ومثله وقوع جماعة في مخمصة فلا يبيح أكل أحدهم بالقرعة لكون المصلحة جزئية ذكره في حاشية الفصول عن الأسنوي (وكقتل الزنديق) بكسر الزاي هو الزندي والزند اسم كتاب مزدك الذي ظهر في زمان قياد وأباح الفروج وقتله أنو شروان وهو من يبطن الكفر ويظهر الإيمان أو من الثنوية أو القائل بالنور والظلمة أو من لا يؤمن بالآخرة أو من يقول بقدم العالم والذي ينبغي أن يراد هنا هو الأول (وإن أظهر التوبة) فإنها لا تقبل ولا يصير بذلك محقون الدم بل يسفك ويقتل إذ مذهبه ودينه جواز التقية فلو قبلنا توبته لم يمكن زجر زنديق أصلا والشرع ملتفت إلى الزجر عن المعاصي في الجملة حكى ذلك المنصور بالله عليه السلام وصاحب الجوهرة عن كثير من أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم ومنعوا من مصالحتهم ومخالطتهم لأن في ذلك الظفر بمطلوبهم لما هيأوا من الإشكالات والإيهامات التي إذا أوردوها على المسلمين لا يكاد ينجو منها إلا متبحر في علم الكلام كما روي عن المطرفية والباطنية فإذا كانت هذه حالهم فنطقهم بالإسلام لا يفيد الإسلام فنجريهم على كفرهم قبل التوبة وليس كذلك حال سائر فرق الكفر سيما العرب فإنهم كانوا يمتنعون من الإسلام وينكرون التدين بالكذب ويرون بذل المهج في إظهار ما يبطنونه ولذا قيل لما أسرت خيل رسول الله ثمامة بن اثال الحنفي قال أحسنوا إساره ولما رجع رسول الله إلى أهله قال أجمعوا ما كان معكم من طعام وابعثوا به إليه وأمر بلقحة يغدي عليه بها ويراح وهو يعالجه ليسلم ويأتيه ويقول أسلمت يا ثمامة فيمتنع ويصد وقال يا محمد إن تقتل تقتل ذا دم وإن ترد الفداء فاسأل ما شئت. فمكث ثمامة في الأسر مدة ثم أطلقه فلما أطلقوه خرج إلى البقيع فتطهر وأحسن طهوره ثم أقبل فبايع النبي على الإسلام (1) فهذه طريقة أولئك فلهذا قبل منهم إظهار الإسلام وجاز موادعتهم ومصالحتهم
Halaman 215