54

Jalis Salih

الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي

Penyiasat

عبد الكريم سامي الجندي

Penerbit

دار الكتب العلمية

Nombor Edisi

الأولى ١٤٢٦ هـ

Tahun Penerbitan

٢٠٠٥ م

Lokasi Penerbit

بيروت - لبنان

ثمَّ دخل فَخرج عَلَيْهِم شَرَابٌ فِيهِ إِنَاءٌ مِثْلُ الَّذِي كَانَ يخرج فِي كلي يَوْمٍ وَمِثْلاهُ مَعَهُ، فَشَرِبُوا حَتَّى رَوَوْا ثُمَّ دَخَلَ فَالْتَأَمَتِ الأَرْضُ، فَنَظَرَ أَحَدُهُمَا إِلَى صَاحِبِهِ فَقَالَ: مَا يُعْجِلُنَا؟ هَذَا طَعَامٌ وشرابٌ وَقَدْ عَلِمْنَا سَمْتَنَا مِنَ الأَرْضِ، امْكُثْ إِلَى الْعَشَاءِ فَمَكَثَا فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا فِي الْعَشَاءِ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ مِثْلُ الَّذِي خَرَجَ أَوَّلَ النَّهَارِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: امْكُثْ حَتَّى نُصْبِحَ، فَمَكَثَا فَلَمَّا أَصْبَحَا خَرَجَ إِلَيْهِمَا مِثْلُ ذَلِكَ، ثُمَّ رَكِبَا فَانْطَلَقَا، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَلَزِمَ بَابَ الْمَلِكِ حَتَّى كَانَ مِنْ خَاصَّتِهِ، وَأَمَّا الآخَرُ فَأَقْبَلَ عَلَى تِجَارَتِهِ وَعَمَلِهِ، وَكَانَ ذَلِكَ الْمَلِكُ لَا يَكْذِبُ أحدٌ فِي زَمَانِهِ مِنْ أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ كَذْبَةً تُعْرَفُ إِلا صَلَبَهُ، فَبَيْنَمَا هُوَ لَيْلَةً فِي السَّمَرِ فَحَدَّثُوا مَا رَأَوْا مِنَ الْعَجَائِبَ أَنْشَأَ ذَلِكَ الرَّجُلُ يحدث، فَقَالَ: لأحدثنك أَيهَا لملك بِحَدِيثٍ مَا سَمِعْتَ بِأَعْجَبَ مِنْهُ قَطُّ، فَحَدَّثَهُ بِحَدِيثِ الرَّجُلِ الَّذِي رَأَى مِنْ أَمْرِهِ، قَالَ الْمَلِكُ: مَا سَمِعْتُ بِكَذِبٍ قَطُّ أَعْظَمَ مِنْ هَذَا، وَاللَّهِ لَتَأْتِيَنِّي عَلَى مَا قُلْتَ بِبَيِّنَةٍ وَإِلا صَلَبْتُكَ، فَقَالَ: بَيِّنَتِي فُلانٌ، فَقَالَ: رِضًا ائْتُونِي بِهِ، فَلَمَّا أَتَاهُ، قَالَ الْمَلِكُ: إِنَّ هَذَا حَدَّثَنِي أَنَّكُمَا مَرَرْتُمَا بِرَجُلٍ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ كَذَا وَكَذَا، قَالَ لَهُ الرَّجُلُ: أَيُّهَا الْمَلِكُ: أَوَ لَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا كَذِبٌ، وَهَذَا مِمَّا لَا يَكُونُ، وَلَوْ أَنِّي حَدَّثْتُكَ بِهَذَا لَكَانَ عَلَيْكَ مِنَ الْحَقِّ أَنْ تَصْلُبَنِي، قَالَ: صَدَقْتَ وَبَرَرْتَ، فَأَدْخَلَ الَّذِي كَتَمَ فِي خَاصَّتِهِ وَسَمَرِهِ وَأَمَرَ بِالآخَرِ فَصُلِبَ، فَقَالَ النَّبيّ ﷺ: " فَأَمَّا الَّذِي كَتَمَ عَلَيْهِ فَقَدْ أَكْرَمَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَهُوَ مكرمه فِي الآخِرَةِ " ثُمَّ نَظَرَ بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزْنِيُّ إِلَى ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ فَقَالَ: يَا أَبَا الْمُثَنَّى: أَسَمِعْتَ جَدَّكَ أَنَسًا يُحَدِّثُ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؟ قَالَ: نَعَمْ. بدءُ أَمر الْخضر ﵇ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر بْن أبي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مِهْرَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَامِرُ بْنُ فُرَاتٍ، عَنْ أَسْبَاطٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَالَ: كَانَ مَلِكٌ وَكَانَ لَهُ ابْنٌ يُقَالُ لَهُ الْخَضِرُ، وَإِلْيَاسُ أَخُوهُ - أَوْ كَمَا قَالَ - فَقَالَ إِلْيَاسُ لِلْمَلِكِ: إِنَّكَ قَدْ كَبِرْتَ وَابْنُكَ الْخَضِرُ لَيْسَ يَدْخُلُ فِي مُلْكِكَ، فَلَوْ زَوَّجْتَهُ لِيَكُونَ وَلَدُهُ مَلِكًا بَعْدَكَ؟ فَقَالَ: يَا بُنَيَّ تَزَوَّجْ، فَقَالَ: لَا أُرِيد، قَالَ: لَا بُد لَكَ، قَالَ: فَزَوِّجْنِي، فَزَوَّجَهُ امْرَأَةً بِكْرًا، فَقَالَ لَهَا الْخَضِرُ: إِنَّهُ لَا حَاجَةَ لِي فِي النِّسَاءِ فَإِنْ شِئْتِ عَبَدْتِ اللَّهَ ﷿ مَعِي فَأَنْتِ فِي طَعَامِ الْمَلِكِ وَنَفَقَتِهِ، وَإِنْ شِئْتِ طَلَّقْتُكِ، قَالَتْ: بَلْ أَعْبُدُ اللَّهَ مَعَكَ، قَالَ: فَلا تُظْهِرِي سِرِّي فَإِنَّكِ إِنْ حَفِظْتِ سِرِّي حَفِظَكِ اللَّهُ، وَإِنْ أَظْهَرْتِ عَلَيْهِ أَهْلَكِ أَهْلَكَكِ اللَّهُ، فَكَانَتْ مَعَهُ سَنَةً لَمْ تَلِدْ، فَدَعَاهَا الْمَلِكُ فَقَالَ: أَنْتِ شَابَّةٌ وَابْنِي شَابٌّ فَأَيْنَ الْوَلَدُ وَأَنْتِ مِنْ نِسَاءٍ وُلَّدٍ؟ فَقَالَتْ: إِنَّمَا الْوَلَدُ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى، فَدَعَا الْخَضِرَ فَقَالَ: أَيْنَ الْوَلَدُ يَا بُنَيَّ، فَقَالَ: الْوَلَدُ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى، فَقِيلَ لِلْمَلِكِ: لَعَلَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ عَقِيمٌ لَا تَلِدُ، فَزَوِّجْهُ امْرَأَةً قَدْ وَلَدَتْ، فَقَالَ لِلْخَضِرِ: طَلِّقْ هَذِهِ، قَالَ: لَا تُفَرِّقْ بَيْنِي وَبَيْنَهَا فَقَدِ اغْتَبَطْتُ بهَا، فَقَالَ: لَا بُد، فَطَلَّقَهَا، ثُمَّ زَوَّجَهُ ثَيِّبًا، قَدْ وَلَدَتْ، فَقَالَ لَهَا

1 / 58