Jamic
جامع أبي الحسن البسيوي جديد
Genre-genre
ألا ترى أنه لما لم يكن من شرطها قدرة الباري أن في وجودها وجود مقدورها، وجاز وجودها ولا فعل لم يستحل ألا يزال ولا فعل على وجه من الوجوه، ولما استحال أن توجد قدرة الإنسان وليس هو بموجود، ولا يوجد منه الفعل، لا حد ولا ترك ولا طاعة ولا معصية ولا أمر ولا نهي، فلما استحال ذلك وقتا واحدا أن يوجد ولا مقدور، فقد وجب أن يكون من شرط قدرة الإنسان أن في وجودها وجود مقدورها، فإذا كان ذلك كذلك استحال أن يقدر الإنسان على الشيء وضده؛ لأنه لو قدر عليهما لوجب وجودهما معا، وذلك محال.
مسألة: في الاستطاعة
ومما يدل على أن الاستطاعة مع الفعل للفعل، أن من لم يخلق الله له استطاعة لم يوجب أن يكسب شيئا، فلما استحال أن يكسب الفعل إذ لم تكن استطاعة لعدمها صح أن الكسب إنما يوجد بوجودها، وفي ذلك إثبات وجودها مع الفعل.
فإن قال: أليس في عدم الجارحة عدم الفعل؟
قيل له: في عدم الجارحة عدم الاكتساب؛ لأنها إذا عدمت القدرة استحال الكسب، فبعدم القدرة استحال الكسب، لا لعدم الجارحة، ولو عدمت الجارحة عدم الاكتساب ووجدت القدرة كان الاكتساب واقعا.
ولو كان إنما استحال الاكتساب لعدم الجارحة لكان إذا وجدت وجد الاكتساب، فلما كانت توجد ويقارنها العجز وتعدم القدرة فلا يكون كسبا، علم أن الاكتساب إنما يعدم لعدم الاستطاعة لا لعدم الجارحة.
وقد قال الله: {ما كانوا يستطيعون السمع}، وقد أمروا أن يسمعوا الحق وكلفوه، فدل ذلك على جواز التكليف؛ وأن من لم يقبل الحق ولم يسمعه على طريق القبول لم يكن له مستطيعا.
فإن قال: لا يستطيعون قبول الحق للاشتغال بغيره؟
قيل له: ما الفرق بينك وبين من قال: إنهم لا يستطيعون قبول الحق للاشتغال بتركه.
12- باب
مسألة في الاستطاعة
- وسأل عن قول الله: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها}؟
Halaman 159