347

Ihtiras

الاحتراس عن نار النبراس المجلد الأول

Genre-genre

فإن قلت: أن المعترض يقول: بأن الكشف لا يكون إلا مطابقا للواقع ونفس الأمر وما هو الحق عند الله تعالى لا مطلقا، فلا يتأتا عنده الكشف المفروض هنا، وحينئذ فلا يرد عليه ما ذكرتم وهو واضح.

قلت: هذا باطل؛ لأنهم لم يخصصوا الكشف بمواضع الاتفاق دون مواضع الخلاف، بل اطلقوا الدعوى، بل ادعاه بعضهم بالفعل فيما وقع بينهم وفيه الخلاف، ولهذا افتقر عبد الوهاب الشعراني حين استشعر ذلك إلى أن يدعي في كتابه المسمى بالميزان أن جميع المذاهب الأربعة آخذة من عين الشريعة فهي مع الاختلاف فيها مطابقة لما هو الحق في نفس الأمر، وزعم أنه أدرك ذلك بالكشف والاجتهاد، وصرح بمثل ذلك في كتابه المسمى باليواقيت والجواهر في عقائد الأكابر، وأنا قد طالعت نسخته التي هي بخط يده فرأيت عجائب لهؤلاء الأكابر.

وأما ميزانه المذكور فقد بناه على ذلك ومؤدى كلامه أن كشف الشافعي بمقتضى مذهبه صحيح، وكشف الحنفي بمقتضى مذهبه صحيح أيضا، وكلها عجائب في عجائب، بل كما قيل:

على أنها الأيام قد صرن كلها ... نجائب حتى ليس فيها عجائب

وقال الجلال الدواني في بحث الصفات الإلهية من شرحه على العضدية ما نصه: وقد سمعت بعض الأصفياء أنه قال عندي: أن زيادة الصفات وعدم زيادتها........ مما لا يدرك بالكشف ومن اسنده على الكشف فإنما يترآى له ما كان غالبا على اعتقاده بحسب النظر الفكري ولا أرى بأسا في اعتقاد أحد طرفي النفي والاثبات في هذه المسألة، انتهى بحروفه.

Halaman 393