قلنا: الصفات عين الذات لما قدمناه، ولا يلزم من ذلك ما ذكرتموه من اتصاف الشيء بنفسه، لأن هذه الصفات لها معان اعتبارية، وللذات كمالات ذاتية، لا يدل عليها لفظ الذات، ولكل واحد من تلك الكمال[ات] معنى اعتباري، يعبر عنه بالصفة، فالصفات عبارة عن المعاني الاعتبارية الدالة على الكمالات الذاتية؛ فبهذا الاعتبار لم يكن قولنا: الله قدير، بمنزلة قولنا: ذاته ذاته، لما في قولنا قدير من التعبير عن المعنى الاعتباري المفيد للكمال الذاتي.
حاصل ما في المقام أن ذاته تعالى متصفة بالكمالات الذاتية، قائمة مقام ذات وصفة، أي غنية بنفسها عن غيرها. والله أعلم.
ولنا في أن صفاته تعالى الذاتية عين ذاته، أنه لو كانت صفاته الذاتية غير ذاته تعالى للزم عليه:
إما أن تكون مقارنة لذاته تعالى في الوجود، فيلزم عليه تعدد القدماء، وهو باطل قطعا.
وإما أن تكون سابقة على ذاته تعالى في الوجود، فيلزم عليه حدوث الذات العلية، وهو باطل أيضا.
وإما أن تكون موجودة بعد الذات العلية، فيلزم عليه أن يكون الله عز وجل قبل حدوثها غير متصف بهذه الكمالات، فيكون غير قادر وغير عالم إلى آخرها، وهو باطل قطعا.
قلت: وعليه يلزم أن يقعوا فيما فروا عنه، وهو تعطيل الذات عن الصفة، إلى أن كانت واتصفت، وهذا عين المحال، وسيأتي سرد مبسوط عليهم في موضعه إن شاء الله تعالى.
وقوله: «مبينا لمعتقدنا»، أي موضحا كاشفا لمعتقدنا، فالإضافة هنا للتخصيص، والمعتقد - بفتح القاف - بمعنى الاعتقاد، وهو الحكم الجازم المطابق للواقع، فخرج بذلك الظن، وهو رجحان المعنى المدرك، فهو لا يجزي في الاعتقاد.
Halaman 57