باب معرفة حد الاسم والفعل والحرف
قد حد النحويون هذه الأشياء على ضروب. وذكر كلها يطول ويطيل الكتاب، وقد شرطنا الاختصار والإيجاز، فنذكر أجود ما قيل في ذلك، والمختار منه، وما يلزم من خالف، وما اخترناه، وبالله التوفيق.
حد الاسم
الاسم في كلام العرب ما كان فاعلًا أو مفعولًا أو واقعًا في حيز الفاعل والمفعول به. هذا الحد داخل في مقاييس النحو وأوضاعه، وليس يخرج عنه اسم البته. ولا يدخل فيه ما ليس باسم، وإنما قلنا في كلام العرب، لأنا له نقصد، وعليه نتكلم، ولأن المنطقيين وبعض النحويين قد حدوه حدًا خارجًا عن أوضاع النحو، فقالوا: الاسم صوت موضوع دال باتفاق على معنى غير مقرون بزمان. وليس هذا من ألفاظ النحويين ولا أوضاعهم، وإنما هو من كلام المنطقيين وإن كان قد تعلق به جماعة من النحويين. وهو صحيح على أوضاع المنطقيين ومذهبهم لأن غرضهم غير غرضنا، ومغزاهم غير مغزانا، وهو عندنا على أوضاع النحو غير صحيح، لأنه يلزم منه أنه يكون كثير من الحروف أسماء، لأن من الحروف ما يدل على معنى دلالة غير مقرونة بزمان، نحو إن ولكن وما أشبه ذلك.
فإن قال المحتج منهم: هذا غير لازم لأنا إذا قلنا "زيد" فقد دل على مسمى تحته دلالة غير مقرونة بزمان، وإذا قلنا "أن ولكن" لم يدل على شيء؛ ولم
1 / 48