قلت : ولما كان العكسان من لوازم القضية ، ومما يستدل به على صحتها وصدقها احتيج إلى بيانهما وبيان التناقض ، وإنما قدم العكس المستوي على عكس النقيض مع اشتراكهما في اللزوم لأن المستوي لازم لها بلا واسطة ، وعكس النقيض بواسطة ، وكان الأولى تقديمهما على التناقض ؛ لأنه إثبات للمطلوب بإبطال نقيضه ، وهما إثبات له بثبوتهما [*] فقال (والتناقض اختلاف الجملتين) أي القضيتين يخرج ما لا اختلاف فيه مطلقا والتناقض بين المفردين (1)فإنه يقع بين المفردات مثله بين الجمل (بالنفي والإثبات) بأن تكون إحداهما مثبتة والأخرى منفية لا بغيرهما من الحمل والاتصال والانفصال مثلا (بحيث يستلزم لذاته صدق كل منهما كذب الأخرى) خرج الاختلاف الذي يلزم معه من صدق كل كذب الأخرى من غير نظر إلى ذاته لواسطة مثل زيد إنسان زيد ليس بناطق فإن صدق إحداهما وكذب الأخرى بواسطة أن كل ناطق إنسان أو لخصوص مادة نحو كل إنسان حيوان ولا شيء من الإنسان بحيوان ونحو بعض الإنسان حيوان وبعض الإنسان ليس بحيوان (2) فإن الكليتين قد تكذبان (1)نحو كل حيوان إنسان ولا شيء من الحيوان بإنسان والجزئيتين قد يصدقان (2) نحو بعض الحيوان إنسان وبعض الحيوان ليس بإنسان وقيد لذاته موجود في التهذيب والغاية وبعض نسخ الكتاب للاحتراز المذكور ومفقود في بعض نسخه وفي المنتهى قال العضد ولا حاجة إلى تقييد اللزوم بكونه بالذات دفعا لورود هذا الإنسان ليس بناطق لأن كذب كل منهما لا يلزم من صدق الآخر بل من صدقه واستلزامه نقيض الآخر جميعا (3) (والعكس) مزيد في التهذيب والغاية أيضا وهو احتراز عن الاختلاف الواقع يبن الموجبة والسالبة الكليتين لانتفاء لزوم الصدق فيهما لكذبهما في بعض المواد كما عرفت ولايخفى أنه مستدرك لما عرفت من خروجه بقيد لذاته فتأمل وإنما يتحقق التناقض مع الاختلاف إيجابا وسلبا كما ذكر في الحد ومع الاتحاد في النسبة الحكمية فلو اختلفت لاختلاف في ذات الموضوع أو المحمول أو في شرط أو كل وجزء أو زمان أو مكان أو إضافة أو قوة وفعل لم يتحقق لأن نسبة المحمول إلى أحد الأمرين مغايرة لنسبته إلى الآخر ونسبة أحد الأمرين إلى شيء مغايرة لنسبة الآخر إليه ونسبة أحد الأمرين إلى الآخر بشرط مغايرة لنسبة الآخر إليه بشرط آخر وعلى هذا فمتى اتحدت النسبة اتحد الكل وبشرط الاختلاف في الكم وهو الكلية والجزئية فيشترط اختلافهما فيه إن كانتا محصورتين ، فنقيض الموجبة الكلية سالبة جزئية والعكس نحو كل إنسان حيوان بعض الإنسان ليس حيوانا ، ونقيض السالبة الكلية موجبة جزئية والعكس نحو لا شيء من الإنسان بشجر بعض الإنسان شجر.وإنما اشترط ذلك لجواز كذب الكليتين نحو بعض إنسان كاتب بالفعل لا شيء من الإنسان بكاتب بالفعل.وصدق الجزئيتين نحو بعض الإنسان كاتب بعضه ليس بكاتب كذلك
(و) العكس يطلق ويراد به أحد معنيين :
Halaman 137