قد يحكم له بحكم الطهارة، وإن حلته النجاسات ما لم يتغير له لون ولا طعم ولا ريح (¬1) ، وإنما اختلفوا في الحدود والنهايات. والحدود لله تعالى، وليس لأحد من الأمة أن يضع حدا يوجب بوضعه في الشريعة حكما إلا أن يتولى وضع ذلك الحد كتاب ناطق أو سنة ينقلها صادق عن صادق. أو يتفق على ذلك علماء أمة محمد صلى الله عليه وسلم . فإن قال قائل: إن الماء لا ينجس عينه، وإنما يمتنع عن استعماله من طريق المجاورة، إذ لا يصل إلى استعماله إلا ومعه جزء من النجاسات؛ لأن الماء لا ينجس (¬2) عينه. لأن الماء جسم والبول جسم، والأجسام لا تتداخل، وإنما تتجاور، فلذلك قلنا: يقال لمن ذهب إلى هذا وجعله دليلا لنفسه واعتمد عليه بمذهبه (نسختين) لمذهبه واعتقاده حجة لنفسه، أن قول النبي صلى الله عليه وسلم (¬3) قاض على فساد قولك، بقوله صلى الله عليه وسلم : (الماء لا ينجسه شيء إلا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه) (¬4) ، ينجسه وليس للمفعول (نسخة) للعقول مجال عند ورود الشرع؛ لأن المطهر للماء هو المنجس له على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم إذ الطاهر والنجس إسمان شرعيان، فالواجب علينا تسليم ما ورد الشرع (¬5) به وبالله التوفيق.
¬__________
(¬1) في (أ) رائحة.
(¬2) في (ج) تنجس.
(¬3) من (ج).
(¬4) رواه أحمد وأبو داود والترمذي بلفظ (الماء طهور لا ينجسه شيء) ورواه البيهقي بلفظ (إن الماء طهور إلا إن تغير ريحه أو لونه أو طعمه بنجاسة تحدث فيه) وقال الشافعي رضي الله عنه: (إنه إذا تغير طعم الماء أو ريحه أو لونه كان نجسا) وقال ابن المنذر: (قد أجمع العلماء على أن الماء القليل والكثير إذا وقعت فيه نجاسة فتغير له طعما أو لونا أو ريحا فهو نجس فالإجماع هو الدليل على نجاسة ما تغير أحد أوصافه.
(¬5) - من (ج).
Halaman 202