قلت: يعني بقوله: «خلافا للمعتزلة...» إلخ، أي المعتزلة كأصحابنا يعتقدون في صفات الله تعالى الذاتية أنها عين ذاته تعالى، أي أن مدلول صفات الله الذاتية هي نفس ذاته تعالى، فليست بمعان لها حقيقة في الخارج قائمة بذات الله تعالى، بل إن المراد بها نفي أضدادها، فالله عز وجل عليم بذاته، لا بعلم هو غيره، أي ذاته عز وجل منكشفة لها المعلومات انكشافا تاما، غير محتاجة في ذلك الانكشاف إلى واسطة بينها وبين المعلوم، كما زعم الغير، وأنه تعالى سميع بذاته لا بسمع مركب فيه أو زائد عليه، أي ذاته تعالى منكشفة لها المسموعات انكشافا تاما، غير محتاجة في ذلك الانكشاف إلى واسطة بينها وبين والمسموعات، كما زعم الغير، وهكذا في جميع صفات الله سبحانه وتعالى الذاتية.
ولما كان اعتقاد القوم في الصفات الذاتية أنها معان حقيقية، زائدة عن الذات العلية، قائمة بها قياسا للغائب على الشاهد، جعلوا من قال بخلاف قولهم هذا، كالمعتزلة، والأصحاب رحمهم الله تعالى، أنهم معطلون صفات الله تعالى الذاتية، فقالوا: إنه يلزم على هذا التقدير -أي تقدير الأصحاب والمعتزلة، أنها ليست بزائدة على الذات- نفي الصفات الذاتية.
قلنا: لا يلزمنا ذلك لأنا إنما ننفي الزيادة على الذات، لا نفس الصفات.
قالوا: الزائد الذي نفيتموه هو نفس الصفات، إذ لا يصح أن تكون الصفات عين الذات، فلو كان ذلك كذلك لما كان لاتصاف الذات بالصفات معنى، لأنه من اتصاف الشيء بذاته، فيكون قولنا: الله قادر، بمعنى قولنا: ذاته ذاته، ولا شك أن كل عاقل ينكر تساويهما.
Halaman 56