فإن قال: وما الدليل على جواز قولكم، وأي موضع ذلك في اللغة؟ قيل له قول الشاعر:
ولست بزان في مضيق لأنني أحب وساع العيش والخلق الرحبا (¬1)
وقال آخر: وإذا قذفت إلى زنا قعرها غبراء مظلمة من الأحفار.
والرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم (لا يصلي أحدكم وهو زناء) ممدود غير مشد النون، يريد والله أعلم؛ الحاقن، يعني بذلك الذي يجمع البول في مثانته حتى يضيق به، فلما كانت العرب تسمي الدخول في المضيق زناء، وجب أن يجري حكم الزنا عليه والله أعلم. قال الكسائي وأبو عبيدة: هو الذي يجمع بوله في مثانته ويضيق عليه. قال: فأصل الزنا المضيق؛ لأن الزنا الذي يوجب الحد ما كان بالفرج لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (العينان تزنيان واليدان تزنيان والرجلان تزنيان ويصدق ذلك ويكذبه الفرج)، (¬2) وكل من دخل بفرجه في ضيق مضيق عليه فهو زان، وكل من استحق اسم الزاني فالحد واجب عليه إلا ما قام دليله، ودليل من طريق القياس يدل على صحة ما قلنا، إنا لما رأينا الأمة قد أجمعت على حرمان قاتل العمد ممن يصير (ماله إليه) (¬3) في الحال الثانية، فلما تسرع إلى ارتكاب ما نهي عن فعله منع من الإرث الذي كان يستحقه بترك ما ارتكب مما نهي عن فعله. فكذلك الواطئ في الحيض المتعمد لركوب ما نهي عنه لا يستحق ما كان يستحقه بترك ما ارتكب (¬4) مما نهي عن فعله من الوطء في الحيض، ولما كانت سنة أجمع الناس على قبولها والعمل بما وجب القياس عليها، ألا ترى أن (¬5) ما روي عن عمر ابن الخطاب وبذلك قال مالك بن أنس في رجل خطب امرأة في عدتها من طريق العمد أنه لا يحل له تزويجها بعد انقضاء عدتها ويحرم عليه تزويجها أبدا فحرم بمعصيته (¬6)
¬__________
(¬1) في (ب) والخلو.
(¬2) رواه أبو داود.
(¬3) في (ج) إليه ماله.
(¬4) "ارتكب" ساقطة من (ج).
(¬5) في (ج) إلى.
(¬6) في (ب) و (ج) بمعصيته..
Halaman 81