Bagaimana Kita Mendidik Diri Kita Sendiri
كيف نربي أنفسنا
Genre-genre
الثقافة الصبيانية
ليس هذا العنوان للاحتقار، وإنما هو للاحترام، احترام صبياننا؛ فإن في مصر نحو مليون صبي أو أقل أو أكثر، تترجح أعمارهم بين ثماني سنوات وست عشرة سنة، ومن حق هؤلاء الصبيان أن يقولوا لنا: أين حقنا من ثقافة العصر الذي نعيش فيه؟ أين الكتب؟ أين المجلات؟
وقد انتهيت إلى هذا الموضوع بمناسبة الكتاب الصغير الذي ترجمه الدكتور أحمد زكي مدير جامعة القاهرة بعنوان «حيوانات عرفناها»، وهو كتاب يقرؤه الكبار وينتفعون به، ولكن الصغار يقرءونه فيطربون ويزأطون فوق انتفاعهم به؛ لأنه كتب لهم خاصة، وجدير بأحسن رجالنا بأن يكتبوا للصغار.
وليس شيء يثير الاستطلاع عند الصغار مثل هذه القصص التي تردهم إلى طبيعة أرضنا، بناسها وحيوانها ونباتها وجبالها وأنهارها، وقد كانت هذه الظواهر الطبيعية شهوتي الذهنية الأولى، ثم شغفي العلمي بعد ذاك، وقد عبرت عليها، ومنها، إلى نظرية التطور التي أشعلت خيالي وزادتني إنسانية وإحساسا حميما نحو العالم والبشر وسائر الأحياء.
ولست أعرف أدبيا عظيما أو مفكرا عميقا لم يرتبط بالطبيعة بهذا الشغف منذ صباه؛ فإن داروين، وسبنسر، وجان جاك روسو، ومكسيم جوركي، وأندريه جيد، وعشرات غيرهم، كانوا على حنين وشوق إلى الطبيعة منذ صباهم، وكان هذا الإحساس بذرة وجدانهم الثقافي الأول الذي توسعوا فيه بعد ذلك، وتعمقوا حتى صاروا كتابا إنسانين.
وقبل نحو عشرات السنوات وقع في يدي كتاب باسم «طيور مصر» لرجل عظيم يدعى أحمد حماد الحسيني، فتلقفته كما لو كان جوهرة وأحسست أن ها هنا مؤلفا يزيد على وطنيته علما وعلى علمه وطنية، فهو يذكر في كتابه أكثر من مئة أو مئتي طائر في مصر من تلك الطيور الأصيلة المقيمة، والدخيلة المهاجرة، الصامت منها والمغني، والوديع والمفترس، وهو يصورها ويسميها.
والمعرفة سبيل إلى الحب، ونحن نحب مصر حين نقرأ هذا الكتاب، ولكني الآن تختلجني حسرة؛ لأن جميع الصور في هذا الكتاب سوداء لا تنقل إلينا جمال الطيور في أذنابها الصفراء أو صدورها الحمراء أو مناقيرها البيضاء.
والطيور هي أزهار السماء، وهل يمكن أن نقنع بتصوير الأزهار بالحبر الأسود فقط؟
ولو أن هذه الطيور كانت مصورة بألوانها الطبيعية، لكان هذا الكتاب قنية ثمينة للصبيان والكبار، يتعرفون به إلى هذه الأحياء وينبعثون منه إلى التجوال في الحقول والصحراء لتعيينها والوقوف على تنقلاتها وعاداتها، وتأمل بيضها وعشاشها، وفي هذا الاهتمام بالحياة فرح وطرب وزيادة في الوجدان، وإحساس بالرابطة المقدسة التي تربطنا بالوجود، واتصال حميم بالأم الأولى: الطبيعة.
ولكني أعرف لماذا لم يخرج هذا الكتاب بالألوان الطبيعية، وهو أن هذه الألوان تحتاج إلى نحو 700 أو 800 جنيه، ولعلها لم تكن في مستطاع المؤلف. بل هي حتى لو كانت لما جرؤ على إنفاقها؛ إذ من كان يكفل له عودة هذا المبلغ إليه عند نشر هذا الكتاب؟ ولم يكن هناك أقل دليل وقتئذ على أن وزارة المعارف التي كانت تشتري أغث الكتب وأتفه المجلات، كانت تشتريه وتوزعه على صبيان المدارس.
Halaman tidak diketahui