وعلى آله ما اختلف الملوان حيث يقول: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ" ١، ويقول: "خير القرون قرني"٢ ثم تأتي هذه الحثالة بهذه الجهالة بعد مضي القرون الفاضلة وذهاب الأمم الفاضلة فيجعلون القبور أوثانًا، وأموالهم لها نذرًا وقربانًا، وينبذون وراء ظهورهم سنة وقرآنًا، ويأتون بهذه البدع التي تقشعر منها الجلود وبهذه الكذبات على عباد الله التي ضمتهم بطون اللحود؛ كقولهم إنَّ هذا الحنفي قال في مرض موته: إنَّهم يأتون لحاجتهم إلى قبره وإنَّه لا يحجبه عنهم ذراع من تراب فإنْ كان هذا كذبًا عليه فقد خاب من افترى، وإن كان قاله فما على المريض حرج، فإنَّه يحصل الهذيان للمرضى، ويأتون من الأقوال والأفعال بما لا يُرضى.
ويا عجباه هذا رسول الله محمد بن عبد الله ﵌ يقول يوم القيامة وهو على حوضه ورأى جماعة من أصحابه يذادون عن الحوض فيقول: "أصحابي! أصحابي! فيقال له: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك. فيقول سحقًا سحقًا. لمن بدل بعدي" ٣، فلم يعرف ﵌ تبديل من بدل إلا يوم القيامة وهؤلاء يقولون: لا يحجب الولي عن أصحابه ذراع من تراب؛ بل يعلم بأصحابه ويقضي
_________
١ جزء من حديث العرباض بن سارية وتقدم تخريجه في صدر هذه الرسالة.
٢ رواه البخاري (٧/٣ فتح) ومسلم (٤/١٩٦٣) من حديث عبد الله بن مسعود ﵁، ولفظه: "خير الناس قرني "
٣ رواه البخاري (١٣/٣ فتح) ومسلم (٤/١٧٩٣) من حديث سهل بن سعد ﵁، وفي الباب أحاديث أخرى عديدة عن أنس وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري وغيرهم.
1 / 109