فصل
فأمّا فضيلة نوح ﵇ فظاهرة ، ومعجزته (١) باهرة، وهو أوَّل رسول أُرسِل إلى بني آدم في أحد قولي العلماء، وآيته التي أوتي نجاته في السفينة بمن آمن معه وإغراق عدوّه بدعوته وهي لعَمري فضيلة عظيمة ومعجزة كريمة، ولاشك أن الماشي على وجه الماء من غير سفينةٍ أعظم من الماشي عليه في السفينة، وقد أعطى الله تعالى نبيَّنا ﷺ في أمَّته مَن مشى على وجه الماء بغير سفينة، فكثير من أولياء أمَّة نبينا ﷺ مشى (٢) على الماء، فمن ذلك ماروى مِنْجابٌ (٣) قال: "غزونا مع العلاء بن الحَضْرمي (٤) دَارِينَ (٥) فدعا بثلاث دعوات فاستجيبت له، نزلنا منزلًا فطَلَب الماء فلم يجدْه فقام فصلى ركعتين
وقال: اللهم إنَّا عبيدك وفي سبيلك نقاتل عدوَّك اللهم اسقنا غيثًا نتوضَّأ به ونشرب ولايكون لأحد فيه نصيب غيرنا، فسِرْنا قليلًا فإذا نحن بماءٍ حين أقلعت السماء عنه
_________
(١) كذا في أونسخة بهامش ب، وفي ب "ومعجزاته".
(٢) في ب "يمشي".
(٣) الصواب أن الراوي هو ابنه: سهم بن منجاب بن راشد الضبي الكوفي.
انظر: الثقات (٤/ ٣٤٤)، لابن حبان، تحقيق: شرف الدين أحمد، الطبعة الأولى ١٣٩٥، دار الفكر؛ حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (١/ ٧)، لأبي نعيم الأصبهاني، الطبعة الرابعة ١٤٠٥، دار الكتاب العربي، بيروت؛ موسوعة رسائل ابن أبي الدنيا (٤/ص ٣٩ - ٤٠)، تحقيق: زياد حمدان، الطبعة الأولى ١٤١٤، مؤسسة الكتب الثقافية، بيروت؛ صفة الصفوة (١/ ٦٩٥)، لابن الجوزي، تحقيق: محمود فاخوري ود. محمد رواس قلعه جي، الطبعة الثانية ١٣٩٩، دار المعرفة، بيروت؛ منهاج السنة النبوية (٨/ ١٠٦)، البداية والنهاية (٩/ ٣١١).
(٤) هو الصحابي الجليل العلاء بن الحضرمي -واسم الحضرمي عبدالله- بن عباد بن أكبر بن ربيعة بن مالك بن الخزرج، كان من حضرموت، ولاه النبي ﷺ البحرين، وتوفي النبي ﷺ وهو عليها فأقره أبو بكر خلافته كلها، ثم أقره عمر، وتوفي في خلافة عمر سنة ١٤، وقيل: توفي سنة ٢١ واليًا على البحرين.
انظر: أسد الغابة في معرفة الصحابة (٤/ ٧١)، لابن الأثير، تحقيق: علي معوض وعادل عبدالموجود، الطبعة الأولى ١٤١٥، دار الكتب العلمية.
(٥) دارين: فرضة بالبحرين يجلب إليها المسك من الهند، والنسبة إليها (داري)، وهي حاليًا قرية أو جزيرة من شرق المملكة العربية السعودية بالقرب من القطيف. انظر: المعالم الأثيرة في السنة والسيرة ص ١١٥، لمحمد بن محمد حسن شراب، الطبعة الأولى ١٤١١، دار القلم، دمشق؛ معجم البلدان (٢/ ٤٣٢).
1 / 330