يسرُّه أن يرجع إلى الدنيا وله عشرة أمثالها إلا الشهيد فإنَّه ودَّ لو رُدَّ إلى الدنيا عشر مرات فاستشهد لما يرى من فضل الشهادة" ١. والأحاديث كثيرةٌ بأنَّ الشهداء لا يرجعون إلى الدنيا ولا يقاتلون ولا يقتلون؛ بل يحبون ذلك وأجاب الله بأنَّهم إليها لا يرجعون. فاعجب لدعوى المجيب، ثم أيُّ حاجة له إلى إثبات عود الشهداء إلى الدنيا يقاتلون فيها مع أنَّ الكرامة عنده ثابتةٌ للموجود والميت المفقود.
قوله: "وأما الأولياء.. إلىقوله: والدليل على جوازها أنَّها أمورٌ ممكنةٌ".
أقول: قدمنا لك أنَّ إمكان الشيء ودخوله تحت القدرة الإلهية لا يستدل أحدٌ به بوقوع الممكن فما كلُّ ممكن واقع، وقدمنا لك الأدلة على هذا فلا نعيدها.
قوله: "وعلى الوقوع".
أقول: أي: والدليل على وقوع الكرامة للأولياء قصة مريم، وأنَّ الله كان يأتيها بفاكهة الشتاء في الصيف وفاكهة الصيف في الشتاء وهذا قد نطق به التنزيل فكذلك ما ذكره من القصص الواقعة للصحابة٢.
_________
١ رواه أحمد (٣/٢٥١) والبخاري (٦/١٤ فتح) ومسلم (٣/١٤٩٨) واللفظ لأحمد. وقع في الأصل: "من أخذ من أهل الجنة يسر أن يرجع ... " وهو تصحيف.
٢ قال شيخ الإسلام: "وكرامات الصحابة والتابعين بعدهم وسائر الصالحين كثيرة جدًّا ... وأطال في ذكر جملة منها ثم قال: وهذا باب واسع، وقد بسط الكلام على كرامات الأولياء في غير هذا الموضع، وأمَّا ما نعرفه نحن عيانًا ونعرفه في هذا الزمان فكثير". الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان (ص:٣٠٠- ٣٢٠) .
وقد بسط ﵀ في كتابه هذا القول في الفرق بين الكرامات الإيمانية وبين الأحوال الشيطانية مما يميز به المرء المسلم بين الخبيث والطيب، والهدى والضلال، وهو كتاب عظيم القدر جليل الفائدة ينبغي قراءته لمن أراد معرفة الحقّ والصواب في هذا الباب.
1 / 86