سبيل التطلع إلى حركة الموسيقى في تلك البلاد، وصادف وجود برليوز في نفس هذا الوقت وكان يقود أوركسترا

New Philarmonic

فتقابلا وزال بينهما سوء الفهم، وأصبحا صديقين حميمين يعجب كل منهما بالآخر، واستمرت المراسلات بينهما بعد سفر فاجنر إلى سويسرا، ولكن من أعجب العجب أن فيتيس رئيس كونسرفاتوار بروكسل والذي تربى في كونسرفاتوار باريس وكان مدرسا فيه حمل حملة عنيفة على المترجم له، ومع أنه لم يشتهر إلا باختصاصه بالتدريس وحفظ القواعد، ولم يوهب شيئا من النفحات والابتداع يؤهله لأن يكتب شيئا يعيش ويخلد، وقد ألف عدة أوبيرات سقطت كلها من أول ليلة في تمثيلها، كما أنه حاول أن ينال جائزة روما الأولى من الدرجة الأولى فلم يفلح ولم ينل غير الثانية من الدرجة الثانية، ثم دخل الامتحان في العام التالي فلم يأخذ غير نفس هذه الدرجة الحقيرة.

وقد انتقد هذا السخيف برليوز قبل فاجنر وكان يحمل عليه حملات عنيفة متتابعة في الجرائد ولكنها كانت تقابل بالازدراء والسخرية، ومن سخافات هذا الرجل أنه قال في قاموسه «تراجم الموسيقيين» عن جان سيباستيان باخ بأنه أعظم الموسيقيين الألمان على الأطلاق، وهذا ما يدل على تفضيله باخ على بيتهوفن وفاجنر وهذا منتهى السخافة والغباوة.

ومن نكد الدهر أن فاجنر العظيم عاش زمنا طويلا يكابد صنوف البؤس، وكان ساعده الأيمن وقت الشدائد ليزت وهو من أشد المعجبين به وصديقه الحميم، ولما عطف عليه لويس الثاني ملك بافاريا وفتن بفنه العظيم قربه إليه وأخذ يساعده في نشر مؤلفاته وتحسين معيشته، ولكنه لم يلبث بعد سنة وبضعة شهور أن تألب الجمهور على فاجنر ورموا الملك بالانصياع إليه والخضوع لإرادته السياسية، فلم ير بدا من إبعاده عن القصر، فذهب إلى سويسرا ومكث فيها ست سنين كانت من أسعد أوقاته، وإن أضفناها إلى الاثني عشر عاما التي قضاها خارج بلاده حينما صدر الأمر بالقبض عليه لاشتراكه في الثورة لبلغت ثمانية عشر عاما.

إن رسائل فاجنر وقد ترجمت إلى الفرنسية تعد من أعظم المستندات والمراجع التي تدرس منها حياته، وفضلا عن ذلك فإن له فيها أفكارا عظيمة في الفن وملاحظات دقيقة.

لم ينتقد فاجنر إلا في تطويله في بعض المواقف، إذ تراه مثلا يخصص فصلا بأكمله لبث بشكوى الغرام بين المحب وحبيبته، ونفوره من الرقص في التمثيل؛ لأنه كان يقول: لا أحب أن أكتب رقصا لأوبيراتي حتى يلهو النظارة بسيقان الراقصات الجميلة ولا ينصتون إلى موسيقاي.

نأخذ على المحاضر أن جعل سيزار فرنك في مستوى واحد مع فاجنر، وهذا شيء فيه غلو كبير لم يقله غيره من المؤرخين والنقاد، لا ننكر أن فرنك نبع في الموسيقى الدينية وله في القطع القليلة التي كتبها نفحات عظيمة، فمن العبث إذن أن نوازنه بمن قلب الموسيقى رأسا على عقب وابتدع المذهب الفخم ونهض بالموسيقى إلى أرفع شأو.

ولقد رفع دوبوسي إلي مصاف الآلهة، وإني أسرد كلمة عن هذا الموسيقي ربما أقنعت محاضرنا المحبوب:

كان دوبوسي من أنجب تلامذة المعهد الموسيقي، وقد تخلص من بعض تأثير أستاذه «ماسنيه» وأوجد له مكانة خاصة، كان يميل هذا الموسيقي إلى «كوبران» و«رامو» و«موزار» ويتضايق من «جلوك» ولا يطيق أن يسمع «فاجنر»، وكما أن لهذا الموسيقي فئة تعجب به وتجله فإن له نقادا كثيرين وساخطين عديدين، وأظن أن حكمه على جلوك وفاجنر كاف للدلالة على ذوقه ومبلغ علمه وشدة غروره.

Halaman tidak diketahui