وأما قوله: ولا أرى بأسا في اعتقاد أحد طرفي النقيض في هذه المسألة فغير مقبول اتفاقا، بل قد قد زاد به على ما ذكره الشعراني في ميزانه فإنه إنما ادعى هذه المسألة ذلك في المسائل الفرعية بناء منه على أن كل مجتهد مصيب، وإن كان في بعض المواضع قد تهور وتطور، لكن هذا هو مرمى مرامه العجيب، ثم أنا لو سملنا للمعترض أن الكشف الذي يدعونه لا يكون إلا مطابقا للواقع ولما هو الحق عند الله تعالى لكان هذا بعينه هو جوابنا عليه وعلى أمثاله ممن يدعي الكشف فيما يطابق مراده ويلائم هواه واعتقاده، فنقول: أن جميع ما تدعونه من الكشف إن طابق ام يثبت عندنا بالدليل من العقل أو من النقل فهو من هذه الجهة والحيثية غير مردود لو ثبت، لكنه لا حاجة بنا حينئذ إليه ولا دليل لنا عليه، والمدعي له منسدة عليه الطريق بالدور المحال من خلفه وبين يديه وإن لم يطابق ما ثبت لنا بأحد الدليلين المذكورين كان مطرودا عن البين غير منظور فيه إلى الأثر، ولا إلى العين.
فإن قال: هل هو مقبول لزم ما مر ذكره من حقية المتناقضين، ثم إنا لو فرضنا أن المؤلف رحمه الله تعالى قال آخر لثبوت الكشف وادعاه في هذا المطلوب الذي أورده المعترض، هذه القسمة المذكورة روما لابطاله للزم الممعترض صحته من أنه ثابت بالكشف، ولو بمجرد الدعوى المذكورة، هذا وقد ادعى ابن عربي نقله عن الشعراني في كتابه اليواقيت والجواهر أنه أدرك الحق في مسألة الأفعال بالكشف بعد محاولة ذلك مدة مديدة.
وادعى الغزالي في كتابه المنقذ من الضلال كما نقله عنه شيخنا رحمه الله تعالى في حاشيته على شرح العضد للمختتصر الحاجبي أنه أدرك بالكشف أن الإيحاء من الله تعالى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنما كان بطريق الإلقاء في روعة.
قال الغزالي: أنه استفاد ذلك كشفا بعد وقوفه تحت الصخرة إحدى عشر سنة.
Halaman 395