Bagaimana Kita Mendidik Diri Kita Sendiri
كيف نربي أنفسنا
Genre-genre
على أن القارئ يجد من هؤلاء العشرة أني طلبت الثقافة لشيء واحد هو ترقية شخصيتي وفهم المجتمع عن سبيل دراسة العصر الحاضر، على أني يجب أن أنبه أنه ليس واحد منهم معصوما من الخطأ، ولم أسلم قط التسليم الأعمى لأحدهم.
وقد كان نابليون يقول في ستراتيجية الحرب إن الجيش المحارب يجب أن يمتاز امتيازا كبيرا في سلاح معين، قد يكون سلاح البطريات أو المشاة أو الفرسان، ولا يبالي بعد ذلك أن يكون عاديا في سائر الأسلحة، وهذا هو أيضا ما يجب على المثقف؛ فإنه يجب أن يمتاز في مادة معينة ولا يبالي بعد ذلك أن يكون عاديا في سائر المواد، وهو في تعمقه لإحدى الدراسات المتوهجة التي يخرج منها عشرات الأشعة إلى موضوعات أخرى، يجد أن الأبواب تفتح أمامه لاهتمامات جديدة.
وقد كانت البيولوجية - أي علم الحياة - بؤرة ثقافتي، تكونت عندي في حمى الشباب حوالي الثامنة عشرة من العمر حين يستحيل القلق الجنسي بكمياء النفس إلى قلق ثقافي، فكانت الحيرة الدينية مثلا بشأن المذهب الدارويني، ثم حملتني دراسة هذا المذهب إلى دراسات عديدة ما زالت إلى الآن - بعد ما يقرب من أربعين سنة - في شبكتها، وحسب القارئ أن يعرف عن تعمقي لهذا المذهب أني ألفت كتابا «نظرية التطور وأصل الإنسان» مقالات متوالية أولا في جريدة البلاغة دون أن أحتاج إلى الرجوع إلى كتاب؛ فإنه كله من الذاكرة.
ثم حملتني دراسة البيولوجية إلى دراسة السيكلوجية والاجتماع والدين والتاريخ والجيولوجية.
واحترفت الصحافة، فبل أن تنحدر إلى القيل والقال والتسلية، فتموت بها، وصار التفكير في الشئون الاجتماعية والسياسية عالمية ووطنية حرفتي التي تحملني على الدوام على التكمل والاستزادة.
التعمق للدراسة
العبرة في الحياة - كما في الحرب - بالخطة التي تتبع، وكذلك الشأن في الثقافة؛ فإن في مكتبة المتحف البريطاني أكثر من أربعة ملايين مجلد ليس من المعقول أن أحدا يطمع في قراءتها أو قراءة نصفها أو عشرها؛ لأن العمر البشري في حدوده الحاضرة يفنى قبل أن ننتهي من قراءتها، وبدهي أننا لسنا في حاجة إلى قراءة هذه الكتب، فإن كثيرا منها بل أكثر ما فيها لا تزيد قيمته على الغبار الذي يعلوها.
فيجب لذلك أن تتبع خطة حتى تنتظم جهودنا في التثقيف الذاتي، وحتى نأخذ بالأهم قبل المهم، فضلا عن ترك السخيف والعقيم، ويجب لذلك ألا نتسع فنقرأ جزافا، فليس في الدنيا أثمن في الحياة البشرية من الذهن البشري؛ ولذلك يجب أن تكون أكبر عنايتنا في الحياة به، نربيه ونثقفه وننميه، ويجب أن نفكر في الخطط الدراسية التي نستطيع باتباعها أن نقتصد في وقتنا وجهودنا.
ولا بد أن من ينشد الثقافة سيجد نفسه حائرا بين أن يتوسع ويعرف أكثر ما يمكن من المعارف السطحية، وبين أن يتعمق ويتخصص في فن أو علم يعرفه بكل ما فيه وبكل هوامشه ونواحيه، أو هو بكلمة أخرى سيقف بين التعميم والتخصيص، فأي الخطتين يجب عليه أن يتبع؟
لقد سبق أن ذكرنا خطة نابليون في الحرب، وهي أنه كان يصر على أن يكون متفوقا على سلاح معين على العدو، وقد يكون هذا السلاح هو فرق الفرسان أو فرق المدافع أو فرق المشاة، ولكن لا بد من التفوق في واحد منها، أو في غيرها، كي ينفذ عن سبيل هذا التفوق إلى نقطة ضعف العدو فيضربه فيها ويتجاوزها إلى سائر قواته فيفتتها.
Halaman tidak diketahui