إشارة الدره
فبينما هو كلما نظر إلى ريشه نظرة، تذكر تلك الحضرة، فتجدد له الحسرة، وكلما نظر إلى ساقه نظرة صاح وصعد الزفرة، إذ رأيت إلى جانبه دره، قد كسيت ثيابا خضره، فصاحت بفصاحتها: أيها الطاووس، إلى كم هذا العبوس، والعيش المنكوس، أنت في الصورة عروس، وفي المعنى كظلمة الناووس، أوقعك الرأى المعكوس، حتى خرجت من منزلك المأنوس، وإنما أخرجت من مسكنك لجنايتك على الساكن، وتحريكك للأمر القاطن، فلو فكرت في السبب الذي أخرجت به، والشخص الذى طردت بسببه، لا شتغلت بإصلاح شأنك، عن التنزه في بستانك، ويجب عليك كما جنيت على آدم في تلك الدار، أن تشتغل ههنا بالاعتذار، وتشاركه في الاستغفار، وتعترف بعد الإنكار، وتزاحمه في خلوات الأذكار، لعلك أن تزور معه إذا زار، فإنه لا بد له أن يعود، وتعود إليه أيام السعود، فإن آدم أخرج إلى مزرعة الدنيا، وقيل له: ازرع اليوم ما هو في الغد محصود، فإذا انتهى زرعك، ونما فرعك، فعد إلى مقامك المحمود،
1 / 87