قلت: إنك أذكرتني الآن؛ فإن «غاندي» كان نباتيا أيضا، وتزوج عن حب، ولكنه عندما بلغ سن الرابعة والثلاثين انفصل عن زوجته، وصار ينام وحده في غرفة أخرى.
قال: ولماذا؟
قلت: لأنه رأى أن يتزوج الهند، وأن يغرم بالإنسانية، وأن يأرق في الليل فيذكر استقلال الأمم ومكافحة الاستعمار، أليس في هذا الغرام ما يعلو على الغرام بين رجل وامرأة؟
قال: ولماذا لا يجمع بين الاثنين؟
قلت: لأنه لا يستطيع أن يعبد ربين ويصلي في معبدين.
قال: ولكن «غاندي» شاذ.
قلت: إنه فذ، وعصرنا بمشكلاته العديدة وما تجر في أثرها من كفاح واستمتاع، يغرينا بالحب للإنسانية، ويطالبنا بالأفذاذ، ونحن نحس أن وجودنا يتزايد بهذا الحب أكثر مما يتزايد بالحب للمرأة؛ لا، بل إن اهتماماتنا الإنسانية وانكبابنا على الدرس والكفاح يرتفع بنا إلى درجة من النضج تجعلنا نحدد ونقيد استمتاعاتنا بالحب للجنس الآخر، ألم تسمع عن «هافلوك إليس»؟
قال: وماذا في «هافلوك إليس»؟
قلت: إنه رجل أرصد نفسه للفلسفة والعلم، وقد أخرج في بداية هذا القرن نحو أربعين مؤلفا في مختلف العلوم، ولم يكن يؤلفها، وإنما كان يرأس تحريرها ويوجه مؤلفيها، وكان يهدف من ذلك إلى أن يصوغ الذهن الأوربي كي يفكر التفكير العلمي، وقد نجح، ثم هو أيضا أول رائد للبحوث الجنسية وتشريح الحب أو تأليفه، ومؤلفاته حجة لمن يدرسون هذه الموضوعات.
فقال سكرتير التحرير: وأين كل هذا من ضرورة احتواء القصة للحب؟!
Halaman tidak diketahui