205

Jalis Salih

الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي

Editor

عبد الكريم سامي الجندي

Penerbit

دار الكتب العلمية

Nombor Edisi

الأولى ١٤٢٦ هـ

Tahun Penerbitan

٢٠٠٥ م

Lokasi Penerbit

بيروت - لبنان

عِمْرَانَ الطَّلْحِيُّ عَلَى قَضَائِهِ وَأَنَا كَاتِبُهُ، فَاسْتَعْدَى الْحَمَّالُونَ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فِي شَيْءٍ ذَكَرُوهُ، فَأَمَرَنِي أَنْ أَكْتُبَ إِلَيْهِ كِتَابًا بِالْحُضُورِ مَعَهُمْ أَوْ إِنْصَافِهِمْ، فَقُلْتُ: تُعْفِينِي مِنْ هَذَا فَإنَّهُ يَعْرِفُ خَطِّي، فَقَالَ: اكْتُبْ، فَكَتَبْتُ ثُمَّ خَتَمَهُ وَقَالَ: لَا يَمْضِي بِهِ وَاللَّهِ غَيْرُكَ، فَمَضَيْتُ بِهِ إِلَى الرَّبِيعِ وَجَعَلْتُ أَعْتَذِرُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: لَا بَأْسَ عَلَيْكَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ بِالْكِتَابِ، ثُمَّ خَرَجَ الرَّبِيعُ فَقَالَ لِلنَّاسِ - وَقد حَضَره وُجُوهُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالأَشْرَافُ وَغَيْرُهُمْ -: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَقْرَأُ عَلَيْكُمُ السَّلامَ وَيَقُولُ لَكُمُ: " إِنِّي قَدْ دُعِيتُ إِلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ، فَلا أَعْلَمَنَّ أَحَدًا قَامَ إِلَيَّ إِذَا خَرَجْتُ أَوْ بَدَأَنِي بِالسَّلامِ "، ثُمَّ خَرَجَ وَالْمُسَيَّبُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَالرَّبِيعُ وَأَنَا خَلْفَهُ، وَهُوَ فِي إزارٍ ورداءٍ، فَسَلَّمَ عَلَى النَّاسِ فَمَا قَامَ إِلَيْهِ أَحَدٌ، ثُمَّ مَضَى حَتَّى بَدَأَ بالقبر فَسلم عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﵌، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى الرَّبِيعِ فَقَالَ: يَا رَبِيعُ! وَيْحَكَ أَخْشَى إِنْ رَآنِي ابْنُ عِمْرَانَ تَدْخُلُ قَلْبَهُ هيبةٌ فَيَتَحَوَّلُ عَنْ مَجْلِسِهِ، وَبِاللَّهِ لَئِنْ فَعَلَ لاولي لِي وِلايَةً أَبَدًا، فَلَمَّا رَآهُ وَكَانَ متكأً أَطْلَقَ رِدَاءَهُ عَنْ عَاتِقِهِ ثُمَّ احْتَبَى بِهِ، وَدَعَا بِالْخُصُومِ الْحَمَّالِينَ، ثُمَّ دَعَا بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِ الْقَوْمُ فَقَضَى لَهُمْ عَلَيْهِ، فَلَمَّا دَخَلَ الدَّارَ قَالَ لِلرَّبِيعِ: اذْهَبْ فَإِذَا قَامَ وَخَرَجَ مَنْ عِنْدَهُ مِنَ الْخُصُومِ فَادْعُهُ، فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا دَعَاكَ إِلا بَعْدَ أَنْ فَرَغَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ جَمِيعًا، فَدَعَاهُ فَلَمّا دَخَلَ عَلَيْهِ سلّم، فَقَالَ: جَزَاكَ اللَّهُ عَنْ دِينِكَ وَعَنْ نَبِيِّكَ وَعَنْ حَسَبِكَ وَعَنْ خَلِيفَتِكَ أَحْسَنَ الْجَزَاءِ، قَدْ أَمَرْتُ لَكَ بِعَشَرَةِ آلافِ دِينَارٍ فَاقْبِضْهَا، فَكَانَتْ عَامَّةُ أَمْوَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ من تِلْكَ الصِّلَةِ.
الْبر بالْقُصَّادِ وَكَيف يَكُون
حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن الْقَاسِم الكوكبي، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْد اللَّه الْفَضْل بْن الْحَسَن الْأَهْوَازِي، قَالَ: قدِم إِلَى الأهواز رجلٌ من وُلِد الْحَسَن بْن سهل، حسن الْهَيْئَة وَالْأَدب، فَأخْبرنَا جماعةٌ من العراقَّيين أَنَّهُ كَانَ فِي نعمةٍ واسعةٍ فزالَتْ عَنْهُ، وَكَانَ قَصْدُه لِأَحْمَد بْن دِينَار، فَقبله أَحْمَد وقَالَ: الْزَمْني ووَعَدَهُ الإِحْسَان، وأجرى عَلَيْه وعَلى غُلام كَانَ مَعَه نُزُلا من خُبْز ولحمٍ وتَوَابِلَه مِقْدَار ثَلَاثَة دَرَاهِم، وقَالَ لَهُ: تمهَّلْني فإنّي فِي شغلٍ، فَإِذا انْكَشَفَ وَجْهي بَلَغْتُ لَك مَا تحبّ، فطال مقَامه وأُخْلِقَتْ أثوابُه، فَكتب إِلَيْهِ:
صَحِبتكُمُ عَامَيْن فِي حالِ عسرةٍ ... أُرَجِّي نَداكُمْ والظُّنُونُ فُنُونُ
فَمَا نلتُ مِنْكُم طائلا غَيْر أَنني ... تعلمتُ حَال الْفقر كَيفَ تكون
فوصلت الرقعة إِلَى أَحْمَد بْن دِينَار، وَكَانَ يَعْقُوب بْن إِسْحَاق اليزيدي حَاضرا، فَقَالَ: لِمَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: لرجلٍ من وُلِد الْحَسَن بْن سهل، قَالَ لَهُ: وَهُوَ مقيمٌ عنْدك نَحوا من حَوْلين، قَالَ: قريب من ذَلِكَ، فَانْصَرف أَبُو يُوسُف ووجّه إِلَى الرَّجُل فَأحْضرهُ وَدفع لَهُ بِمِائَة دِينَار، وقَسَّط لَهُ عَلَى جمَاعَة من الْوُجُوه أَرْبَعَة آلَاف دِرْهَم، وَكتب لَهُ إِلَى بزازٍ كَانَ

1 / 209