فإن قال: فإذا تابا من زناهما هل يجوز أن يرجعا إلى حكم المؤمنين ويعود إليهما بنكاح جديد أو بغير نكاح؟ قيل له: ليس له أن يرجع إليهما كما لم يكن للملاعن أن يرجع إلى زوجته، وإذا كذب نفسه وتاب من قذفه إياها بالزنا من قبل أن يحكم إذا جرى مجرى العقوبة أو كان حدا من الحدود لم (¬1) يرتفع بالتوبة، وهذا مثله بتوفيق الله إياها في إصابتها الحق دون الفرقة الأخرى التي قد شذت عنه وخفي عليها معنى خطاب الله تعالى لم تجز لها الرجعة في التوبة وغير التوبة، وإذا كانت الأمة قد اختلفت في حكم على قولين، فأخطأ من ذهب إلى أحد القولين وأصاب الفريق الثاني، ولا يجوز أن يكون الحق خرج من أيديهم جميعا، وإذا كان البعض في يده الحق كان هو كالأمة وحده، فإن قال: لم قلتم إن هذه الفرقة لما كانت مصيبة لهذا الحكم دون غيرها من الناس كان قولها محكوما به في كل مكان؟ قيل له: قد قلنا: إن الحكم إذا كان مطلوبا من الأمة قام الدليل على خطأ بعضهم، وذهابه عن الحق كانت الطائفة المصيبة كإجماع الأمة وكانت هي الأمة، وجاز أن يحتج بقولها وأن الله تعالى أخبر أن الإجماع هو الحجة، والحق لا يخرج منه إذا كان في الجميع من ليس بحجة والباقي منهم هم الحجة، وإذا كانوا هم الحجة جاز أن يحتج بالإجماع، وبالله التوفيق.
فإن قال قائل: فما تقولون في الواطئ في الحيض؟ قيل له: نرى تصويب من قال بالتفرقة بين الزوجين إذا اتفقا على الوطء في الحيض من طريق العمد من جهة النصرة لهم، فإن قال: وكذلك من وطئ في الدبر قيل له: هما عندنا سواء في باب الحكم، فإن قال: فما وجه جواز ذلك عند من قال به؟ قيل له من قبل: إن أهل اللغة يسمون الدخول في المضيق زنا، فلما رأينا الواطئ في الدبر والحيض داخلين في المضيق عليهما علمنا أنهما قد استحقا اسم الزنا، والزاني يفرق بينه وبين زوجته على ما تقدم قولنا في أول المسألة.
¬__________
(¬1) في (ج) ولم.
Halaman 80