Bagaimana Kita Mendidik Diri Kita Sendiri
كيف نربي أنفسنا
Genre-genre
ونحن نعرف أيضا أن الثري للطمأنينة التامة يركد ويترهل، ولكنه يتنبه عندما يحف به خطر اقتصادي، أو تنزل به كارثة مالية، وقد يشرع عندئذ في الدرس بعد حياة طويلة كانت مجالة بسواد الجهل.
والمغزى الذي نقصد إليه هو أن الباعث على التفكير والدرس هو مقدار معتدل من القلق، أي إن الطمأنينة يجب ألا تكون تامة، وهذا القلق نجده في المدينة أكثر مما نجده في الريف، وهو أكثر في أيام الحرب والقحط مما هو في أيام السلام والرخاء، وهو أكثر عند المشتغل بكسب عيشه مما هو عند الوارث المطمئن.
على أنه يجب أن لا تمسك المعايش بخناقنا؛ لأنه من الواضح إذا كان القلق عظيما فإنه يمنع من التفكير السليم أو الرغبة في الدرس، ولكنا نقصد إلى القلق المعتدل الذي يحدث لنا غما أو هما خفيفين، والنفس في مثل هذه الحال تلجأ إلى الخيالات المضادة التي تحدث السرور، ونحن حين نفكر إنما نرتب هذه الخيالات ونجعلها تسير مع المنطق، ونستعين بالدرس كي نحسن التفكير ونصل إلى النتائج.
وهذا المنغمس في تحصيل العيش، الذي ينفر من الثقافة، يجب أن ننبه ذهنه عن سبيل العمل الذي ينغمس فيه، بأن نحدث له قلقا يستتبع غما أو هما يحمله على التفكير والدرس، فإذا عمدنا إلى ثري يكتنز النقود وتحدثنا إليه عن نزول النقد، وأن الذهب لن يعود إلى التعامل، وأن المبادئ الاشتراكية تعم العالم رويدا رويدا؛ فإننا بلا شك ننبهه من ركوده ونبعثه على أن يتساءل: ما قيمة الاكتناز للثروة إذا كان مصيرها يوما ما مصير المارك الألماني سنة 1922؟ وقد يحمله هذا على درس الاقتصاديات، ومتى شرع فإنه لن ينكص، ومتى تنبه فإنه لن يركد.
وكذلك الشأن في غيره من أولئك المنغمسين في تحصيل العيش إلى حد إرصاد الوقت والجهد في سبيله، فإننا نعالجهم عن سبيل انغماسهم، فنوضح لهم حينا مقدار المنفعة التي تعود عليهم إذا درسوا وتوسعوا في مهنتهم ، وحينا نبين لهم الأخطار التي تتعرض لها هذه المهنة في المستقبل، بل نحتاج إلى أن نبين أيضا أن الوجاهة والمكانة والاحترام تنال كلها بقليل من الثقافة، ولا تنال بكثير من المال الذي ترافقه جلافة الجهد والعصامية المزعومة.
واختيار الأصدقاء من المثقفين - كما سبق أن ذكرنا - هو أفعل الوسائل لبعث الشوق إلى الثقافة؛ لأن للقدوة أكبر الأثر في الإيحاء، وكما أن ثري الحرب يقتني الأثاث الفاخر للمباهاة، فإنه كذلك يجب أن يباهي بالأصدقاء المتعلمين، وهؤلاء يستطيعون أن يوجهوه ويرشدوه في تعليم نفسه وأعضاء عائلته.
ماهية الثقافة
الثقافة هي ما نفكر به، والحضارة هي ما نعمل به.
ولكن هذا التعريف ليس دقيقا؛ فإن من الصحيح مثلا أن معارفي أنا عن القوة الكهربائية التي نستخدمها في الإضاءة والحركة والاستماع الرديوفوني والرؤية السينمائية، بل للتدفئة والعلاج الشعاعي وغير ذلك، هذه المعارف هي ثقافة عندي؛ لأني لا أمارس بيدي شيئا من هذه الوسائل التي نستخدم بها القوة الكهربائية، وقصارى ما أتصل به منها هو المعرفة الذهنية، ولكن المهندس الكهربائي يعرفها حضارة وثقافة عامة معا؛ لأنه يفكر ويعمل بها معا.
وفي مجتمع أمثل لما نصل إليه، تصير الثقافة والحضارة شيئا واحدا في كثير من الشئون؛ لأن جميع الناس يتعلمون ويرتقون، فلا تكون هناك أشياء راقية يقرءون عنها في الكتب ولا يرونها في المعيشة.
Halaman tidak diketahui