Bagaimana Kita Mendidik Diri Kita Sendiri
كيف نربي أنفسنا
Genre-genre
فهناك هذا الرأي أو الفكرة القائلة بالديمقراطية كيف وأين نشأت وما قيمتها، وما دلالتها، وهل يجب أن تموت أو تعيش؟ ثم ما هي قيمة الحرية الفكرية، أو التسامح الديني، أو فكرة الدستور، أو غير ذلك في الأفكار والآراء التي غاص الناس من أجل تحقيقها في بحار من الدماء؟ وهل كانت جهودهم حسنة أدت إلى خدمة البشر؟ وإذا كان الأمر كذلك، فهل هي تستحق العناية من المستمتعين بها والجهد لصيانتها، أم تترك للمستبدين والجامدين والرجعيين كي يمحوها من لوح التاريخ البشري.
وهذه الأفكار أو الآراء التي تسود الحضارة الراهنة لا تكاد تحصى؛ فإننا نؤمن مثلا بفكرة الجامعة للتعلم، وفكرة التعاون للعمال، وكذلك بفكرة النقابة، كما نؤمن بحرية المرأة. وفكرة «تقرير المصير» هي إحدى هذه الفكرات الخصبة المثمرة.
والشرط الثالث:
للرجل المهذب أن يعرف علما من العلوم الحديثة؛ وذلك لأن الحضارة الصناعية القائمة في العالم الآن تستند إلى أساس قوي من الثقافة التي أثمرت الغازات الفاتكة من ناحية كما أثمرت الأقمشة والأسمدة الصناعية لتوفير الغذاء والكساء، هي شر وخير، ولا يمكننا أن نفهم دلالتها إلا إذا فهمنا علما من العلوم، وميزة العلم أو صفته أنه يمكن أن يقاس، سواء أكان القياس بالمتر أم بالجرام أم باللتر، وما لا يمكن قياسه، أو حمله عقليا على ما يشبه القياس ماديا، ليس علما.
وليس شيء من الصناعات الحاضرة إلا وقد أغار عليها العلم ووسع نطاق الانتفاع بها.
فنحن نجده على السواء في إناء الطبخ للطعام كما نجده في جهاز الميكروفون، ونجده في زراعة البرسيم كما نجده في تحليل الضوء المنبعث إلينا من المجرة، ونجده في صحة الأطفال كما نجده في صنع الطائرات.
والرجل الذي يعنى بالثقافة العلمية ينطبع في نفسه المزاج العلمي، فهو يعتمد على القياس والتجربة، وهو لا يستسلم حتى لمنطق الذهن المجرد؛ لأنه لا يقنع بالتفكير فقط، بل يزيد عليه التجربة باليد، فهو يفكر بذهنه ويده، وهو لهذا السبب لا يرفض تصديق القصص عن العفاريت ومناجاة الأرواح وقراءة الكف وفراسة الوجه وطالع الحظ وما إلى ذلك فقط، بل هو لا يعرف كيف ينصت مستمعا إلى هذه القصص والأساطير؛ لأن مزاجه العلمي قد بعث فيه اشمئزازا ذهنيا من هذا السخف، والرجل الذي يجهل أحد العلوم لا يصح أن يعالج دراسة ما؛ لأنه يعالجها عندئذ بروح الجهل الذي يخشى خطره لأنه يعتمد على استنتاجات لا تؤيدها التجربة.
أما الشرط الرابع:
للرجل المهذب فهو أن يعرف لغة ما معرفة مثقفة، وتفضل لغته الأصلية التي نشأ عليها، وهذا شرط لا غنى عنه؛ لأن التفكير الحسن لا يستطاع بلا مدخر كبير من الألفاظ، بل نحن لا يمكننا أن نفكر بدون الألفاظ، حتى إن أحد السيكلوجيين - وهو الدكتور واطسون - يقول إن التفكير هو كلام صامت كما أن الكلام هو تفكير صائت، وهناك ما يرجح صحة هذا القول، والذي يلاحظ أن لكل شخص ألفاظه التي تكثر في حديثه أو في كتابته، وهي بالطبع تدل على اتجاه تفكيره ولونه؛ إذ هو يختار الألفاظ التي تعبر عما يشتغل به ذهنه، فإذا كان تافه التفكير كانت الألفاظ كذلك، وقد كان هربرت سبنسر يقول إنه يمكنه أن يعرف وزن الرجل الذهني عقب حديثه؛ لأنه يعرف من الألفاظ التي يستعملها أي الموضوعات تشغله وكيف تشغله.
وأحسن اللغات التي يجب أن نتعلمها ونتقنها هي اللغة التي رضعناها من أمهاتنا، وهي اللغة التي نستطيع أن نتقنها، ومن السخف أن نتعلم لغة أجنبية نصف تعلم أو ربع تعلم؛ لأن اللغة وسيلة، غايتها القراءة والاستنارة المتوالية، فإذا لم نعرفها حق المعرفة لم ننتفع بها، ومن هنا الخطأ الفادح في تعليم أولادنا لغتين أجنبيتين حين كان يمكن الاقتصار على واحدة ربما يستطاع إتقانها فنعتمد عليها للتثقيف العصري. •••
Halaman tidak diketahui