يريدون وتنقاد لهم الأكوان وما فيها كما يشاؤن، وربنا ﷻ يقول لأشرف مخلوقاته: ﴿قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَاشَآءَ اللهُ﴾ ١ ويقول له أنْ يقول: ﴿قُلْ لاَأَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ الله وَلاَ أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلاَأَقُولُ لَكُمْ ٢ إِنِّي مَلَكٌ﴾ ٣، وهؤلاء الجهلة قالوا: الولي يقول للشيء كن فيكون فزاد على رتبة الملائكة ورتبة الأنبياء وصاروا أربابًا؛ بل جعلوا الملائكة الأربعة أبعاضًا للقطب كما أسلفنا الإشارة إليه٤.
واعلم أنَّ التوسل بالمخلوقين إلى رب العالمين هي طريقة الصابئة
أحد الفرق الست التي عدهم الله في سورة الحج حيث قال: ﴿إِنَّ الذِينَءَامَنُوا وَالذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالذِينَ أَشْرَكُوا﴾ ٥ وذكرهم الله في آيات تضمهم إلى أهل الكتاب كما حققه الأئمة من أهل الملل والنحل كعبد الكريم الشهرستاني٦ وغيره.
_________
١ سورة الأعراف، الآية ١٨٨.
٢ "لكم" ساقطة من الأصل.
٣ سورة الأنعام، الآية ٥٠.
٤ ص: (٥٤) .
٥ سورة الحج، الآية ١٧.
٦ ومن ذلك ما نقله الشهرستاني في الملل والنحل (٢/٣٢) عن الصابئة أنَّهم قالوا:
"طريقنا في التوسل إلى حضرة القدس ظاهر، وشرعنا معقول، فإنَّ قدماءنا من الزمان الأول لما أرادوا الوسيلة عملوا أشخاصًا في مقابلة الهياكل العلوية على نسب وإضافات راعوا فيها جوهرًا وصورة، وعلى أوقات وأحوال وهيئات أوجبوا على من يتقرب بها إلى ما يقابلها من العلويات: تختم ولباسًا، وتبخرًا ودعاء وتعزيمًا، فتقربوا إلى الروحانيات، فتقربوا إلى رب الأرباب، ومسبب الأسباب، وهو طريق متبع، وشرع ممهد، لا يختلف بالأمصار والمدن، ولا يتسخ بالأدوار والأكوار. ونحن تلقينا مبدأه من عاذيمون وهرمس العظيمين، فعكفنا على ذلك دائمين".
1 / 101