واعلم أنَّ إعطاء الله المؤمن الكرامات بإجابة الدعوات وتيسير الطلبات [وتسهيل المتعسرات وتخفيف المشقات] أمر [حق] لا شك فيه، [ولا يخالف فيه مؤمن، إذ كلُّ مؤمن قد جرب من إجابة الدعوات وتيسير الطلبات أمر لاشك فيه] ١ ولكن هذا لا يختص به طائفةٌ معينةٌ، بل هو حاصلٌ للمؤمنين إذا أخلصوا النيات، وأقبلوا على الله تعالى إقبال صدقٍ وثباتٍ ووثوقٍ بتيسير المطلوبات، ومراعاةً لمواقع الإجابات٢، فإنَّه تعالى خاطب جميع المؤمنين بقوله: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ ٣، وبقوله: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ...﴾ ٤ الآية، لكن إعطاؤه تعالى للمطلوب وتفريجه عن المكروب يتوقف على مشيئته وحكمته، فقد لا يُعَجِّل للعبد ما أراده، إذ قد يكون فيه هلاكه في دينه أو في دنياه قال تعالى: ﴿عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَآءُ لِمَن نُّرِيدُ﴾ ٥ وثبت في الأحاديث أنَّ للدعوة ثلاثَ حالاتٍ:
إما أنْ يعجلها الرب، أو يدخرها لعبده ليوم القيامة، أو يعطيه خيرًا مما سأل. وفي رواية: أو يكفر عنه بها٦.
_________
١ ما بين المعكوفتين زيادة من (ب) .
٢ في (أ) "الإحسان".
٣ سورة غافر، الآية ٦٠.
٤ سورة البقرة، الآية ١٨٦.
٥ سورة الإسراء، الآية ١٨.
٦ روى الإمام أحمد (٣/١٨) والحاكم في المستدرك (١/٤٩٣) عن أبي سعيد الخدري أن النبي ﷺ قال: "ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته وإما أن يدخرها له في الآخرة وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها، قالوا: إذًا نكثر، قال: الله أكثر". وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
وأورده الهيثمي في المجمع (١٠/١٤٨) ثم قال: "رواه أحمد وأبو يعلى بنحوه والبزار والطبراني في الأوسط، ورجال أحمد وأبي يعلى وأحد إسنادي البزار رجاله رجال الصحيح غير علي بن علي الرفاعي وهو ثقة".
1 / 64