فتوضأنا منه وتزوّدنا وملأت إداوتي (١) وتركتها مكانها حتى أنظر هل يستجيب له أم لا فسرنا قليلًا ثم قلت: لأصحابي نسيت إداوتي فرجعت إلى ذلك المكان فكأنَّه لم يصبه ماء قط، ثم سرنا حتى أتينا دَارِينَ والبحر بيننا وبينهم فقال: يا عليم يا حليم يا عليّ يا عظيم إنَّا عبيدك وفي سبيلك نقاتل عدوّك اللهم فاجعل لنا إليهم سبيلًا فدخلنا البحر فلم يبلغ الماء لُبُودَنا (٢) ومشينا على متن الماء ولم يَبْتلّ لنا شيء [ق ٤/ظ] فلما رجع أخذه وجع البطن فمات فطلبنا ماء نغسله فلم نجده فلففناه في ثيابه ودفنَّاه فَسِرنا غير بعيدٍ فإذا نحن بماء كثير فقال بعضنا لبعضٍ: لو رجعنا فاستخرجناه ثم غسلناه فَرُحْنا (٣) فطلبناه فلم نجده فقال رجل من القوم إني سمعته يقول: يا عظيم (٤) يا حليم يا علي يا عظيم أخْفِ عليهم موتي - أو كلمة نحوها - ولا تُطلع على عيوبي أحدًا فرحَلْنا وتركناه" (٥)، وقال عمر بن ثابت: "دخلتْ في أذن رجل من أهل البصرة حصاة فعالجها الأطبَّاء فلم يقدروا عليها حتى وصلت إلى سِماخه (٦) فأسهرت ليلَهُ ونغَّصت عيشَ نهاره
فأتى رجلًا من أصحاب الحَسَن فشكا إليه فقال له: ويحك إن كان شيء ينفعُك الله به فدعوة العلاء بن الحَضْرمي التي دعا بها في البحر والمفازة، قال: وما هي رحمك الله،
_________
(١) الإداوة بالكسر: المطهرة، وهي إناء صغير من جلد يُتخذ للماء، وجمعها أداوى.
انظر: تاجر العروس من جواهر القاموس (٣٧/ ٥١)، النهاية في غريب الأثر (١/ ٦٣).
(٢) لبود: جمع لبد، وهو كل شعر أو صوف ملتصق بعضه ببعض التصاقًا شديدًا.
انظر: إكمال الأعلام بتثليث الكلام، لمحمد الطائي الجياني، تحقيق: سعد الغامدي، ١٤٠٤، جامعة أم القرى، مكة.
(٣) كذا في أونسخة بهامش ب، وفي ب "فرجعنا".
(٤) في هامش أ: الظاهر "عليم".
(٥) أخرجه بنحوه ابن أبي الدنيا في مجابي الدعوة -موسوعة رسائل ابن أبي الدنيا- (٤/ص ٣٩ - ٤٠)، كما ذكر هذه الرواية بنحوها ابن الجوزي في صفة الصفوة (١/ ٦٩٥)، وابن كثير في البداية والنهاية (٩/ ٣١١)، والبيهقي مختصرًا في الدلائل (٦/ ١٩١)؛ قال ابن حبان في الثقات (٤/ ٣٤٤): "سهم بن منجاب يروي عن العلاء بن الحضرمي في دعواته المستجابة".
(٦) في ب "صِماخه" وهو صحيح، قال ابن الأثير في السماخ: "ويقال بالصاد لمكان الخاء"؛ والسماخ: هو ثقب الأذن يدخل فيه الصوت. النهاية (٢/ ٩٩٢).
1 / 331