علما، وأكيسهم نظرا وتحقيقا، وأعرفهم بالعقل والنقل بحثا وتعميقا، وأنصفهم لخلق، وأنطقهم بالصدق والحق، وأبعدهم من قول الخلاف، والقليل والكثير من الاسراف، لأنهم خلف لخير سلف.
والذي يدل على ذلك ويوضحه: أن المعلوم من علماء السنة وغيرهم انهم يحيدون عن مباحثة الامامية ومجادلتهم، وينهى بعضهم بعضا عن ذلك وعن مخالطتهم، ومنهم من يخرم ذلك ومجالستهم، وليس لذلك سبب إلا علمهم بأن حجتهم ظاهرة مشهورة، وبراهينهم قاهرة لا مقهورة، وإلا فما كان لهذا التشديد معنى ولما رأوا أن كل من باحث الامامية منهم ومن غيرهم وجادلهم أو خالطهم رجع إلى مذهبهم الأسنى، شددوا هذا التشدد، وحرموا التقرب(1)، وأوجبوا التبعد، ولو فرض أن المباحث للامامية والمخالط لهم لم يرجع عن مذهبه، اتهمه أصحابه بالانتقال إلى الإمامية، وأكثروا عليه الذم في القول والنية، وهذا معلوم مشاهده لكل من اطلع على تلك الأحوال.
ومصداق ما قلناه: كلام ابن تيمية هذا، الذي لم يقصد به إلا التنفير عن الامامية وعن مباحثتهم، وعن النظر في كتبهم، ومجادلتهم ومخالطتهم، وكراهة ذلك كله من غير الإمامية للامامية معلومة لكل عاقل بلا روية، إذا تصفح أحوال الفريقين.
اما الاثنى عشرية فالمعلوم من حالهم، محبتهم للمباحثة مع مخالف، والمجادلة لكل عارف، وإيثارهم لذلك في كل وقت حادث وسالف، ويحرمون
Halaman 73