Irshad
الإرشاد إلى نجاة العباد للعنسي
وأما معرفة الدنيا
فهي أن تعرف أنها دار سرور وشرور، ودار نصيحة وغرور، ودار بلاء ونعماء، ودار منفعة ومضرة، ودار التكليف، وطريق المحل الشريف، ومزلة القدم، ومنهج جلائل النعم، فهي جامعة للخير والشر، والنفع والضر، إن ابتغيتها وتبعتها غرتك، وإن نبذتها وأنأيتها نصحتك وسرتك، فهي طريق الجنة لمتخذها طريقا، ومنهج النار لمن كان لها عشوقا، وهي على حالة واحدة في الزوال والانفصال، والتغير من حال إلى حال، وقد ورد فيها المدح والذم على المعنى الذي ذكرناه، قال تعالى:{[اعلموا] أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة}(1)
الآية فهذا ذم لها وقال: {ولا تنس نصيبك من الدنيا}(2) بين أن فيها حظا حسنا.
وقال: {فلا تغرنكم الحياة الدنيا}(3) الآية وفيه معنى الحظر والكراهة، وذلك لأنها جامعة للأمرين جميعا، والسنة واردة بذلك قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (لاتسبوا الدنيا فنعمت مطية المؤمن، عليها يبلغ الخير، وبها ينجو من الشر، إنه إذا قال العبد: لعن الله الدنيا. قالت الدنيا: لعن الله أعصانا لربه) (4).
وعلى هذا المعنى قال الشاعر:
يقولون الزمان به فساد وهم فسدوا وما فسد الزمان
فهذا مدحها من النبي صلى الله عليه وآله وسلم المختار وآله الأطهار، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى الكافر منها شربة ماء)(5) وهذا تحقير لحالها.
Halaman 307