Jawhar Shaffaf
الجوهر الشفاف الملتقط من مغاصات الكشاف
Genre-genre
ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون(79)ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون(80)
{ما كان لبشر أن يؤتيه الله الحكم والنبوة} {ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله} هذا تكذيب لمن اعتقد عبادة عيسى، أي: ما صح لأدمي ولا ينبغي له أن يؤتيه الله الكتاب المنزل عليه كالقرآن والحكم أي: الحكمة وهي العلم والسنة، ثم يأمر الناس بعبادته من دون الله وهو عبد مثله وقيل: إن أبا رافع الفرظي والسيد من نصارى نجران قالا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أتريد أن نبعدك ونتخذك ربا فقال: ((معاذ الله أن نعبد غير الله أو نأمر بغير عبادة الله فما بذلك بعثنا ولا بذلك أمرنا)) فنزلت {ولكن كونوا ربانيين} أي: علماء معلمين وقيل: فقهاء علماء فيقال العالم رباني وهو منسوب إلى الرب وهو شديد التمسك بدين الله وطاعته وعن ابن الحنفية أنه قيل حين مات ابن عباس اليوم مات رباني هذه الأمة، {بما كنتم تعلمون الكتاب} أي: بسب كونكم عالمين بالكتاب وما فيه من الحلال والحرام، والأمر والنهي {وبما كنتم تدرسون} أي: بسبب كونكم دارسين للعلم أوجب أن تكون الربانية التي هي قوة التمسك بطاعة الله مسببة على العلم والدراسة وكفى به دليلا على خيبة سعي من جهد نفسه وكد روحه في جمع العلم ثم لم يجعله ذريعة إلى العمد فكان مثله مثل من غرس صخرة حسنا تونقه بمنظرها ولا تنفعه بثمرها وفيه أن من علم ودرس العلم ولم يعمل به فليس من الله في شئ وإن السبب بينه وبين ربه منقطع حيث لا يثبت النسبة إليه إلا للمتمسكين بطاعته.
Halaman 304